|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
my rating |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
9933910787
| 9789933910785
| 9933910787
| 4.37
| 49
| Jan 01, 2012
| Jan 01, 2012
|
it was amazing
|
مذكرات زاهر جبارين.. من مؤسسي كتائب القسام في الضفة الغربية، والأسير المحرر في صفقة شاليط، وهو الآن مسؤول الضفة في حركة حماس بعد اغتيال الشيخ صالح الع
مذكرات زاهر جبارين.. من مؤسسي كتائب القسام في الضفة الغربية، والأسير المحرر في صفقة شاليط، وهو الآن مسؤول الضفة في حركة حماس بعد اغتيال الشيخ صالح العاروري مذكرات مختصرة مركزة، مهمة ومشوقة في الوقت نفسه، وأهم ما فيها تقييمها المتزن الرصين للعمليات التي نفذتها المقاومة، وعلى حد ما أذكر فليس لها نظير في هذا التقييم الموضوعي، إذ لا أتذكر أني قرأت مثل هذا في مذكرات أخرى.. ثم الفصل قبل الأخير عن أحوال الأسر والأسرى وتقييم الجهد المبذول باتجاه تحريرهم، ثم فصل ختامي عن الشهيد يحيى عياش، المهندس الأول وأسطورة المقاومة الفلسطينية. والسبب في ذلك أن المؤلف، زاهر جبارين، هو الذي ضمّ يحيى عياش إلى صفوف الكتائب، فوقع منه على كنز ثمين وأسطورة لا يبدو أنها تنتهي قريبا. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Sep 08, 2024
|
Paperback
| |||||||||||||||
B0DLT895TK
| 4.13
| 290
| Jan 01, 1996
| 1996
|
it was amazing
|
هذا واحد من أهم كتب المذكرات التي قرأتها الرجل الثاني -أو الثالث- في حركة فتح، وفي منظمة التحرير الفلسطينية، وهو علماني، وترأس الجهاز الأمني لفتح، وغال هذا واحد من أهم كتب المذكرات التي قرأتها الرجل الثاني -أو الثالث- في حركة فتح، وفي منظمة التحرير الفلسطينية، وهو علماني، وترأس الجهاز الأمني لفتح، وغالبا ما ترأس أيضا منظمة أيلول الأسود التي قامت بمهمات أمنية لم ترد حركة فتح ولا المنظمة أن تقوم بها بيدها لاعتبارات سياسية. وفيها عبر كثيرة ودروس نافعة ومراجعات صادقة، سواء أوافقنا على كثير من كلامه أو على قليل منه، لكن الرجل كتب كتابه الذي يعبر بحق عن تجربته وتجربة الحركة، وهذا هو دور القائد في توريث خبرته وتجربته.. وأتمنى لو أن كل كاتب وصاحب تجربة نحى في كتابته هذا المنحى، بدلا من مناحي التبرير والتغطية التي تحفل بها كتب السياسيين والقادة. وبالتأكيد فإنه لم يقدم كشفا شاملا، ولا أفصح بكل ما عنده، وقفز على أمور مهمة قدَّر أنها ليست مناسبة لروايتها.. ولكن ما بقي بين السطور مفيد ومهم، فضلا عما أفصح عنه بصراحة تستحق الإعجاب. وإن كان من شيء مؤسف، فهو أن الكتاب توقف عند نهاية السبعينات، ولقد كنت تواقا لقراءة ما كان سيكتب عن الثمانينات، وهو عقد عظيم في تاريخ القضية الفلسطينية. ولغة الكتاب جزلة رصينة أصيلة ممتعة.. تساعد على القراءة والاستمتاع بها. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Aug 26, 2024
|
Paperback
| |||||||||||||||||
9953500878
| 9789953500874
| 9953500878
| 3.96
| 442
| 2002
| 2012
|
liked it
|
لا ريب أن الدكتور محسن صالح من خبراء تاريخ القضية الفلسطينية، ولا ريب أني أنصح بقراءة كتابه هذا وسائر كتبه الأخرى.. بل إن عند الدكتور من العلم بتاريخ
لا ريب أن الدكتور محسن صالح من خبراء تاريخ القضية الفلسطينية، ولا ريب أني أنصح بقراءة كتابه هذا وسائر كتبه الأخرى.. بل إن عند الدكتور من العلم بتاريخ الإسلاميين في القضية ما ليس عند غيره، ودور مركز الزيتونة منذ نشأ ونضج يكاد يوازي دور مركز الأبحاث الفلسطينية في سالف عهده حين كان يديره المؤرخ المعروف أنيس صايغ.. وما يصدر عن مركز الزيتونة من دراسات ومن تقارير دورية ومن تقرير استراتيجي سنوي هو عمل عظيم يحفظ تاريخ القضية. وإذا ثبتنا هذه الفقرة الأولى، فيجب أن أقول بعدها: إن هذا الكتاب هو نوع من الكتابة "الدبلوماسية" للتاريخ.. وإني لأعجب مندهشا.. وهو اندهاش فيه من الإعجاب بقدر ما فيه من السخط بهذه القدرة على كتابة تاريخ للقضية لا يمس الأنظمة العربية بسوء، وهي المجرم الأول في حق القضية.. بل ولا يكاد يمس سلطة أوسلو بسوء وهي المجرم الثاني في تاريخ القضية!.. فكيف استطاع أحدهم أن يكتب تاريخا على هذه الشاكلة! إن هذا لشيء عجيب! إن قارئ هذا الكتاب سيخرج منه بفائدة مهمة وهي تنظيم المراحل التاريخية، وضبط المعلومات في أكثر من ملف، ولكنه لن يتمكن من "فهم" القضية الفلسطينية أبدا.. فكيف يمكنك أن تفهم قصة مظلوم، توزع ظلمه بين سبعة أطراف، إذا كان الذي يروي لك القصة قد اختار أن يكون دبلوماسيا مع ستة منهم؟!.. ربما قدَّر الدكتور المؤلف أن معرفة القضية وأصلها من خلال تاريخ دبلوماسي ناعم خير من كتابة تاريخ أقرب إلى الحقيقة في كتاب يُمنع من النشر في العواصم العربية كلها.. لعل هذا هو ما كان! فالكتاب حقا ينشر في سائر العواصم العربية لأنه لا يمس أيا منها بسوء، ولكن لئن تحققت هذه النتيجة، فإن الخسارة متحققة في وعي هذا القارئ وعقله.. فإنه لن يفهم القضية ولن يعرف الحل أبدا. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Aug 26, 2024
|
Paperback
| |||||||||||||||
9953361037
| 9789953361031
| 9953361037
| 4.05
| 3,656
| 2010
| 2010
|
really liked it
|
كتاب لطيف جدا.. الوزير المرافق هو الذي يكون في وفد الأمير أو الملك إذا زار دولة أخرى، أو يكون في وفد استقبال رئيس أو ملك يزور دولته.. وهنا ترك الوزير ا كتاب لطيف جدا.. الوزير المرافق هو الذي يكون في وفد الأمير أو الملك إذا زار دولة أخرى، أو يكون في وفد استقبال رئيس أو ملك يزور دولته.. وهنا ترك الوزير السعودي غازي القصيبي انطباعاته وبعض القصص الطريفة عن الزعماء والملوك والرؤساء الذين رآهم أثناء كونه وزيرا مرافقا ضمن الوفد السعودي، أو وزيرا مرافقا ضمن وفد أجنبي يزور السعودية. من زعماء العرب الذين حضروا قمتي فاس 1981، 1982 إلى القذافي في خيمته، إلى عيدي أمين طاغية أوغندا، إلى فرنسوا ميتران، إلى أنديرا غاندي، إلى ملكة بريطانيا إلى المستشار الألماني إلى الحبيب بورقيبة إلى نيكسون وكيسنجر ثم كارتر وبريجينسكي.. مواقف ولقطات طريفة. وأجمل ما في الكتاب أن صاحبه ذا قلم بليغ، وهو شاعر وعلى معرفة بالشعر العربي القديم، وما أجمل الكتاب الذي يكتبه ذو قلم أديب! كما أنه رجل عاقل وفيه إنصاف، ولا ننسى بطبيعة الحال أنه وزير سعودي.. فعلينا أن ننظر إلى آرائه بحسب ما تسمح به هذه الزاوية من النظر والتفكير. تلك اللقطات المنزوية في كتب المذكرات، والتي لا تبرز في كتب التاريخ العام ولا في الدراسات الأكاديمية، قادرة على كشف بعض الزوايا المظلمة من الشخصيات التي صنعت الواقع والتاريخ، وقد ابتليت أمتنا في عصور ضعفها بعدد من الرؤساء والأمراء الذين سنختلف الآن في تقييمهم كثيرا، بينما سيراهم المؤرخ بعد قرنين أو ثلاثة مجموعة من الخونة والمخابيل والمجانين.. إن المعاصرة حجاب، وإن السلطة حاضرة الآن كسوط يراقب ويعاقب كتبة التاريخ، وإن الموقف الذي يساق الآن باعتباره حكمة وعمقا، سيراه المؤرخ حين ترتفع الحجب والأسواط والمراقبة والمعاقبة على حقيقته المجردة: إن حسنا فحسن، وإن سيئا فسيئا. أضرب مثالا بسيطا.. الوزير غازي القصيبي هنا لا بد أن تخرج منه صورة السياسة السعودية وأصحابها كأحسن ما يكون حكمة وسياسة.. غير أن المتحرر من هذه الزاوية من التفكير سيرى فيها سفاهة نادرة.. فالأمير السعودي يأتيه الأمريكي والليبي والسوري والعراقي والأوغندي -وفيهم الأعداء الصرحاء- فيطلبون منهم الأموال، ثم يعودون بما طلبوا.. وتلقى على الأمير اقتراحات غبية مجنونة سفيهة وأحيانا مهينة ومذلة، والأمير لا يعدو أن يحتفظ بهدوء أعصابه ويحسن التخلص من الموقف! مثلا: مبعوث أمريكي قال للأمير فهد (الملك فيما بعد) عليكم أن تنشؤوا في أمريكا خزانات ضخمة للبترول على حسابكم، ثم تملؤونها ببترولكم، حتى إذا عنت لكم أن تتخذوا موقفا بحظر النفط اتخذتموه كما شئتم دون أن نتأثر بذلك!!.. ويسمع الأمير هذا الاقتراح المذل المهين، ويقول: سنفكر!.. ويسوق لك المؤلف هذا الموقف على اعتبار أنه حكمة واتساع صدر وطول بال! وكان القصيبي يتفاجأ إذا زار المملكة أحدٌ ولم يطلب منهم أموالا.. تفاجأ في هذا الكتاب مرتين؛ مرة من أنديرا غاندي ومرة من فرنسوا ميتيران.. كأنما السعودية مخزن مال لمن لا مال له! فوجئت فعلا أن المبادرة العربية التي اقترحها الملك عبد الله في قمة بيروت 2002 هي ذاتها مبادرة فهد في عام 1980.. حرفا بحرف، لم أكن أعرف مبادرة فهد من قبل، ولا أدري كيف فاتني ذلك. أعرف أن الملوك يطمسون ذكر أسلافهم، لكن إلى هذا الحد؟!.. إلى حد أن تخرج مبادرة هي طبق الأصل من مبادرة قبل عشرين سنة فيتحدث الجميع -كل الجميع- وكأنها مبادرة جديدة لم يسبق لها مثيل؟! يحدثك القصيبي مثلا عن عيدي أمين، طاغية أوغندا، صنف عجيب من البشر، وقد جاء باقتراحات مجنونة وعاد ببضعة ملايين من أموال الأمة.. ولم تغن عنه شيئا، ثم لم يجد ملجآ يقضي فيه بقية عمره إلا السعودية.. فكأنما السعودية ملجأ الطغاة والمجانين منذ زمن! وعلى النقيض من ذلك، ترى مسؤول المراسم البريطانية يصاحبه مجلد ضخم ينظم عمل المراسم وما ستنفقه وزارة الخارجية على ضيوفها بكل دقة، ويجتهد في ترتيب شأن الوفد الزائر بحيث لا تزيد ساعات عمل السائق البريطاني المصاحب للوفد عن ساعاته اليومية، ولا يجد في نفسه حرجا أن يخبر الوفد الزائر أن الخارجية ستدفع ثمن المبيت والطعام في الفندق دون ثمن الغسيل وكي الألبسة وما إلى ذلك من "المصاريف الخارجية"!! لست بالطبع أقبل هذا البرود البريطاني الإنجليزي، فإنه ضد أخلاق الإسلام وكرم العرب.. ولكن هذا السفه بتبذير الملايين على قتلة المسلمين وطغاة الشعوب هو أيضا ضد أخلاق الإسلام وشرف العرب! ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Nov 28, 2023
|
Paperback
| |||||||||||||||
4.53
| 7,177
| Jan 2012
| unknown
|
it was amazing
|
بعض الكتب تشعر بالحاجة إلى أن لا تكتب عنها مراجعة.. دعها هكذا.. فإن أي مراجعة لها قد تخدش من جمالها، أو تمزق شيئا من غموضها الذي تحب للقارئ بعدك ألا ي
بعض الكتب تشعر بالحاجة إلى أن لا تكتب عنها مراجعة.. دعها هكذا.. فإن أي مراجعة لها قد تخدش من جمالها، أو تمزق شيئا من غموضها الذي تحب للقارئ بعدك ألا ينكشف! ذلك الكتاب من هذا النوع! قصة واقعية، تحب أن تنصح بها دون أن تكشف شيئا عنها.. هي قريبة من روايات رجل المستحيل التي يعرفها جيلي جيدا.. فإن كنت من عشاق رجل المستحيل أو المغامرات البوليسية فأنت هنا أمام سيرة ذاتية لرجل حقيقي من رجال المستحيل. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Oct 25, 2023
|
Paperback
| ||||||||||||||||||
B0DLT7WHN9
| 4.10
| 589
| Jan 01, 1988
| 1988
|
really liked it
|
هذا كتاب لطيف مؤثر .. يوميات متفرقة لجندي مصري طبيب على جبهة قناة السويس قبيل حرب أكتوبر (1973 م)، كتبها بين عامي 1969 و 1972 .. قبل أن يلحق بالشهداء ف هذا كتاب لطيف مؤثر .. يوميات متفرقة لجندي مصري طبيب على جبهة قناة السويس قبيل حرب أكتوبر (1973 م)، كتبها بين عامي 1969 و 1972 .. قبل أن يلحق بالشهداء في 1972 م. يطرب المؤرخون لمثل هذه اليوميات التي تكشف لهم حياة الناس والبسطاء المغمورين تحت سطح الحياة السياسية التي تتكدس فيها أخبار الساسة والقادة، فمثل هذه الكتابات تلقي الضوء على الأعماق الإنسانية البعيدة للأحداث الكبيرة والقرارات السلطوية .. فبينما أنت تقرأ في كتاب التاريخ نبأ الجيوش والشعوب كأنها بيادق وأدوات، تقرأ في مثل هذه المذكرات واليوميات نبأ الإنسان الذي كان رابضا في الخنادق، فيم كان يفكر وماذا كان يأمل ومم كان يعاني. صاحبنا مؤلف هذا الكتاب كتبه وهو في الثلاثين من عمره، ولكن لغته وأسلوبه يكشفان عن قصاص ذي موهبة سينمائية، فهو يرسم المشهد بينما يحكي الحكاية، ويصور الأجواء والظلال والألوان قبل وأثناء رواية المضمون، ويربط بين عناصر القصة رباطا سهلا غير متكلف، فلا تنتهي اليومية إلا وقد أجاب عن السؤال الذي أثاره لديك في ثنايا السياق. وأغرب ما في قصة هذا الكتاب أنه منع من النشر، ولا أدري السبب، يقول الذين منعوه: لأنه يحتوي على أسرار عسكرية قد تفيد العدو، ويقول الرافضون لهذا المنع: بل لأن الكتاب يثير قضية الجنود الذين دفعوا الثمن ولم يحصلوا على أي تقدير، فيم ذهبت المكاسب إلى من لم يعاين الخطب ولم يعان أهوال الحرب! وفي الكتاب حقا صفحات من هذه المأساة، ولكنها لا تبرر منعه، فكم نشرت في مصر كتب أشد خطرا من هذا، ولهذا يبدو لي المبرر غير مقنع، ولعل ثمة ما لا أعرفه! لكني حين بحثت عن الكتاب عثرت على نسخة إلكترونية، منقولة -كما قال الذي رفعها- عن النسخة التي صدرت عن "مختارات الكرمة" .. وبينما أقرأ فيها، إذ عثرت على نص رائع أثار في نفسي بعض الذكريات، فهرعت لكي أضعه في ضمن بحث أكتبه، فاضطررت للبحث عن نسخة مطبوعة لكي أوثق منها هذا النص بالصفحة والرقم والطبعة (كما هي تقاليد البحث الأكاديمي)، فعثرت على النسخة التي أصدرتها دار الفكر، لكنني فوجئت أن النص الذي أريده غير موجود!!! وإذن، فثمة تلاعب بنص المذكرات جرى في دار الفكر التي مقرها القاهرة وباريس .. يتحدث هذا النص المفقود عن معلومة مثيرة للتأمل، وهي أن الناس (المقاومة الشعبية) انهمروا كالسيل لدعم الجيش والمقاتلين في العدوان الثلاثي 1956، بينما لم يحدث هذا منهم في عام 1967 بل "إن الملل مثل الكابوس دخل كل بيت وتربع فيه". ذكرتني هذه الفقرة بالمقارنة التي عقدها عدد من المؤرخين والمفكرين بين مقاومة الشعب المصري للحملة الفرنسية، وهي المقاومة الهادرة التي انخرط فيها الجميع، وبين المقاومة الضعيفة الخافتة التي واجهوا بها الاحتلال الإنجليزي .. كان السبب في ذلك هو الانكسار العظيم الذي تعرض له الشعب على يد الطاغية الجبار محمد علي باشا وخلفاؤه، لقد كسر الطغيان روح الشعب وجرده من عوامل القوة، حتى سلمه هدية للاحتلال الإنجليزي. ما الفارق بين 1956 وبين 1967 إلا هذه الفترة الناصرية السوداء الكئيبة التي أعيد فيها كسر الشعب وقهره وإذلاله وتحطيم عوامل قوته؟! إنه ليس إلا هذا .. ومن هاهنا اندفع الشعب لمقاومة العوان الثلاثي دفاعا عن وطنه الذي يشعر أنه قد استرده، ولكنه بعد 11 سنة من البطش كان في حال آخر! لم أتتبع بالمقارنة ما إن كان هذا الفصل وحده هو المحذوف أم ثمة غيره .. لعل باحثا ينهض لمثل هذه المقارنة. من أهم فوائد هذا الكتاب أنه يثبت -عبر القصص الإنسانية والتفاصيل الصغيرة- تلك القاعدة المهمة في علم النفس الاجتماعي، وهي من طبائع الناس، أن الموقف أقوى من الفرد، بمعنى: أن الإنسان أكثر انسياقا مع البيئة المحيطة به، وغالبا ما ينهزم طبع المرء ونزوعه الأصيل أمام التيار الجارف الذي يحيط به. (لمن أراد مناقشة ضافية لكلا هاتين النزعتين، أنصح بكتاب: علم النفس السياسي - ديفيد باتريك هوتون) وهذه القاعدة هي التي عبر عنها الأقدمون بقولهم: الناس على دين ملوكهم، والناس أتباع من غلب .. ولها في ديننا تطبيقات عديدة، ومنها: نهي القرآن عن مجالسة الذين يخوضون في آيات الله، وأمره بالهجرة إلى دار الإسلام، ومنها أيضا: نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإقامة في ديار الكفار، ونهيه عن العمل لدى الحكام الظالمين (لا سيما في الشرطة والعسكر وجباية المال)، ونهيه عن مصادقة أصحاب السوء ... إلخ! في هذا الكتاب نماذج عديدة عن الذين تولد فيهم الشجاعة إذا خاضوا القتال، وكيف ينقلب المرء من جبان إلى بطل، وكيف يصدر عنه في حال الشدة من المواهب والقدرات ما يندهش لها هو نفسه، وكيف يسترخص الإنسان نفسه وحياته لإنقاذ غيره، وكيف تشيع البطولة في الجمع الكبير إذا شعروا بالحاضنة الشعبية من ورائهم .. وغير هذا كثير. يقول: "مع تصاعد الموقف يتزايد الرجال الشجعان وتشتد حماستهم للقتال". ويقول أيضا: "إن المقاتل على الجبهة يثق بأن حل مشاكل الوطن الداخلية والصراع ضد الاستعمار هو بالمزيد من القتال". وفي الكتاب مآسي يصعب أن تنساها، منها: هذا الجندي الذي أمسك بالصحيفة فإذا فيها نعي للمقدم الفلاني، فتسائل الجنود المساكين المتكدسون في عربتهم: يموت منا كثيرون فلماذا لا يهتم أحد، فيجيب أحدهم: لا يهتمون إلا بالكبار، فلا يجد الجندي الذي يمسك بالجريدة ما يفعله إلا أن يمزق الصحيفة ويلقيها إلى الطريق!! ومنها هذا الجندي الذي فقد منهم، فسجلوه هاربا، وكان عارا لنفسه ولكتيبته، ثم يكتشف بعد أسابيع أنه قد استشهد وهو ممسك بسلاحه .. كيف اكتشفوه؟ .. رأوا كلبا يبحث في الأرض بإصرار .. ولولا هذا الكلب لظل الجندي عارا على نفسه وأهله وكتيبته!! مشهد يجبرك على الخيال: ترى كم بطلا لم يجد كلبا ينقذ سيرته فصار مكتوبا في سجل الهاربين؟! وكم كلبا جبانا تسلطت عليه وسائل الإعلام حتى غسلت سمعته وصار من الأبطال الكبار؟! ومنها هذا الجندي الذي جاءته برقية تقول: "تعال فورا، مات أبوك"، فلم يكن معه ثمن تذكرة السفر، فتعلق بالقطار وربض على سطحه، وبينما هو متشبث بالقطار على هذه الحالة الخطرة، إذ مرق القطار من تحت كوبري القناطر، فصدمه الحديد فهشم رأسه، فمات من فوره!! هذا الجندي أيضا لم يكن ليعرف أنه مات، لولا أن الله شاء له أن تسقط قطرات دمه على ذراع صاحبنا مؤلف اليوميات، والذي كان يحب الجلوس إلى جوار النافذة، فمن ها هنا انتبهوا إلى هذا المسكين القتيل الذي كان يحارب في سبيل الوطن!! الوطن الذي لم يوفر له ثمن تذكرة يرجع بها ليدفن أباه!! ومنها هذه الكتيبة التي لم يكن يوجد لها إلا مدافع قريبة المدى، فكانوا مجبرين على البقاء قريبا من خطوط العدو، لتؤثر في العدو مدافعهم .. فلأجل هذا كانوا عرضة دائمة لغارات العدو وأسلحته العنيفة والمتقدمة، ولم يكن أمامهم غير الصمود .. أو بالاحرى: لم يكن أمامهم إلا أن يدفعوا من أرواحهم ثمن فساد الساسة والقادة وتقصيرهم في الحصول على السلاح! وهو ما كان! هذا الكتاب ليس مجرد ذكريات .. إنه صفحة متكررة من حديث مستمر إلى يومنا هذا .. إنه مجرد سطر في موسوعة الجنود الذين يضحون بأنفسهم تضحية لا ينتفعون بها هم ولا أهليهم .. لم تكن تلك قصة حرب أكتوبر فحسب، والتي أنجزها الأبطال وانتفع بأثمانها الخونة والفسدة والعملاء .. بل هي حتى الآن قصة أهل اليمن الذين اجتاحهم الحوثي ولا يزال الذين يقاتلونه يفعلون هذا بأيديهم بلا غطاء من رئيس ولا جيش، لقد كان رئيسهم عبد ربه منصور هادي!!! .. وهي قصة ليبيا التي كان ثوارها يقاتلون حفتر وكان غطاؤهم السياسي فايز السراج!!.. وهي قصة السودان التي يقاتل المتطوعون فيها قوات حميدتي بينما قرارهم السياسي والعسكري رهين بهذا الصنم المتهالك المسمى عبد الفتاح البرهان!!! وقل مثل هذا في مواطن عديدة نعرفها جميعا .. لا تزال القصة مستمرة، ولا تزال المعضلة مستمرة .. متى يستطيع الأبطال أن ينجحوا في السياسة والقيادة كما نجحوا في القتال؟ ومتى يعرفون أن عدو الداخل ليس إلا صنيعة العدو الخارجي وواجهته ووكيله؟! وحتى نجيب عن السؤال الإجابة الصحيحة .. فسنقرأ كثيرا من اليوميات على هذه الشاكلة! ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Aug 25, 2023
|
Paperback
| |||||||||||||||||
B0DN25BX7W
| 3.77
| 53
| Jan 01, 2013
| 2018
|
it was ok
| ثمة مشكلة جوهرية في مدرسة التاريخ الغربية عموما، تلك هي شغف المؤرخ بإنتاج نظرية تفسيرية، يؤرخون لهذا منذ فولتير الذي سمع شكوى معشوقته مدام دي شاتيليه ثمة مشكلة جوهرية في مدرسة التاريخ الغربية عموما، تلك هي شغف المؤرخ بإنتاج نظرية تفسيرية، يؤرخون لهذا منذ فولتير الذي سمع شكوى معشوقته مدام دي شاتيليه من أن التاريخ المسرود هو حشد من الأحداث الصغيرة المتقطعة، لا يبدو مفهوما، ولا يقدم إفادة.. فابتدأ الفيلسوف الفرنسي نمطا من التاريخ يقول عنه: "يجب أن يُكتب التاريخ مفلسفا". وكان فولتير -مع إدوارد جيبون وديفيد هيوم- أول من شرعوا في هذا النمط من التاريخ الذي هو ليس مجرد بحث وتنقيب وسرد، بل هو فوق ذلك ومعه تحليل وتفسير واستنباط.. وصار هدف المؤرخ من ذلك الوقت أن يخرج كتابه كقصة مكتملة الأركان والزوايا، يقرؤه القارئ كما يقرأ الرواية المؤلفة.. ومن هاهنا لم يعد المؤرخ يتكلف البحث في الوثائق والأرشيف ويستخرج المعلومات، بل عليه بعد ذلك أن يتكلف التحليل والتفسير، فعليه أن يغوص في أغوار النفس، وأن يزيد من معارفه في علوم السياسة والاجتماع والاقتصاد والجغرافيا بل والمناخ والتربة. يقول قائل: ما المشكلة في هذا؟ والجواب: المشكلة أن أندر الناس من يطيق هذا كله.. ومن هنا فإن سيادة هذا المنهج وانتشاره، بفعل انتشار الجامعات وأقسام التاريخ، ثم بفعل الهيمنة الغربية على العالم كله، لم يُخرج لنا مؤرخين على هذا النمط أبدا.. بل أخرج لنا كثيرا ممن يفشلون أن يبلغوا هذا! تماما مثل الجامعات الكثيرة التي تدرس الفلسفة، ولا يخرج منها إلا قليل جدا من الفلاسفة الحقيقيين! إن استخراج نظرية هو عمل عظيم يأتي عادة بعد بلوغ النضج العلمي، بعد سنين طويلة من الخبرة والمعرفة والتجربة، ولا يؤتاه بعد ذلك إلا أفذاذ الناس وأذكياؤهم.. لكن طالب التاريخ في عصرنا -لا سيما إن درس في جامعات غربية وشغف بطريقة الكبار منهم في استنباط نظرية- إن لم يكن مُطالبا بنظرية تفسيرية يتبعها أو يبتكرها، فهو شغوف بأن يستخرج من عند نفسه نظرية يفسر بها ويتبعها.. وهذه أزمة! يشبه الأمر أن تُكَلِّف المراسل -الذي مهمته نقل الخبر- أن يكون محللا في السياسة والاقتصاد والاجتماع والقانون والجريمة، فهو عند كل خبر ينقله -من أول لقاءات الرئيس حتى الحادثة التي وقعت في مصنع- يجب أن يكون محيطا بالتفاصيل العلمية والفنية التي تُمَكِّنه من تقديم رواية متماسكة وافية عن الموضوع.. فانظر كم مراسلا يستطيع أن يفعل ذلك؟! فإن كان هذا صعبا في المراسل الذي يحلل حدثا حاضرا، فكيف يكون في شأن المؤرخ الذي يحاول استعادة الماضي الغائب المغمور؟!! هذا الكتاب من هذا النوع.. نقطة ضعفه القاتلة هو محاولة المؤلفة ابتكار نظرية تفسيرية، أسمتها "الإمبراطوريات المتخيلة".. لو أنها لم تأبه لهذا، لكان كتابها أفضل كثيرا كثيرا مما صار إليه. لقد غطى هذا الضعفُ في النظرية المُتَكَلَّفة على المجهود القوي الذي بذلته المؤلفة في استخراج الأخبار من الوثائق والأرشيفات والسجلات القديمة.. وبدلا من أن يتوقف المرء بالإعجاب أمام ما استخرجته من تفاصيل، يجد نفسه مصطدما دائما بالتعسف المبذول لتطويع هذه المعلومات ومحاولة حشرها في سياق النظرية! خلاصة فكرة الكتاب أن الصعيد المصري يمثل حالة تنكسر عليها مقولات المدارس التاريخية التي تجعل الإمبراطورية كيانا قويا ومهيمنا على أجزائه، تقول المؤلفة: الصعيد يثبت أن الإمبراطوريات التي حضرت إلى الصعيد كانت فاشلة، وأن وجودها لا يعدو أن يكون وجودا مُتَخَيَّلًا، فقد واجهت مقاومة كبيرة من أهل الصعيد، أخفقت معه في تثبيت نفسها فيه، كما أنها جلبت إلى الصعيد أحوالا من البؤس والفقر والدمار لا يتفق مع دعاوى هذه الإمبراطوريات التي تزعم فيها أنها تغير حياة الناس إلى الأحسن! ووفقا لهذا المنظور: درست المؤلفة أحوال الصعيد تحت خمس إمبراطوريات قالت إنها كانت جميعا على هذا النمط: (1) الإمبراطورية العثمانية (2) الإمبراطورية الفرنسية (سنوات الحملة الفرنسية) (3) إمبراطورية محمد علي وأولاده (4) الإمبراطورية الإنجليزية (زمن الاحتلال الإنجليزي) (5) الإمبراطورية الأمريكية (زمن السادات ومبارك) وأخذت المؤلفة في تتبع أمرين في كل إمبراطورية؛ الأول: ما أحدثته هذه الإمبراطورية من الدمار والخراب والبؤس. والثاني: ثورات الصعيد ومقاومته لوجود هذه الإمبراطوريات. يتمثل العيب الثاني الخطير لهذا الكتاب في الانحياز اليساري (الشيوعي) للمؤلفة، فقد أثَّر هذا الانحياز في اختيار وانتقاء أخبار المقاومة وأبطالها من بين الأرشيف الصعيدي الزاخر، ثم أثَّر في تفسير حركات المقاومة التي اندلعت في الصعيد.. كان الاختيار يأخذها دائما نحو: الطبقات الفقيرة والعُمَّال والمرأة (والعدو طبعا هم السلطة والأثرياء والوجهاء ورجال الدين).. ولا بأس إذا اجتهدت فأدرجت في عِداد المقاومين أصحاب الجرائم وقُطَّاع الطرق ممن عرفوا بالفلاتية ومطاريد الجبل.. ويجد المرء حرجا واضحا في عباراتها حين تذكر أمثال خُطّ الصعيد وعزت حنفي ونوفل ونحوهم. وكان التفسير يأخذها دائما نحو أسباب الفقر والتهميش والنزعة الذكورية والدين الذي يُدَجِّن الناس لحساب الأغنياء والحكام. ولهذا خرج الكتاب رواية يسارية ضعيفة لتاريخ الصعيد، فلم يستطتع أن يحقق بأدلة شبه كافية نظريته التي تقول بأن الحضور الإمبراطوري في الصعيد كان هشًّا ومتخيلا، ولا أن ثورات الصعيد كانت شيوعية! وها هنا توضيح مهم يجب قوله: لست أعترض ابتداء على أن يوصف الفلاتية والمطاريد بالمُقاوِمين طالما خرجت الأدلة الكافية على هذا، بل هم في هجومهم على رجال السلطة وممثليها ومشاريعها يندرجون في أعمال المقاومة بغير شك.. وذلك لأكثر من سبب: 1. منها: أنه لا توجد ثورة شعبية ولا توجد حركة مقاومة نقية تلتزم بالقانون أو حتى بالدين، بل الثورة عمل شعبي لن يخلو أبدا من مساهمة "المجرمين" فيه، فهم من أبناء الشعب على كل حال، وكثيرا ما تكون مساهمتهم مفيدة وفاصلة، وكثيرا ما تكون مضرة ومربكة.. وهذا أمر لا مناص من ذكره كحقيقة اجتماعية، ولو كره الثوار المثاليون! 2. ومنها: أن هؤلاء الفلاتية والمطاريد إنما هم في كثير من الأحوال ضحايا لظلم السلطة وإجرامها، ولا يمكن إدانة المظلوم إذا انتهز فرصة ينتقم فيها من ظالمه وجلاده.. والقانون الأعور وحده -مثل الثائر المثالي الأعور الملتزم بالقانون الأعور- هو من يبصر ��رق هؤلاء للقانون، ولا يُبصر الجريمة الكبرى، وهو أن نفس هذا القانون قد وُضِع لتقنين وشرعنة الظلم و��لإجرام. ومع هذه الاعتبارات المذكورة، فإن الحديث عن هؤلاء المطاريد والفلاتية في سياق كونهم إفرازا صعيديا للمقاومة ضد وجود الإمبراطوريات، هو الأمر الذي يجب أن توجد عليه أدلة كافية قبل الإقدام عليه.. وهو الأمر الذي لم تستطعه المؤلفة! فهذا موضع النقد الذي أقصده هنا! فهي قد بذلت جهدا كبيرا لكي تجمع شتات أخبار هذه "المقاومة"، وتكلفت في العبارات، واقتصت اقتصاصا معيبا (يتبدى بوضوح لمن يراجع مصادرها وراءها) لكي تحتفظ بأكبر قدر من قصص هؤلاء الفلاتية والمطاريد، في سياق أنهم استهدفوا السلطة. كذلك، فإن المؤلفة تأرجحت بين دعويَيْن متناقضتيْن، فهي تتحدث عن وجود متخيل للإمبراطوريات الخمسة (وهذا ما يُفهم منه أن المقاومة كانت أكبر من الهيمنة الإمبراطورية)، وتتحدث في الوقت نفسه عن أن هذه الإمبراطوريات قد جلبت معها الدمار والخراب والبؤس والفقر وأحالت حياة الناس إلى جحيم (وهو ما يُفهم منه أن الإمبراطوريات كانت مهيمنة فعلا وأنها متغلبة على المقاومة الصعيدية). وظلت المؤلفة طوال الكتاب تردد هذا الكلام دون أن تنتبه للتناقض بينهما، إلى حد يثير الحيرة والدهشة، وتضيف إليهما إدانة الإمبراطوريات التي لم تحقق ما زعمته لنفسها من تحسين أحوال المواطن والفلاح والمرأة.. كأنها تدينه لفشله، ومتى كان المحتل صادقا في دعاواه؟!!! ولكن المحتل -مهما كان كاذبا- فإن فشله وما سببه من بؤس وخراب ودمار هو دليل وجوده.. فوجوده هنا ليس متخيلا ولا متوهما! تلك النظرة اليسارية القومية (الصعيدية) -إن صح التعبير- جعل المؤلفة تجمع بين الإمبراطوريات الخمسة في سياق واحد.. فالصعيد قاوم العثمانيين كما قاوم الفرنسيين كما قاوم الأسرة العلوية كما قاوم الإنجليز والأمريكان.. وهذا في واقع الحال غير صحيح، ولا يحتاج المرء أن يسعى في نقضه لشدة تهافته! فالعثمانيون لم يحفلوا أصلا بالحضور المركزي في الصعيد، على عادتهم في سائر الولايات، فضلا عن أن الصعيد -ولا حتى الشمال- لم ير العثمانيين كمحتلين ولم يسع في مقاومتهم.. وذلك على خلاف الفرنسيين والإنجليز.. بل ولا يمكن القول أن الصعيد نظر إلى محمد علي وأسرته كمحتلين (مع أنهم فعلا أسوأ من الاحتلال.. لكن لا يمكن إطلاق هذه الدعوى)، وكذلك أيضا: الأمريكان! لقد كان فصل الأمريكان هذا هو الفصل الأضعف في الكتاب! ولا زلت أستغرب أنها وضعته كأنما هو دليل على مقاومة صعيدية، أو على وجود متخيل للإمبراطورية. توقعتُ، أن المؤلفة ستتوقف طويلا عند فصل "الجماعات الإسلامية" في الصعيد، كدليل بارز على المقاومة الصعيدية للحضور الأمريكي، لقد قام العديدون من اليساريين بتفسير هذه الحقبة تفسيرا يساريا اجتماعيا، وحاولوا حشر تجربة الجماعات الإسلامية في السياق الطبقي الاجتماعي.. ولكن المؤلفة لم تفعل، ولم تذكر شيئا عن هذا الفصل مع أنه أشد الفصول بروزا وحضورا في تمردات الصعيد، وهو أقربها إلى الواقع.. لم تفعل المؤلفة إلا أن قفزت فوق كل هذا وذهبت تذكر حضور الصعيد في مظاهرات ثورة يناير.. ومن عجيب ما فعلت أنها نقلت هذه الفعاليات عن موقع "قنا أون لاين" الذي هو موقع الإخوان المسلمين في قنا (لست أدري هل كانت تعرف هذا وتكتمه، أم أنها لا تعرفه). ثمة الكثير من التفاصيل والمعلومات يمكن التوقف عندها في هذا الكتاب، وفيه غرائب ليست بالقليلة: لقد أرادت المؤلفة تحميل مسؤولية انتشار الطاعون في الصعيد للدولة العثمانية والمماليك!! وأن حضورهم في الصعيد هو الذي جلب الطاعون!! واتخذت هذا دليلا على الحضور الإمبراطوري المتخيل المسبب للدمار والبؤس والخراب!! ومن الغرائب أن تستعمل الكلمة ذاتها مرة دليلا على زعمها، ومرة ترد عليها وتحسبها من توهمات قائلها ومن الغرائب مرورها العابر على ملف الأقباط والتصاقهم بالإمبراطوريات القائمة في الصعيد، تذكر ذلك في أوجز عبارة ممكنة، وشغفها في توريط الفقهاء والعلماء المسلمين في هذا الالتصاق مع افتقاد الأدلة على ذلك. وأمور أخرى سيكون الخوض فيها من التفصيل والتطويل غير المناسب لهذا المقام، ولعل الله ييسر فنفرد لذلك دراسة خاصة مطولة. لا يزال تاريخ الصعيد، وتاريخ سائر المناطق المهمشة في عالمنا الإسلامي، بحاجة إلى مؤرخين أصلاء، ينظرون إلى الأمور بعين أهلها المسلمين، ويستطيعون استخراج النظريات التفسيرية الطبيعية لحركة التاريخ في المجتمعات المسلمة، وليس حشر حركتهم في نظريات غربية أو متكلفة. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Aug 21, 2023
|
Unknown Binding
| |||||||||||||||||
9933291025
| 9789933291020
| 9933291025
| 3.82
| 11
| 2016
| 2016
|
really liked it
|
لكم وددت أن تكون كتابتي عن مذكرات الشيخ صالح الشامي في حالٍ أحسن من هذا! إنني أكتب الآن في ظل خبر اعتقاله -المنشور بالأمس- على يد السلطات السعودية، مما لكم وددت أن تكون كتابتي عن مذكرات الشيخ صالح الشامي في حالٍ أحسن من هذا! إنني أكتب الآن في ظل خبر اعتقاله -المنشور بالأمس- على يد السلطات السعودية، مما يجعل الكلام مصبوغا بحالته، ولا حول ولا قوة إلا بالله! ما أشد الشبه بين حياة الشيخ وبين هذا الكتاب!! تأمل هذا: جاءه سؤال من ابن أخيه يطلب منه كتابة عمله في مشروع "تقريب السنة النبوية".. فتدفق منه هذا الكتاب، الذي أجاب فيه على السؤال، ثم استطرد ليذكر بقية مؤلفاته خارج مشروع "تقريب السنة" وظروف كتابتها ونبذة عنها، ثم ختم الكتاب بموجز مختصر للغاية من سيرته الذاتية. يتشابه حاله في الكتاب إذن مع حاله في مشروع حياته، ذلك المشروع الذي انهمر وانبثق من سؤال طُرح عليه يوما عن حديثٍ ما، فقال: أظنه حديث ضعيف. ثم بحث عنه فتبين له أن الحديث في الصحيحيْن، فعزم أن يرفع عن نفسه هذه الجهالة، فأنجز هذا المشروع الهائل في تقريب السنة النبوية التي خدم فيها أربعة عشر كتابا عليها مدار السنة كلها. وانظر.. هذه مشابهة أخرى مثيرة للدهشة والأسى معا.. لما قدم الشيخ إلى السعودية، فارًّا بدينه من نظام البعث السوري، كان يعاني من نظرات الطلاب وبعض المشايخ له، يرونه مجرد مدرس متعاقد قادم ليتكسب، ثم هو قد جاء من الشام، فهو إن لم يكن علمانيا كان أشعريا، وإن لم يكن بعثيا لم يكن متدينا.. ومن ثَمَّ فهو مشكوك في عقيدته، وهو إنما يمارس التدين لأن الجو العام في السعودية جوٌّ متدين، فتظاهره بالتدين هو بعض وسيلته لكسب رزقه! هذه المرارة التي استشعرها الشيخ من طلابه وبعض رؤسائه أول قدومه إلى السعودية، ما كان له ولا لتلاميذه ولا لأحد في ذلك الزمن أن يتصور في أبعد آفاق خياله، أن الزمان سيدور ليُعتقل الشيخ في السعودية نفسها بعد أن تحولت من "شدة التمسك" بالسنة بل الغلو في تصنيف الناس على وفق فهمهم لها، إلى مطاردة الدين وأهله واستيراد أفسق الناس ليفسدوا فيها! إنك إن قرأتَ الكتاب وما فيه من عمل جليل في التأليف والتهذيب والترتيب، توقعت أن تكون نهايته بقائمة الجوائز والشهادات والتقديرات التي تُمْنَح لمثله، ما يكاد يخطر بالبال أن تكون الخاتمة هي الاعتقال!! الشيخ صالح الشامي خريج كلية الشريعة في سوريا، ولكن الظروف التي صنعها الاستعمار ووكلاؤه من بعده، دفعت كثيرين إلى التماس علم آخر يؤهلهم لحياة طبيعية، فكثيرا ما لجأ دارس الشريعة إلى دراسة أخرى ليحسن وضعه في الحياة.. كان الشيخ من هؤلاء! ثم إن للشيخ هواية في الهندسة، وعمل بها زمنا قبل أن يخرج من بلده إلى السعودية، وهذه الهواية في الهندسة كان لها تأثير عظيم على مشروع تقريب السنة! وما في ذلك من عجب، وقد قال شيخ المؤرخين وحكيم الطائفة ابن خلدون: إن الهندسة تورث استقامة في العقل! ستظهر استقامة العقل في مشروع تقريب السنة! إن الطريقة المنظمة التي سلكها الشيخ في الجمع بين الصحيحيْن، مثَّلت أساسا واضحا ومتينا يضاف عليه عمله في بقية الكتب الأربعة عشر! لم يكن المشروع في أوله مكتملا في ذهن الشيخ، ولكنه حين نَظَّم طريقة جمع الصحيحيْن، صار الأمر أسهل في جمعه لزوائد السنن الأربعة، ثم في إضافة زوائد الكتب الثلاثة: الموطأ والمسند والدارمي، ليتم له مشروع جمع الكتب التسعة.. ثم صار من السهل بعد ذلك إتمام الكتب الخمسة الأخرى: ابن خزيمة وابن حبان والمستدرك وسنن البيهقي وأحاديث الضياء. وكلمة "السهل" هنا لا تعني أن العمل كان سهلا في نفسه، بل العمل لا يخلو من الدقة والإرهاق والمتابعة المضنية، لكن السهولة المقصودة فيه هو في الطريقة التي يَسَّرت إنجاز العمل، لأن البناء الأول في طريقة الجمع بين الصحيحيْن كانت منظمة. ولذلك أمكنه دائما أن يخدم الكتاب تحقيقا وتهذيبا واختصارا وجمعا وانتقاءا وترتيبا دون أن يبذل المجهود من أوله.. ومن هنا كانت ثمرات مشروعه متنوعة تخدم المسلم البسيط وحتى المختص بعلم الحديث فالمسلم البسيط الذي يريد أن يكتفي بالحد الأدنى من معرفة السنة سيرى نفسه أمام كتابي "الوافي من الصحيحين" و"الوجيز".. فإذا أراد الارتقاء منزلة أخرى وجد نفسه محتاجا إلى "الجمع بين الصحيحين" ثم "معالم السنة النبوية".. وهكذا حتى يصل المتخصص إلى كتاب "أصول الكتب التسعة"! ولا ريب أن من عاش مع السنة دهرا كثيرا جنى من ثمراتها، فمن الثمرات التي وقعت للشيخ صالح الشامي مشاريعه الأخرى المتعلقة بالسيرة وكتبه فيها، وتحقيقاته لبعض الكتب كالجامع بين الصحيحين للإشبيلي وخدمته لكتاب مشارق الأنوار للقاضي عياض، وكتاب المواهب اللدنية للقسطلاني وشرحه للزرقاني. ومن عاش مع السنة عاش مع أهلها وخُدَّامها، وقد أمطرت هذه السحائب المباركة في سلسلة من تقريب تراث ابن القيم، ومن خدمة كتب أخرى كحلية الأولياء للأصفهاني وإحياء علوم الدين للغزالي، وسلسلة أخرى من مواعظ الصحابة والتابعين. نعم، إن بعض هذه المشاريع صدرت قبل بدء مشروع تقريب السنة، ولبعضها بواعث مختلفة، لكنها مشاريع تتصل دائما بالسنة وأهلها، فمن لم يكن من ثمرات مشروع السنة، كان من بذوره وجذوره وممهداته. والناظر في تراث الشيخ يرى رجلا متواضعا، عمليا، منبعثا إلى العمل، وإلى خدمة المعاني والمقاصد والغايات، فهو مهموم بتكوين صورة السنة ومعانيها في عقول الجمهور على اختلاف مراتبهم، وهكذا دأبه حتى في كتبه الأخرى، يؤلف الكتاب بقصد توضيح ملامح الموضوع، أو تقريب أصول الدين وتيسيرها. فك الله أسر الشيخ، وأنعم على المسلمين بأمر رشد يعز فيه أهل طاعته، ويؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينزل الناس منازلهم. ...more |
Notes are private!
|
2
|
not set
not set
|
not set
not set
|
Jan 14, 2023
|
Paperback
| |||||||||||||||
3.89
| 174
| 2008
| 2008
|
really liked it
|
رأي صاحبنا أبو خالد الهاشمي تعليقي الذي سطرته بالأمس على كتاب "ميراث الصمت والملكوت" للشيخ عبد الله الهدلق، فأرسل لي هذا الكتاب له أيضا.. شرعت فيه حتى
رأي صاحبنا أبو خالد الهاشمي تعليقي الذي سطرته بالأمس على كتاب "ميراث الصمت والملكوت" للشيخ عبد الله الهدلق، فأرسل لي هذا الكتاب له أيضا.. شرعت فيه حتى أتممته، وهو كتاب صغير لطيف. لئن كان "الهادي والهاذي" لا يبلغ شيئا من الجمال والمتعة التي لميراث الصمت والملكوت، فهو جدير أن ينبّه من جديد على سعة اطلاع صاحبه وعلى ذكائه، وعلى هذه الصفات التي طُبِع عليها من الخجل والملل والعزلة عن الناس.. إنه ليكتب ردًّا متينا نعم، ولكنه ردٌّ سريع متعجل، مكنوز بالعلم وبألفاظ من عميق المعاني ومن غريب الأدب لا ينتبه لها إلا من كان له حظ من ذلك.. فهو صاحب إشارات وتكنية وتورية وتلميح. وانظر مثلا في الفارق بينه وبين إبراهيم السكران -فك الله أسره- في هذا.. فإن السكران رجل طويل النفس، متشابك مع واقع الناس، فهو يطعم قارءه عصارة الرد المفحم في ثوب سهل جميل ممتع، وانظر مثلا مآلات الخطاب المدني والتأويل الحداثي للتراث.. فثمة عقل متين وأدب سهل، وأما صاحبنا الشيخ عبد الله الهدلق فلا أحسب يصلح لفهم مرامي كلامه إلا من كان على قدر أعلى من عامة القراء في عصرنا الآن.. ولا أستبعد كذلك أن يكون في كلامه ما لم أفهمه، أو ما لم أدرك معانيه، فلست أراني على حظ من العلم، وعلم الله أني لست أتواضع. هذا الكتاب ردٌّ كتبه الهدلق على سعود السرحان، وإنك إذا سألتَ السيد جوجل عن سعود السرحان فسيخرج لك أنه من ذوي المناصب الآن في العهد السلماني، ويمكنك أن تشنف أذنك بخطاب مبتذل ألقاه في مؤتمر لمكافحة التطرف والإرهاب إذ هو مدير مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامي.. هو رجل سلماني إذن!! وكفى بهذا أمرا تعرف به طبيعة صاحبه. كتب سعود السرحان كتابا يتهم فيه ابن تيمة بأنه لم يفهم الفلاسفة، وأن تصوراته عنهم مشوهة، وأنه كان في رده عليهم نفعيا وتلفيقيا، وأمورا أخرى.. وهذا شيء يشبه قول محمد الغيطي في بديعته "الإخوان المسلمون هم من أسقطوا الأندلس".. إذ بينما ينتصب ابن تيمية جبلا عملاقا في دراسات الفلاسفة مهما كان يؤخذ منه أو يرد، إذ بمن يأتي فيقول بأن الرجل لا يفهم الفلاسفة.. كأنما كتب أحدهم يقول: أينشتاين لم يكن يفهم الفيزياء!! ثم إن السرحان رأى في نفسه أن كتابه هذا سيمهد الطريق لفكر إسلامي جديد!! وبعد أن كرَّ الهدلق عليه بعض الردود، ختم كلامه بهذا التشبيه الدُرِّي: يشبه أن يأتي أحدهم بخيمة قديمة لينصبها بين ناطحات السحاب، زاعما أنه سيعلم الناس مبادئ الهندسة المعمارية! لئن كنتُ أوصي بقراءة "ميراث الصمت والملكوت" فلست أفعل ذلك في هذا الكتاب، هو كتاب قوي ومفيد نعم، ولكن باب الفلسفة هذا كله باب قليل الفائدة ضئيل المنفعة فيما أرى، وهو رياضة عقلية لا تكاد تُصْلِح دينا ولا دنيا، فمن لم يكن من أهل هذا الباب فلا أنصحه أن يدخل فيه. وأسأل الله أن يوفق عبده عبد الله الهدلق، وأن يفتح عليه، وأن يمتع الناس بما عنده من العلم. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Nov 01, 2022
|
Paperback
| ||||||||||||||||||
6030054554
| 9786030054558
| 6030054554
| 3.99
| 966
| 2010
| 2010
|
really liked it
|
كتاب بديع، وتجوال جميل في أنحاء متنوعة من أبواب الفكر والثقافة.. ولو أن همّةَ مؤلفه في التأليف والتصنيف همَّتُه في الاطلاع والتطويف لجاء بمؤلفات فاخرة، كتاب بديع، وتجوال جميل في أنحاء متنوعة من أبواب الفكر والثقافة.. ولو أن همّةَ مؤلفه في التأليف والتصنيف همَّتُه في الاطلاع والتطويف لجاء بمؤلفات فاخرة، لا سيما كتابه في منتخبات السير الذاتية! لكنه مقتول بأنه خجول ملول، وهو فوق ذلك حريص متحفظ، فأما خجله وملله فقد صرَّح به عن نفسه، وأما حرصه وتحفظه فيتسرب من بين سطوره. ومن كان له مثل هذا الحرص والتحفظ لم يستقم له القلم، فإنه سيضع على نفسه ألف ألف رقيب، يحاكمه كل واحد منهم على الكلمة والسكتة، على التصريح والتلميح، وذلك ما يجعل الكتابة جحيما لا يُطاق. لولا الكتابة لغاض العلم، وكم تخسر أمتنا بالعلماء الذين لم يكتبوا، وبعضهم كان حريصا ألا يكتب، وألا يُكتَب عنه، وألا يُسجَّل له.. ولربما كان هذا من الورع، أو كان من غلبة طبع النفس على صاحبها.. وأحسب أن لو كان هذا الورع مقبولا يوم كانت تغص ساحاتنا بالعلماء في القرون الأولى، فكيف يكون مقبولا في زمن ينكمش فيه العلم ويتآكل فيه العلماء بالموت وبالسجن وبالهجرة وبالتضييق؟! ولئن كان هذا من غلبة طبع النفس، أفما يستحق حال الأمة ممن وهبه الله علما أن يجاهد هذا الطبع؟! على كل حال، هو كتاب بديع جميل طريف، يأنس به القارئ زمن قراءته، ويستفيد منه جُمَلًا عميقة ويشرف منه على جبهات عديدة. فجزي الله مؤلفه خير الجزاء ونفع به. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Oct 31, 2022
|
Paperback
| |||||||||||||||
B0DM4GHP5K
| 4.00
| 1
| unknown
| 2009
|
really liked it
|
دخل شيخ الأزهر الأسبق، عبد الحليم محمود، كلية تنصيرية في إحدى كنائس فرنسا، فرأى فيها مشهدا عجيبا: طلاب الكلية قد حُلِقت شعورهم بالموسى، إلا شريطا ضئيلا دخل شيخ الأزهر الأسبق، عبد الحليم محمود، كلية تنصيرية في إحدى كنائس فرنسا، فرأى فيها مشهدا عجيبا: طلاب الكلية قد حُلِقت شعورهم بالموسى، إلا شريطا ضئيلا دائريا حول رؤوسهم. فاستغرب هذا المشهد، ولما ألقى عليهم التحية لم يردّ عليه أحد منهم، فازداد استغرابه! ولما سأل المدير عن هذا، أخبره بأنهم في فترة صمت طويل، يحرم عليهم فيه الكلام المعتاد حرمة تامة، اختبارا لأعصابهم، وامتحانا لإرادتهم وسلوكهم، وهذه الفترة تمتد إلى ستة أشهر، بحيث لا يصبر عليها إلا أقوياء النفوس أشداء العزيمة، فهؤلاء هم الذين تؤهلهم الكلية لنشر المسيحية في ربوع العالم! حكى الشيخ عبد الحليم محمود هذه الحكاية لطلابه في كلية أصول الدين، فسمعها منه وسجلها لنا طالبه: يوسف القرضاوي! كان القرضاوي يتعجب ويدين أن الأزهر لا يختار طلابه وفق معايير قوية، بل لما قيل: إن الأزهر صار يقبل المتردية والنطيحة وما أكل السبع، قال القرضاوي ساخرا ومتحسرا: بل ما يعاف السبع أن يأكله!! وهذا الكتاب، كتاب "رسالة الأزهر بين الأمس واليوم والغد"، من الكتب المعبرة بعمق عن شخصية الشيخ العلامة الكبير يوسف القرضاوي، رحمه الله، وهو كتاب صغير لا يتجاوز 130 صفحة فحسب. وهذا الكتاب مؤلَّفٌ من رسالة كتبها وهو شاب في لم يصل إلى الثلاثين، إذ كان قد شكَّل مع بعض طلاب الأزهر جمعية لإصلاح أحوال الأزهر، ثم جاءت المحنة الناصرية فمزقت المجهود كله. ومؤلَّف كذلك من الرسالة التي كتبها في احتفال الأزهر بعيده الألفي، مرور ألف سنة على افتتاحه، ضمن الكتاب التذكاري. وأقول: هذا الكتاب معبِّر بعمق عن شخصية الشيخ، إذ تجد فيه شخصية صاحب الهم والهمة، الهمّ بأحوال الأمة وأحوال الأزهر، والهمّة في استنهاض هذا الأزهر ورسم الطريق له لينبعث من جديد ويستأنف دوره في الحياة! ففيه ترى رجل العلم والدعوة والحركة، ومعالجة الواقع بعيوبه ومشكلاته، وترى فيه شخصية الرجل الذي يبذل أقصى ما يستطيع للتوفيق بين المختلفين والتأليف بين المتخاصمين، وجمع الكلمة على قضية الإسلام، والتفكير للمؤسسة ومستقبلها وبث الأفكار التي تضم شتاتها وتلملم طلابها وخريجيها، وتعيد بها اكتشاف ذاتها وقدراتها، وكل ذلك من خلال الإشارة إلى واقع المسلمين وحاجتهم إلى الأزهر، ورسم طريق الأزهر ومهمته وعوامل نجاحه، داخل مصر وخارجها! وفي هذا المقام الذي يحرص فيه أهل الشأن على التفاصح والتكلف في اللفظ والعبارة، وعلى سوق المدائح والمحامد وإبراز وجوه الفخر بالأزهر، ترى الرجل يكتب بقلم الداعية العملي الذي لا ينشغل برثاء الماضي ولا بالوقوف على الأطلال إلا بقدر ما يستعمل ذلك في مهمة المستقبل. لقد أخذ الرجل من تاريخ الأزهر وشيوخه ما يبني عليه وبه ومنه رسالة الأزهري في نفسه كعالِم، ورسالة الأزهر كمؤسسة عريقة تجمع في أثوابها ثلاث مهمات كبرى: الجامع والجامعة والجمعية. فالجامع للعبادة والتربية، والجامعة للتعليم والتثقيف، والجمعية للدعوة والإصلاح. ويجب -كما يقول الشيخ- ألا تفقد الجامعة روح الجامع ولا روح الجمعية! ولكي لا أطيل أكثر من هذا، فإن هذا الكتاب هو خير وصية ينبغي للأزهري أن يتوقف عندها طويلا طويلا، وأن يتأملها مليًّا مليًّا.. فإنه ليس كتاب علم وإنما هو كتاب دعوة وحركة، ويخرج منه الأزهري محملا بعبء الرسالة التي يجب أن يتمحض لها، فيعرف بذلك نفسه ودوره وأمل الناس فيه وتعلق المستقبل به! بل ولعلي أقول: إنها خير وصية يمكن للمعاهد الدينية والشرعية -لا سيما العتيق منها- أن يتوقف عندها ويتأملها ويسعى إلى تنفيذها مع مراعاة فروق الظروف والتاريخ والحال. يجب ألا تكون المعاهد الشرعية الدعوية التي تريد تأسيس المصلحين مفتوحة لكل أحد، والكلام هنا عن المحاضن التي تؤسس المصلحين، لا عن المعاهد التي تنشر العلم، فالمؤسسات التي تنشر العلم يجب أن تكون مفتوحة لكل طالب علم، أما تخريج المصلحين، فأمرٌ لا بد فيه من انتقاء الطلاب وتربيتهم واختبار شخصيتهم وتمحيصها! إن الغربيين لم يكتشفوا العالم من خلال الكتب، بل من خلال فرق الرحالة والمستشرقين التي تركت ديارها الباردة وبيوتها الدافئة، وخاضت غمار صحرائنا الحارقة وأدغالنا المهلكة وعالجت ما في بيئاتنا من الحر والقر واختلاف اللغات والطباع، وبهذا وحده خبروا كثيرا من أحوالنا، ونشروا دينهم وثقافتهم في الكثير من أقطارنا. ونحن أولى بذلك منهم.. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Oct 27, 2022
|
Paperback
| |||||||||||||||||
977645917X
| 9789776459175
| 977645917X
| 3.76
| 105
| Jun 20, 2003
| Jan 26, 2017
|
it was ok
|
لو ليست لديك فكرة مسبقة عن الحملة الفرنسية فلن تفهم شيئا! ولو كانت لديك فكرة مسبقة فالفائدة التي ستجنيها قليلة للغاية في هذا الكتاب شيء غريب لا أحسن الت لو ليست لديك فكرة مسبقة عن الحملة الفرنسية فلن تفهم شيئا! ولو كانت لديك فكرة مسبقة فالفائدة التي ستجنيها قليلة للغاية في هذا الكتاب شيء غريب لا أحسن التعبير عنه، إنه يشبه المقبلات على مائدة الطعام، وجودها لطيف وغيابها غير مؤثر وأحسن ما في الكتاب -بالنسبة لي- مقدمة المترجم التي تتحدث عن باعثه الأول للكتابة في الحملة الفرنسية، فتلك القبور التي أولاها أهل بني عدي في محافظة أسيوط عناية فائقة هي قبور شهدائنا الذين واجهوا الحملة الفرنسية حين غزت الصعيد.. لدي شغف عظيم بالتأريخ لمقاومة أمتنا الباسلة، وأكثر هذه الصفحات مجهول مطمور مغمور، ولن تنكشف هذه الحجب إلا حين تتحرر بلادنا من هذه الأنظمة العميلة، فتنبعث الفرق العلمية للتنقيب والكتابة وإعادة بناء هذه التواريخ المكبوتة والمكتومة! إن الإنتاج الغربي عن مقاومة بلادنا أكثر وأعمق من إنتاجنا نحن عن هذه المقاومة.. مع الأسف الشديد! وأسباب ذلك معروفة لا حاجة للتطويل فيها. من بين الفوائد القليلة والمهمة في هذا الكتاب، وهي تكتمل عند القارئ إن كان على اطلاع سابق بأحداث الحملة الفرنسية، اليقين بأن النتائج الكبرى في التاريخ قد يصنعها المقاتل البسيط.. أنا واحد ممن لا يزال يميل إلى أن نتائج حركة التاريخ لم تكن حتمية على النحو الذي يقدمها كثير من المؤرخين والفلاسفة.. إنك لو قرأتَ عشر كتب في الحملة الفرنسية -مثلا- لوجدت منها تسعة على الأقل تسوق الحكاية وكأن انتصار الفرنسيين كان محتوما، وستجد حشدا يفسر لك أسباب انتصار الفرنسيس وأسباب انهزام المماليك، وربما يكون كلها حق.. لكن عند التعمق في متابعة التفاصيل وروايات المعارك الصغيرة، ستجد أن المماليك كادوا في أكثر من مرة أن يهزموا الفرنسيين، بما في ذلك معركة إمبابة الرئيسية، وأن الفرنسيين لم ينتصروا عليهم كأنما كانوا في نزهة.. كل أسباب انتصار الفرنسيين وكل أسباب انهيار المماليك التي يرويها المؤرخون كان يمكن أن تختلف جذريا لو أن قائدا ما أو جنديا ما كان أكثر صبرا وصمودا هنا، أو كان أقل صبرا وصمودا هناك.. يمكنني تقريب المسألة لعموم الجمهور بالحديث عن مباراة الكرة.. فالمحللون الجالسون في الاستديو يفسرون لك كيف فاز الفريق الفلاني وكيف خسر الفريق الفلاني.. لو استمعت إليهم دون مشاهدة المباراة فستحسب أن فوز هؤلاء كان طبيعيا وربما حتميا تسوق إليه الأسباب التي يوردها أولئك المحللون: الخطة والدفاع والتبديل الفلاني في اللحظة الفلانية... إلخ! بينما إذا شاهدتَ المباراة نفسها تبين لك بوضوح أن الأمر لم يكن كذلك، وأن ذلك الفريق المهزوم لو كان سعيد الحظ في فرصة أو فرصتين لانقلبت نتيجة المباراة، وانقلب معها بالتالي التحليل الذي يقوله أولئك الخبراء في استديو التحليل. هذا الكتاب، من خلال شهادات الجنود الفرنسيين عن المعارك، هو واحد من تلك التي تقرب القارئ من التفاصيل.. وسيرى فيها أن المماليك وهم في أوج ضعفهم وفسادهم كانوا قادرين على هزيمة أقوى جيوش أوروبا وهو في أشد لحظات عنفوانه لو أوتي بعضهم شيئا من الصمود والصبر وحسن التخطيط وحسن استعمال الطاقة البشرية الموجودة في الشعب.. بل إن رواية الجبرتي تجعل اتجاه هبوب الرياح ضد جيش المماليك من أسباب هزيمتهم!! ماذا يعني هذا كله؟ يعني ببساطة أن الفرد الواحد يمكنه أن يغير نتائج تاريخية حاسمة، وهذا الأمر يزداد يقيني فيه كلما قرأت كتب المذكرات وشهود العيان.. بينما يبدو بعيدا إذا قرأت كتب المؤرخين الباحثين. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Jul 25, 2022
|
Paperback
| |||||||||||||||
B0DLT5Q27H
| 4.43
| 3,046
| 1987
| 2006
|
liked it
|
كتاب مهم.. إذا أخذنا في الاعتبار أن كاتبها أديب، يكتب في سر انكسار الأمة من بوابة الأدب واللغة بالمقام الأول، وفي وقت كان نجومه يروجون أن الغرب هو الم
كتاب مهم.. إذا أخذنا في الاعتبار أن كاتبها أديب، يكتب في سر انكسار الأمة من بوابة الأدب واللغة بالمقام الأول، وفي وقت كان نجومه يروجون أن الغرب هو المنقذ والمستقبل والمحرر، وأننا يجب أن نتقفى خطاه. بهذه الخلفية سترى أن هذه الرسالة كانت ثورية في وقتها، وفي طريقتها.. لغة عربية عتيقة فاخرة، رواية أخرى لتاريخ انكسار الأمة وأسبابه يضع المسؤولية كلها على الغرب وطلائعه من المستشرقين، وتنبيه أن هذا الغزو أجهض نهضة كادت تحدث في بلادنا على يد خمسة من الرواد الأوائل .. وهنا بالمناسبة يلتقي رأيه مع رأي المؤرخ الأمريكي بيتر جران في كتابه "الجذور الإسلامية للرأسمالية" ويتفقان في التركيز على شخصية مرتضى الزبيدي صاحب تاج العروس كعلامة على هذه النهضة المُجْهَضَة. إذا لم تستحضر هذه الخلفية.. فسيبدو لك الكتاب مجرد نشرة إسلامية عتيقة بالية عاطفية باكية، متخمة بنظرية المؤامرة ومع إقراري بالمبالغة الكبيرة فيها عن دور المستشرقين في إجهاض هذه النهضة، وإقراري بأنها أغفلت أسبابا أكثر أهمية لنكبة أمتنا وغفلتها.. فيظل من المهم قراءة هذا الكتاب لفهم جانب لا تتعرض له العديد من الكتب الأخرى عن هذه الحقبة. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Feb 13, 2022
|
Paperback
| |||||||||||||||||
B0DMKNPCKM
| 3.86
| 43
| unknown
| 2021
|
really liked it
|
لست باحثا في مجال الأديان، ولا أنوي أن أكون، ولم أعرف بكتاب "نقد التقليد الكنسي" إلا من خلال التحريض الكنسي عليه، وهو التحريض الذي استجاب له السيسي فص
لست باحثا في مجال الأديان، ولا أنوي أن أكون، ولم أعرف بكتاب "نقد التقليد الكنسي" إلا من خلال التحريض الكنسي عليه، وهو التحريض الذي استجاب له السيسي فصدر الأمر بمصادرة الكتاب! وأول ما سمعتُه عن الكتاب كان هو هذا التحريض الكنسي لأحد آباء الكنيسة المصرية "أغاثون، أسقف المنيا" واستفزني منه عبارتان على وجه التحديد، وهما: 1. قوله: أن هذا الكتاب لا يمكن أن يكتبه مسلم، لأنه لا يمكن للمسلم أن يحيط بهذه التفاصيل! 2. قوله: هذا الكتاب جعل الكنيسة المصرية صفرا وهدم كل ما قامت عليه! ثم هدد بأن بقاء الكتاب قد يشعل فتنة طائفية، ولأن السيسي يمكن أن يفرط في أي شئ إلا في بقاء الكنيسة قوة في ظهره فقد استجاب سريعا وهكذا ترى عزيزي المسلم في مصر أن الكتب التي تسب الإسلام تُطبع طباعة فاخرة، بما في ذلك كتب التنصير التي تطبعها الكنيسة نفسها، وكتب الإلحاد، بل إنك لتجد كبار العلمانيين والملحدين والمشككين في القرآن والسنة والصحابة أصحاب برامج على القنوات المصرية.. بينما باحث مسلم يتخوف من مصادرة كتابه إذا كتب في نقد المسيحية، دين الأقلية التي لا تتجاوز 5%. بالمناسبة: من الضروري يا أيها القارئ أن تتذكر جيدا أن كاتب هذا الكتاب ليس سلفيا وهابيا، وليس إخوانيا معارضا، إنه أزهري.. نعم، كما تقرأ الآن، أزهري ينتسب إلى الأزهر الشريف.. هذا الأزهر الذي لطالما استعملته السلطة كغطاء لها في حرب الإسلام، فألبسته ثياب الاعتدال والوسطية كأنهما حكر عليه ولا يخرجان عنه!! فكاتب الكتاب أزهري، وممن قدَّموا له أستاذ بالأزهر.. ولكن، لا قيمة للأزهر -قلعة الوسطية والاعتدال والاستنارة- إذا غضبت الكنيسة، فليُصادر الكتاب ولو كان كاتبه أزهريا، ولو كان الذي يزكيه من أساتذة الأزهر!! قصة الأقباط في مصر قصة طويلة ومريرة ولا يتسع لها المقام، إنهم حقا أسعد أقلية في العالم.. ومن رأى منكم دولة تُصادَر فيها الكتب العلمية لأنها تغضب الأقلية، فليخبرنا مشكورا مأجورا. لنعد إلى غرض هذا المنشور.. وغرضه أني قرأت من الكتاب مائة صفحة، وهي حوالي ربع الكتاب.. وهو غاية ما أستطيعه في ظل انشغالي بأمور أخرى، ولولا استفزاز هذا الكاهن ما تحمست لقراءته! ولقد كنتُ منتبها في قراءته لأمريْن؛ أولهما: لغة الكاتب وهل يمكن أن يتطرق الشك لكون الكاتب ليس هو نفسه؟ وثانيهما: هل يمكن أن يبلغ كتاب من الخطورة بحيث يكون تهديدا وهدما لكل الكنيسة المصرية؟! فأما لغة الكتاب فلا شك عندي في أن صاحب الكتاب هو صاحبها، فللأزهريين لغة معروفة، فيها مسحة أصيلة من علم الكلام الذي يدرسونه، وطريقة صياغاتهم في التعبير عن المعاني لا تزال واضحة.. وهي تفارق -بوضوح- طريقة الباحثين من غير الأزهريين ممن تخرجوا في الجامعات المدنية! وهذا أمر لا أستطيع التعبير عنه، ولكنه أمر يتذوقه بسهولة من يمارس الكتب والبحوث! ثم إن المؤلف كان حريصا على اللغة العلمية الهادئة، فلم ينجرف إلى السخرية والاستهزاء، مع أن بعض المواطن تشد القارئ شدًّا لكتابة تعليق ساخر.. بل كان الرجل من الحساسية بحيث أنه لما نقل نقلا عن الأستاذ علي الريس تحفظ على كلمة ساخرة قالها علي الريس في الحاشية!!! ومع أصالة لغة المؤلف التي تظهر فيها طريقته الأزهرية، فإن المؤلف قليلا بل نادرا ما تكلم.. إن الكتاب هو حشد من الاقتباسات، ومن المراجع الكنسية المعتمدة، وما فعل هو إلا أن ربط بينها بعبارة أو بعض عبارة!! وأما أن الكتاب يهدم الكنيسة -كما قال أغاثون- فأمرٌ يكاد يكون صحيحا.. وإنما أقول "يكاد" لأني لست من أهل هذا المجال وأتحفظ أن أدخل فيما ليس لي به علم!! ولكنني مع كل صفحة من الكتاب أزداد اندهاشا.. إن النقد العلماني والاستشراقي المتوجه لعلم الحديث النبوي الشريف، قد أجبرنا أن نخوض بعض الحوارات في شأن الحديث وطريقة روايته وأسانيده وعلله.. وفي كل مرة كان يثبت بغير شك أن علم الحديث بناء شامخ صلب متين، وأن نقد العلماء المسلمين للمرويات وطرائقهم في تصحيح الحديث وتنقيحه هي غاية ما يمكن أن يصل إليه عقل بشر أو مجهودهم.. وأبسط دليل على هذا هو أننا لو عاملنا الأخبار التاريخية بمنهج المحدثين لانهار التاريخ كله ولم تصح منه رواية واحدة!!! ولذلك لا يمكن كتابة أي تاريخ وفقا لمنهج المحدثين.. بل إنني أحيانا يداخلني الغيظ من هذا التشدد الحديثي!! عندما قرأت كتاب "نقد التقليد الكنسي" كنت أهتف من أعماق قلبي: أين العلمانيون والمستشرقون من هذا؟!.. أين هم من هذه المعلومات المتناثرة التي لا يصلح لها حتى أن توصف بالروايات المهلهلة.. إن أصول الدين نفسها معرضة للنقد بسهولة، فصاحب الإنجيل لا يُعرف من هو على وجه التحديد، ولا يعرف تاريخ مولده ولا وفاته على وجه التحديد، ولا يعرف هل زار مصر أم لا، ولا يعرف هل هو من الرسل السبعين ليسوع أم لا.. وكل المعروف عنه معلومتان أو ثلاثة، ثم بُنِي حولهما بناء ضخم.. مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يمكن الجزم بأن هاتين المعلومتين يخصان مرقص كاتب الإنجيل، فربما كانتا عن مرقص آخر!! إن الكتاب يصيب بالدوار حقا.. ومن الغريب أن الكاتب لا يتكلم من تلقاء نفسه، بل يحشد المقولات المسيحية من المراجع المعتمدة المشهورة التي تؤخذ منها أصالة هذه المعلومات.. وبعض هذه المراجع التي أخذ منها هي المراجع التي توصي الكنيسة بقراءتها!! وبعض النقاشات والأقوال هي لرؤوس الكنيسة الذين تولوا كرسي البطريركية مثل الراحل شنودة! إن الكتاب يضع المسيحي في محنة حقا.. ولكن الأهم من هذا أنه دليل جديد يُرسِّخ في وعي المسلم أن كبار أهل الكتاب وعلماءهم يعرفون مقدار ما هم عليه من الباطل، ويدركون هشاشة ما يستندون عليه من الأدلة، فما هي إلا ظنون أو أوهام! على العلماني أو المستشرق أو التنصيري الذي يأتي ليجادل المسلمين في علم الحديث وتدقيقهم في المصادر، أن يأخذ جولة عند النصارى إن كان يهمه بالفعل طلب الحق والوصول إلى الحقيقة.. أما أن يترك الخشبة التي في عينيه ويأتي ليبصر الذي يظنه قذى عندنا فهو دليل على أن طلب الحق هو آخر ما يريد!! https://melhamy.blogspot.com/2021/07/... ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Jan 06, 2022
|
Paperback
| |||||||||||||||||
B0DLT6F6X6
| 4.27
| 13,039
| 2001
| 2004
|
really liked it
|
ليس من أحد يسير في طريق الحق في هذا الزمن إلا وهو يتخوف على نفسه السجن والأسر والتعذيب، ويكون هذا من أشد هواجسه وأدومها وأكثرها إلحاحا على نفسه! ولا أع ليس من أحد يسير في طريق الحق في هذا الزمن إلا وهو يتخوف على نفسه السجن والأسر والتعذيب، ويكون هذا من أشد هواجسه وأدومها وأكثرها إلحاحا على نفسه! ولا أعرف أحدا يفضل السجن على الموت، بل كل من أعرف يفضل الموت على السجن!! وفي ظل هذه الهواجس يثور السؤال المتكرر: ما كان لك ولهذا؟!.. أما كان خيرا لك أن تسكت وتصمت وتعيش مثل الناس؟!.. ماذا لو نزل بك السجن الآن، فكيف يكون حال أبيك وأمك؟ كيف تفعل زوجك؟ كيف سيتربى أبناؤك؟!! تلك الأسئلة التي ينثرها الشيطان في روعك تزيد ضراوة وشراسة إذا ضاق الخناق عليك، وشعرت بالخطر.. يهرع المؤمن ليتلو على نفسه آيات (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) وأحاديث (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك).. وبقدر ما في زاد الرجل من إيمان بقدر ما يطمئن قلبه بهذه الآيات والأحاديث! يعين على هذه الطمأنينة أن الطغاة لا يغفرون، ولا يصدر عنهم العفو.. إن الاسم حين يسكن سجلات الطغيان لا يُمحى.. الطاغية نفسه يخبرك ألا سبيل أمامك إلى التراجع، فلا عفو هنا ولا توبة.. ولئن كان الطاغية يتصرف كأنه إله، فإنه لا يفكر أبدا أن يكون كالإله في عفوه ورحمته وقبوله التوبة وإحسانه إلى التائب! وحيث قد أغلق الطاغية الطريق من جهته، فلم يبق أمامك -أخي الذي اختار طريق الحق- إلا أن تواصل الطريق.. فانظر كيف كان الطاغية من أسباب الثبات والتقدم!! فلقد أقسمتُ أن لو كان الطغاة يغفرون ويقبلون التوبة، لعاد إليهم كثيرون.. ولكن الله ذو رحمة بعباده الصالحين! لكن أمرا آخر، غير متوقع أيضا، عرفته من أسباب الثبات.. ذلك هو محنة من لم يكن له في الأمر نقير ولا قطمير.. فإنك حين ترى السجون حافلة بمن لم يفكر يوما في المواجهة أو المقاومة، وترى ما ينزل بهم من العذاب والنكال والإذلال، يندفع إلى رأسك فورا تفكير عنيف يسأل مفترسا: كيف هذا؟ ولماذا؟ ثم لن تجد جوابا إلا ما يندفع إلى قلبك بأنه: لا فرار من القدر، فما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.. فالقدر فوق الأسباب.. وما كل من سار في الطريق لقي الأذى، ولا كل من ابتعد عنه نجا.. وهكذا، يكون الفرار هو الفرار إلى الله.. تذكرتُ هذا الأمر، إذ قرأت "تلك العتمة الباهرة" للطاهر بن جلون.. وهي من أشهر أعمال أدب السجون في العالم العربي، كتبها صاحبها عن قصة حقيقية لمعتقل قضى ثمانية عشر عاما في سجن تزمامارت المغربي الرهيب، الذي هو علامة على عصر الملك الحسن الثاني. وقد شاء الله أن تعالى، وذلك من حكمته، أن يبقى اسم تزمامارت علما على هذه الحقبة برغم كل ما بذله ملك المغرب لمحو هذا السجن من سجلات التاريخ.. عدد من المذكرات والأفلام الوثائقية والحلقات التلفازية التي أحيت ذكرى تزمامارت حتى صار عصيا على النسيان. فمن لم يكن من أهل القراءة فلقد تيسر له أن يستمع، ومن لم يكن من أهل السرد فقد تيسرت له الدراما.. وهكذا يضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء! وبعيدا عن تزمامارت الآن، فإن أكثر ما جذبني في تلك الرواية أن الذين قضوا في تزمامارت ثمانية عشر عاما لم يفكروا لا في المقاومة ولا المواجهة ولا التمرد، كانوا مجرد جنود، وكانوا ينفذون الأوامر.. بل إن بعضهم ركب السيارات العسكرية لمجرد أن يصل إلى المدينة أو لمجرد أنه نُسِي في إجازة سابقة، فخرج معهم لمجرد أنها وسيلة مواصلات!! وهكذا إذن، شاب لا يفهم في السياسة ولا يعرف شيئا عن الدين، فهو بين مدرسته العسكرية في أهرمومو وبين بيت الدعارة وبين بيت أهله.. وجد نفسه فجأة مدانا في محاولة انقلاب، دفع ثمنها ثمانية عشرة سنة من عمره! الجنون والموت من الغيظ هو نتيجة منطقية لاختلال المنطق وانعكاس كل شيء.. وقد مات عدد منهم بالجنون والقهر بالفعل.. ستون سجينا مات نصفهم بالفعل. لئن كان في مناهضة الطغاة شيء من السلوى، فهي تلك السلوى.. إن الأسير الذي أغاظهم فسجنوه ليس مضطرا لمواجهة هذا الجنون، على الأقل هو يعرف أنه يدفع ثمن الطريق.. وتلك سلوى عظيمة لا يعرف قدرها إلا من اصطدم لأول مرة بالفرعونية والطغيان فتفاجأ بكل هذا الطوفان من الوحشية اللا منطقية واللا معقولة واللا مفهومة والتي لا يمكن حتى التصرف معها بحال! تلك العتمة الباهرة.. لن أحدثك كثيرا عنها، فإنها من أشهر الروايات، وستجد آلاف المراجعات والمقالات المنشورة عنها.. يهمني أن أشير إلى ما أرى أنه يغيب ذكره.. كنت قد حدثتك أخي القاريء، وربما تكون مللت مني في هذا، أن أدب السجون من ثلاثة فروع أرشحها دائما لمن يحبون قراءة الروايات، وهي: كتب المذكرات والسير الذاتية، كتب الرحلات والأسفار، أدب السجون.. ذلك أنها كتب تجمع بين كونها حقيقية -لا خيالية- وبين كونها خفيفة غير ثقيلة ولا جافة كما هي كتب العلوم الأكاديمية. إن كتب المذكرات تبسط لنا علوم السياسة والحرب والتاريخ والاجتماع وعلم النفس أيضا، بحسب كاتبها.. وكتب الرحلات والأسفار تبسط لنا علوم التاريخ والحضارة والثقافة والسياسة والاجتماع.. وأدب السجون تبسط لنا علوم النفس والاجتماع والتاريخ! وربما أقسم أن الذي يعكف على تلك الكتب تدبرا وتأملا، يستطيع أن يستفيد منها ما لا يستفيده الدارس الأكاديمي الذي يقرأ تلك العلوم في أثواب صفيقة غليظة وتصنيفات صارمة جامدة تنسف الانسجام الإنساني الكائن في تلك العلوم، فتجعلها تحليلا جافا لجزئيات متناثرة. تلك العتمة الباهرة.. كتاب يخوض في علم النفس فحسب!! هو لا يهتم بالتاريخ ولا بالحديث عن المغرب ولا الملك ولا الانقلاب وأسبابه.. إنما هو تعمق طويل في أساليب النفس حين تواجه محنة ضخمة لا فكاك منها!! صاحبنا صاحب الرواية كانت له طريقته في ذلك، الاستسلام التام، النسيان التام، الطرد التام للأفكار والماضي، الطرد التام للمستقبل، محاربة الأمل، محاربة الكراهية.. سيبذل جهدا عظيما لكي لا يكره جلاديه، ليس من أجلهم، بل خوفا أن تكون هذه الكراهية هي النار التي ستأكله وتقتله.. سيعكف طويلا على نفسه وتأملاته وصمته الطويل، يحاول بذلك أن ينسحب من نفسه ويحلق في عالم الروح.. نجح أحيانا ووصل لما يمكن أن نسميه مقامات روحية عالية، ولما قد يسميه آخرون تهيؤات وهلاوس.. كان يلح علي طوال القراءة في هذا النمط سؤال يقول: هل هذه أيضا هي طريقة شعوبنا المقهورة في مواجهة محنتها؟.. إن الهرب إلى المخدرات أو إلى كرة القدم أو إلى الشهوة أو إلى الانغماس في عمل الخير أو إلى التصوف المنسحب.. كل هذا أليس هربا؟! أليست محاولات التماس الأعذار للسلطة والجلادين هو هرب أيضا من مواجهة الحقيقة المرة التي يكون الاعتراف بها محنة بلا حل؟! هل يكون علم النفس هو صورة مصغرة لعلم الاجتماع؟! على كل حال، سواءٌ أعجبتك طريقة صاحبنا هذا في مواجهة محنته أم لم تعجبك.. فالمؤكد أنك ستتوقف طويلا أمام أنواع الموت في تزمامارت.. هناك من مات بالإمساك، تراكمت فضلاته في جوفه، تُرك بلا علاج حتى مات.. وهناك من مات بالإسهال، نزف كل ما في جسده حتى مات.. وهناك من مات باحتقان البول! هناك من مات بالطعام الجيد، فحين تحسنت الأحوال في الشهور الاخيرة -لأن نظام المغرب أُحرج بانتشار فضيحة تزمامارت- لم يتحمل جسد أحدهم الطعام الجيد بعد ثمانية عشر عاما من الطعام الرديء.. فمات! وهناك من مات من الجنون.. ومن المأساة في تزمامارت أن كلبا عضَّ أحد الجنرالات -فيما يبدو- فحكم عليه بالسجن خمس سنوات في تزمامارت.. لم يتحمل الكلب أسابيع، زمجر وغضب أول الأمر، ثم استكان وأنَّ وبكى ثانيا، ثم جُنَّ وهاج حتى خافه السجانون فلم يجرؤوا على إطعامه، فمات.. وهناك أنواع موت مبتكرة، فهناك من مات بسبب فقد الحِكاية.. كانت الحكاية سلواه، فلما مرض الذي يحكي فسكت وغشي عليه، مات الذي فقد سلواه!! لكن موتا شدّني جدا.. لقد مات أحدهم من الشكّ.. في كل قصة سجن ستجد قصة معركة بين المساجين، إن الهزيمة تثير الإحباط، وتثير الشك في الطريق، ستقرأ قصة كهذه في كل عمل عن أدب السجون.. وفي قصتنا هنا اشتعلت مشادة بين سجينيْن لحسين وسليم على النحو التالي: قال لحسين لسليم: أنت ابن زنا، أبوك نديم الملك وسميره، فلولا أنه يعرف أنك لست ابنه لتوسط لك ليعفو عنك! ردَّ سليم، وقد بلغ منه الاستفزاز مبلغه، بواقعة قديمة خلاصتها أن لحسين استطاع -قبل أن يأتي لتزمامارت- أن يلتقي بزوجته في مستشفى سجن القنيطرة، فوقع بينهما ما وقع بين الرجل وامرأته، فحملت منه، فولدت ولدا. لم يجد سليم إلا أن يستفزه فيقول له: كيف تصدق أن هذا ولدك؟!.. لقد أنجبته من آخر.. ما الذي يدريك؟! وهنا انهار لحسين.. لقد وقع في نفسه الشك.. ومع أن سليما بذل كل جهد فيما بعد لينزع عنه هذا الشك وليعتذر عنه بأنها ساعة غضب قال فيها زورا، إلا أن لحسين لم يرجع عن شكه.. لقد حطم تزمامارت نفسيته، وجعلها هشة ضعيفة.. وما زال في شكه حتى مات!! تلك الواقعة تحديدا قد تفسر لماذا تنتشر بين شعوبنا الشائعات الفجة الحقيرة التي تضرب اطمئنان الناس في أوثق صلاتهم الاجتماعية، إن حياتنا تحت ظل الاستبداد القاهر هي التي تنتج شكوكا فظيعة بين الرجل وزوجه، وبين الرجل وابنه، وبين الرجل وأخيه.. ولذلك تكثر حوادث القتل بشبهة الخيانة!! الوضع القاهر يهيئ النفس لتصديق كل الشكوك، فإذا كان الفقر مصحوبا بالانحلال الأخلاقي والاجتماعي، فإنه ليس بعيدا أن تكون الجرائم والفواحش هي الحلول الأقرب لتفسير كل شيء. قبل عقود لم يكن سهلا تصديق أن تزني المرأة بدافع الفقر، أو بدافع الحب.. كانت المجتمعات قوية متماسكة متعارفة.. فللمرأة آلاف السبل لتأكل دون أن تفرط في نفسها، وأمامها آلاف الخواطر والتهديدات لو فكرت في الخروج عن النظام الاجتماعي والمخاطرة بالتفريط في شرفها.. الآن ليس الوضع كذلك.. الآن يسهل تصديق هذا في المجتمع الذي اجتمع فيه الفقر والانحلال.. ولهذا يسهل جدا الإيقاع بين الأسرة الواحدة، ولهذا تكثر الجريمة، ويكثر الانتحار!! أحد الحراس في تزمامارت بدأ في التعاون مع السجناء، فصار يهرب لهم العقاقير المسكنة أو الفيتامينات.. سأل أحدهم: أي نوع تريد؟ فقال السجين: أريد أي نوع من العقاقير فعندي كل الأوجاع نعم.. هكذا كان.. وهكذا هي مجتمعاتنا الآن.. نحن الآن في حاجة لأية عقاقير، ولأي نوع من العلاج، نحن نحتاج كل التخصصات، كل المسعفين، كل الأطباء، كل علماء النفس والاجتماع والدعاة والوعاظ والعلماء.. لقد منع عنا الطغيان والاستبداد كل أنواع الدواء، في الوقت الذي فتح فيه علينا كل أنواع المرض.. وصرنا نحتاج لكل قطرة جهد وكل كلمة حق وكل دعوة خير.. علينا أن نتعامل مع أمتنا بهذه النفسية: نحن بحاجة إلى أية أنواع من العقاقير، لدينا كل الأوجاع!! https://melhamy.blogspot.com/2021/09/... ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Jan 06, 2022
|
Paperback
| |||||||||||||||||
unknown
| 3.88
| 8
| unknown
| unknown
|
really liked it
|
طالعت في المصنف مجلده الأخير الذي هو كتاب الفتن، في إطار أبحاثي عن التاريخ، ففي هذا المجلد حديث عن عصر الخلافة الراشدة وعصر الفتنة، ثم فتن آخر الزمان.
طالعت في المصنف مجلده الأخير الذي هو كتاب الفتن، في إطار أبحاثي عن التاريخ، ففي هذا المجلد حديث عن عصر الخلافة الراشدة وعصر الفتنة، ثم فتن آخر الزمان. ومن موقع الباحث في التاريخ - لا المحقق- أرى أن هذا الكتاب هو أفضل طبعات المصنف.. فقد راجعت أربع طبعات للمصنف، طبعة كمال الحوت، ثم طبعة الشيخ عوامة، ثم هذه الطبعة، ثم طبعة الشثري.. وهذا هو ترتيب صدور هذه الطبعات. والباحث في التاريخ يحتاج الحكم على الحادثة بالصحة والضعف، وهو ما لم يوجد في طبعة كمال الحوت، ووجد نادرا في طبعة الشيخ عوامة، ثم وجد في طبعتي الشيخ أسامة التي نحن بصددها، وفي طبعة الشثري.. وبالمقارنة بين الطبعتين فهذه الطبعة -أي طبعة الشيخ أسامة بن إبراهيم- أدق في التصحيح والتضعيف من طبعة الشثري، فضلا عن أنها مضبوطة الشكل أيضا. والطبعات الأربعة جميعا متاحة على الانترنت والحمد لله كثيرا، ثم الشكر كثيرا لفرق العمل التي تصور الكتب وتتيحها، فلولا ذلك لفاتنا علم كثير كثير كثير.. ولا يوفيهم أجرهم إلا الله. ثم أعود فأؤكد أن هذا التقييم هو تقييم باحث في التاريخ، وليس محققا للمخطوطات ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Jan 04, 2022
| ||||||||||||||||||
9773423042
| 9773423042
| 3.87
| 92
| 2007
| 2007
|
it was ok
|
كنت قديما اغتررتُ بهذا الكتاب.. فلما زادت القراءة والبحث والتتبع زهدت فيه! فلئن كانت فيه حسنة، فهو كثرة الجمع، أما التحقيق والتحرير فأمر مؤسف، فلا منهج كنت قديما اغتررتُ بهذا الكتاب.. فلما زادت القراءة والبحث والتتبع زهدت فيه! فلئن كانت فيه حسنة، فهو كثرة الجمع، أما التحقيق والتحرير فأمر مؤسف، فلا منهج ولا طريقة.. بل يجمع المؤلف ما يريد، ويستنتج كما يهوى!! ويمارس تدليسا خفيا لا ينتبه له إلا من يدقق ويبحث خلفه! وعادتي ألا أكتب المراجعات في الكتب التي لا تعجبني، ولكن سبق مني أن نصحت بهذا الكتاب، فأنا أستغفر الله من ذلك، وأسجل هنا آخر ما انتهيت إليه من الرأي فيه. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Jan 04, 2022
| |||||||||||||||||
B0DN8N9SWD
| 4.74
| 479
| unknown
| 2020
|
it was amazing
|
أنهيتُ أخيرا كتاب "البلاء الشديد والميلاد الجديد" للأسير السابق في جوانتانامو فايز الكندري.. ليأخذ هذا الكتاب موضعه ضمن أفضل الكتب التي قرأتُها في حيا
أنهيتُ أخيرا كتاب "البلاء الشديد والميلاد الجديد" للأسير السابق في جوانتانامو فايز الكندري.. ليأخذ هذا الكتاب موضعه ضمن أفضل الكتب التي قرأتُها في حياتي على الإطلاق، وليتربع على عرش الكتب التي قرأتها في أدب السجون.. وإذا كنتُ الآن مُقْدِمًا على كتابة شيء عنه، فاعلم أخي القارئ أن الكاتب يُحْسِن التعبير عن المعاني التي أمسكها وقبض على زمامها، وأما المعاني التي تغمره وتحاصره فليس يحسن وصفها، بل يتيه ويتلعثم ويتلجلج، يحاول التنفيس عن نفسه أكثر مما يحاول تقديم الثمر إلى غيره.. وإن حالي مع هذا الكتاب كحال هذا الغريق الذي هاجمته المعاني من أقطارها فلم يحر سبيلا. قد اجتمع في هذا الكتاب ما تفرق في غيره.. ودعني أقرب لك الصورة.. يحتفي الناس بكتاب ابن تيمية "درء التعارض بين العقل والنقل" لأنه سدَّ ثغرة فارغة، بين منهج السلف والالتزام بالنص وبين طريقة الفلاسفة وتسليط المنهج الفلسفي على النص، فهو -أي الكتاب- ردٌّ أثري على الطرح الفلسفي، حيث ثَوَّر ابن تيمية نصوص القرآن ليهدم بها بناء الفلسفة الذي بدا برّاقًا وخدَّاعًا حتى استلب عددا من فضلاء المسلمين فصاروا ينصرون الدين بمنطق الفلسفة ومنهجها. ويحتفي الناس بكتاب ابن القيم "مدارج السالكين" لأنه سدَّ ثغرة فارغة بين الروحانية الصوفية التي تنزع إلى الشطحات وتتفلت من الأحكام وتتذرع لنفسها بالنصوص الضعيفة، وبين الجفاف الفقهي والصرامة الحديثية التي تصنع عقلا عظيما لكنه أشبه بالمحامي والخبير القانوني الذي يفتقد إلى روحانية العابدين.. فجاء هذا الكتاب ليكون هو الأمنية، كما يقول رشيد رضا! ويحتفي الناس بكتاب سيد قطب "في ظلال القرآن"، وذلك أنه التفسير الذي قصد إلى بيان هداية القرآن والتعمق في معانيه وتوجيهاته وإرشاداته، وقد جاء بعد زمن طويل من تفاسير عديدة تهتم في القرآن بالنحو واللغة والبلاغة والأحكام الفقهية والجدل العقدي.. وكل هذا مهمٌّ في بيئة لا يتهدد فيها الإسلام نفسُه، أما وقد تهدد الإسلام بين أبنائه فما كان أشد حاجتهم إلى تفسير يُجَلِّي لهم معاني القرآن وهدايته وتفوقه وسموه على مناهج الأرض. وهو الأمر الذي رامه قبل ذلك محمد عبده ثم رشيد رضا ولكن لم يُقَدَّر لهما أن يكملاه، فبلغ الأمر تمامه على يد الشهيد سيد قطب رحمه الله. وهذا الكتاب "البلاء الشديد والميلاد الجديد" يستحق أن يوضع في ذات المكانة بين كتب المذكرات وأدب السجون.. فقد اجتمع فيه ما تفرق في غيره! 1. اجتمع فيه أن كاتبه داعية إسلامي، يحسن التعبير عن الإسلام والدفاع عن قضيته وبيان محاسنه.. ولو أنك نظرتَ إلى كتب أدب السجون في عالمنا العربي لوجدتَ عجبا، إن الأغلبية الساحقة من نزلاء السجون هم من الدعاة والإسلاميين، ولكن أقل القليل منهم هو الذي كتب تجربته في السجن! فلو أنك نظرت إلى كتب أدب السجون لانطبع في ذهنك أن أغلب الذين ذاقوا السجن كانوا من اليساريين والشيوعيين والمتهمين في انقلابات عسكرية فاشلة. لقد كان الإسلاميون أكثر المسجونين، وأقلَّ الرواة لتجربتهم.. بعض هذا لزهدهم في الكتابة والرواية وبعضه لأن الظرف الأمني والسياسي لم يكن ليسمح بهذا. 2. وحتى الذين كتبوا تجربتهم من أولئك الإسلاميين، قد ندر فيهم من كتبها بقلمٍ بليغ وأسلوب بديع.. لقد جاء أغلب هذا كتابة خبرية تقريرية توثيقية.. بعض هذا لقلة الاهتمام بالأسلوب، وبعضه لأن الظرف الأمني والسياسي كان يناهض روايتهم فكانوا يكتبونها كإثبات وتوثيق أكثر من كتابتها لغرض الإفادة والتوجيه. لقد اجتمع في هذا الكتاب عقل الداعية المسلم الذكي، مع القلم الأديب البليغ حسن البيان.. لقد كان المؤلف ذا علم غزير وذا بيان جميل، ولا يُزاحم كثرة المعاني الذكية الفائقة في كتابه إلا كثرة التشبيهات البديعة والعبارات الرائقة. 3. لم يكن جوانتانامو سجنا وحشيا كما هو حال السجون في الصين وروسيا والعراق وسوريا ومصر والأردن والمغرب.. لم تكن محنته في التقطيع والتعليق والسلخ وهتك الأعراض.. كان توحش هذا السجن توحشا على الطريقة الحديثة، على طريقة الحضارة الغربية.. إنه السجن الذي لا يسمح لك بالموت شهيدا في سبيل الله، بل يحاول أن يسلب إيمانك من قلبك، ويسيطر على مراكز التفكير في عقلك، ونقاط المشاعر في نفسك! سجن أنشأه علماء نفس، لا لكسر العدو، بل "لترويضه".. سجنٌ يريد منك أن تتوب إلى الغرب وتقف باكيا على أعتابه، مؤمنا بأنك قد أخطأت في حقه، معترفا وموقنا في قرارة نفسك بأنك ارتكبت إثما عظيما حين فكرت في مقاومته، بل حين فكرت في إغاثة من سحقهم هو بيده! لذلك اجتمع في جوانتانامو من قاومهم، ومن ذهب إلى الإغاثة، ومن ظل على الحدود يغيث من بعيد.. ولئن كان الأسير في السجون الوحشية على الطريقة الشرقية والعربية لا يجد له ملجأ إلا الإيمان، رغبا أو رهبا، حبا أو اضطرارا، فإن سجين الحضارة الغربية يوضع إيمانه على المحكّ!! ولقد نجحوا أحيانا.. في هذا الكتاب ترى مسلمين قد ارتدوا، ومزقوا المصاحف بأيديهم، وترى من كان مجا هد ا في الصفوف الأولى يوما قد عمل جاسوسا على إخوانه، وترى من كان يصوم النهار ويقوم الليل وقد تطوع ليوقع غيره في المشكلات إرضاء للأمريكان!! هنا ترى زلزلة النفس، وانقلابها، وتقلبها بين السمو والدُنُوّ، بين السموق والسفول.. نجحوا أحيانا، وفشلوا كثيرا.. تاجر المخدرات الذي سيق إلى جوانتانامو بالخطأ فأشرقت روحه فانقلب حاله، وآخر فضَّل البقاء في جوانتانامو على أن يُفرج عنه ليذهب إلى أوروبا خشية الفتنة، يوسف جديد يقول (رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه)، وآخر قد بلغ الغاية من النحافة والنحول والهزال ولكن همَّته أعجزتهم فكان يبلغ منهم وهو في أسره وضعفه ما جعلهم يندفعون إلى قتله والتخلص منه! وآخر قد خرج من جوانتانامو فصار مفاوضا للأمريكان ضمن وفد طالبان! وآخر قد خرج منه فعاد لمواجتهم مرة أخرى حتى قضى نحبه!!! بل انقلب عليهم الأمر أحيانا أخرى، لقد أسلم عدد من الجنود الأمريكان بعدما رأى الإسلام يشع من هؤلاء الأسرى! ووقف المحققون معجبون أو متحيرون من صلابة هؤلاء واجتماعهم على غير أرحام ولا أنساب!! 4. ألم أقل لك قد اجتمع في هذا الكتاب ما تفرق في غيره؟!.. إذا كنت قد قرأت شيئا عن مآسي السجون المصرية أو السورية أو المغربية ... فهنا في جوانتانامو جاءك المصري والمغربي واليمني والسعودي والأفغاني والتركستاني والموريتاني.. أمة واحدة في سجن واحد!! انتظر انتظر.. قد جاءك أيضا آخرون، قد جاءتك وفودٌ أمنية من البلاد العربية لتحقق مع المعتقلين.. سترى في هذا الكتاب قصة الوفد الأمني المصري، وقصة وفد أمني كويتي، وقصة وفد صيني، وقصة وفود أخرى لم يشأ المؤلف أن يُعَيِّنَها.. قد اجتمع في جوانتانامو خلاصة الظلم، وخلاصة المظلومين، قد نطق جوانتانامو عن نفسه بأنه ساحة المعركة الحضارية العالمية، حين يأتي مصري ومصري، بعضهم أسير وبعضهم يحقق معه، على الأرض الكوبية التي احتلها الأمريكان.. هل كان بوسع أحد أن يُلَخِّص حقيقة ما يحدث في هذا العالم أبلغ وأخصر وأوجز من أن يضع لك هذه الصورة؟! 5. كنتُ في منشور سابق، سأضع لك رابطه في نهاية هذا المقال، قد ذكرتُ أن من فوائد القراءة في أدب السجون أن تتعلم منها طبائع النفس والجماعات بأسلوب بسيط ومفهوم ومَحْكِيّ بدلا من كتب علوم النفس والاجتماع التي تمزق طبيعة المأساة الإنسانية لتحقق انسجامها التصنيفي الدراسي الصفيق الغليظ.. في هذا الكتاب أبدع المؤلف في وصف مشاعر النفس وتأملاتها ومآزقها ومحنها.. إنها أربعة عشر عاما في جوانتانامو.. حيث اليوم الواحد مزدحم بالمآسي فكيف بالأعوام الطويلة! كذلك أبدع في وصف مجتمع المقهورين، وما ينشأ بينهم من الروابط، ثم ما ينشأ بينهم وبين سجانيهم وجلاديهم من العلاقات، وكذلك مجتمع الجلادين والسجانين.. دفقة قوية في علم الاجتماع تأخذها عمليا من حكاية جوانتانامو. ولأن المؤلف -حفظه الله- على قدر عال من العلم والفقه في الدين فقد كانت تأملاته ومواقفه مربوطة دائما بالقرآن والسنة وقصص الأنبياء والصالحين.. وبهذا اجتمعت المعاني التربوية العميقة بالتأملات النفسية واليوميات الجماعية.. لم أر أحدا من قبل استطاع أن يبلغ هذا المستوى! ولأن المؤلف قصد إلى بيان الحقيقة، فإن الواقع يظهر في هذا الكتاب كما هو، يظهر معقدا ومربكا ومستعصيا على القوانين والمعادلات البسيطة.. فليس كل مظلوم بطلا ولا كل ظالم فاجرا، ولا كل من عرف الحق اتبعه، ولا كل من جهل الحق أنكره، ولا كل الذين خاضوا اختبارا عسيرا فجازوه بنجاح استطاعوا أن يجتازوا بقية الاختبارات!! 6. بقي أن ترى في هذا الكتاب طبيعة العدالة الأمريكية، وطبيعة الحضارة الغربية، وطبيعة الحكومات العربية والإسلامية. ستراها في غرائب المعتقل وعجائبه، حين يأتي محقق ويقول للأسير: لقد اكتشفنا -بعد عشر سنوات- أنك برئ فعلا وأنك ذهبت إلى الإغاثة، ولكن هذا لن يغير من حالك شيئا! حين يُسَلِّم العملاء تاجر مخدرات باعتباره مسؤولا ماليا خطيرا لطا لبا ن، رغبة في الجائزة الأمريكية، فيكتشف الأمريكان هذا، ولكنهم لا يفكرون في الإفراج عنه بل يفكرون في تشغيله كجاسوس على بقية الأسرى. حين يأتي جون ماكين إلى المعتقل، ويبدي تعاطفه معهم، ثم يذهب إلى الكونجرس ليعارض إغلاقه! القصص كثيرة.. امتدَّ بها الكتاب حتى جاوز خمسمائة صفحة ضيقة السطور!! 7. لو كان لي من الأمر شيء، لفرضتُ تدريس هذا الكتاب على سائر المحاضن التربوية وسائر المجموعات الدراسية.. فقد اجتمع فيه ما يُغني عن الكثير جدا جدا من غيره! إنه كتاب عظيم حقا.. أسأل الله أن يحفظ مؤلفه وأن يحفظ عليه دينه وأن ينفع به وأن يختم له بالحسني. وأسأله تعالى أن يجيرنا وإياكم من الضعف والذل، ومن القهر والأسر، وأن يبلغنا أيام العزة والنصر! اقرأ: كلمة في أدب السجون: https://www.facebook.com/mohammad.elh... https://t.me/melhamy/2066 ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Jan 31, 2021
|
Unknown Binding
| |||||||||||||||||
B0DN3JGWZK
| 3.40
| 5
| unknown
| unknown
|
liked it
|
لكم وددتُ أن تطول هذه المذكرات، وتكون أكثر تفصيلا، وما ذلك إلا لأحاول فهم شخصية صاحبها، فإنه أحد الشخصيات المُحَيِّرة. إنه محمد البهي.. المفكر الإسلامي لكم وددتُ أن تطول هذه المذكرات، وتكون أكثر تفصيلا، وما ذلك إلا لأحاول فهم شخصية صاحبها، فإنه أحد الشخصيات المُحَيِّرة. إنه محمد البهي.. المفكر الإسلامي الكبير الذي فاضت ألسنة الكثيرين من مشايخنا في مدحه والثناء عليه، وأولئك الذين مدحوه أبعد من أن يُتَّهموا بنفاق، فمنهم القرضاوي وأحمد العسال وعبد الجليل شلبي وأنور الجندي ومحمد عبد الله السمان وغيرهم. وهو مع ذلك الوزير في عصر عبد الناصر، في أشد حقبة عبد الناصر ظلاما، إذ كان وزيرا لشئون الأزهر، وكان واحدا من رجال قانون "تطوير الأزهر"، أو بالأحرى تحطيم الأزهر، وهو الذي نَفَّذ بنفسه تحجيما لشيخ الأزهر لم يجرؤ عليه أحد من قبله، حتى لم يجد شيخ الأزهر (محمود شلتوت) حينها إلا أن يرفع شكايته لمجلس الدولة يحاول أن يسترد شيئا من كرامته، فإذا بمجلس الدولة ينصر الوزير عليه (وهذا هو المتوقع في ظل قانون وُضِع أصلا لتحطيم شيخ الأزهر)، فلم يجد شلتوت إلا أن يعتكف في بيته مريضا حتى مات! ثم هو مع ذلك الرجل الذي لما سأله عبد الحكيم عامر عن رأيه في كتاب سيد قطب "معالم في الطريق" قال: تمنيت لو أنني كتبتُ هذا الكتاب، فإن فيه رأي القرآن.. متعرضا في ذلك لدهشة عبد الحكيم عامر -الرجل الثاني، ربما الأول في ذلك الوقت- وغضبته! محمد البهي.. الرجل الذي فاض لسانه وقلمه في التحذير من المستشرقين، وهضم الفكر الغربي، حتى إن سيد قطب حين أراد تلخيص هذا الفكر لم يجد خيرا من أن ينقل من كتاب البهي "الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار".. وهو كتاب فاخر جميل يوصى به. ومع ذلك لا تجد مستشرقا يناقش انحدار شأن الأزهر إلا وهو جذل أو مستغرب من دور البهي في إمضاء قانون الأزهر المشؤوم عام 1961. الرجل الذي لا يُشَكُّ في صدق همّه وهمته لاستئناف الحياة الإسلامية، وإعادة المكانة للشريعة الإسلامية، ولكنه كان حريصا على تطبيق القانون الوضعي تطبيقا صارما كأنما هو الشريعة، أثناء حياته كأستاذ وكرئيس للجامعة وكوزير! الرجل الذي كانت له من الجرأة أن يحاضر ويكتب ضد الشيوعيين في ذروة قوتهم بمصر في مطلع الستينات من القرن العشرين، ثم لا يقترب منه أحد، إلا أن تُمْنَع كتبه من الطبع، أو تُصادر إذا طُبِعت خارج مصر. ومع ذلك فهو يحظى بحماية عبد الناصر نفسه في مقابلة عبد الحكيم عامر وزوجته برلنتي عبد الحميد!! الرجل الذي شُهِد له بالنزاهة ونظافة اليد والنفور من أية مكاسب، حتى أنه لم يستطع أن يشتري مسكنه.. كيف لهذا أن يكون وزيرا في عصر عبد الناصر الذي كان وزراؤه أمثلة نموذجية في الفساد والانحلال؟! لكم تمنيتُ أن تحل هذه المذكرات لغز هذه الشخصية، ولكن اختصارها وأخبار شذراتها لم تشفِ غليلي. لقد مرَّ بسرعة على قانون تطوير الأزهر، ولم يُشر إلى دوره في إقراره إلا بكلمات بسيطة.. ولا مَدَح القانون ولا أثنى عليه (مع أنه كان مستبشرا به كثيرا في خاتمة كتابه: الفكر الإسلامي الحديث).. ومرَّ على الأحداث الفاصلة في عصره دون أن يشير إليها. لقد انصب اهتمامه على توضيح مواقف شخصية ونزاعات بينه وبين أساتذة الجامعة أو مسؤولي الوزارة! لا أجد تفسيرا لهذه الشخصية إلا أن هذا الرجل المستقيم في نفسه، البعيد الهمة والكثير الهمّ، إنما كان مصابا بما أسميه "فيروس الدولة"!!.. وهو الفيروس الذي يصيب صاحبه بالشغف بالخضوع والنظام وتنفيذ القانون حرفيا مهما كان القانون جائرا، والسعي للإصلاح بقدر ما تتيحه السلطة من مساحة، وبحسب ما تتيحه السلطة من أدوات. فإن اعترض على شيء لم يكن له أن يكافح أو يناضل بل أن يكتم غيظه في نفسه، مستمرا في تأدية مهمته على الوجه الأمثل كما يفعل "المواطن الصالح"! ترى هل يكون غيظ هذا "المواطن الصالح" منبعثا من انتهاك الدولة للعدل والحق؟ أم من انتهاكها لقانونها الذي وضعته؟!.. في مثل حالة الشيخ محمد البهي: لا أستطيع الإجابة. لقد تفتحت حياة الرجل في ألمانيا، حيث كان في بعثه، وذلك في زمن هتلر، في السنوات التسع الذهبية التي عادت فيها ألمانيا كماكينة عمل هادرة، وتلملم شتاتها وأشلاءها من الحرب العالمية الأولى لتتحول فيما يشبه غمضة العين إلى قوة فظيعة تكاد تلتهم أوروبا كقطعة من الحلوى! تضرب ألمانيا، منذ بسمارك وحتى الآن، مثلا نموذجيا في الدولة القوية التي تهيمن على شعب نشيط، كأنما هي مصنع كبير مُحْكَم التصميم، وتقدّم نموذجًا يُدرَّس في العلوم السياسية عن السلطة التي تستطيع إنشاء شعب على وفق مثالٍ منضبط. ومن خلال مذكرات من عاشوا ذلك الزمن، نرى أن هذا النموذج قد بلغ ذروته في هذه السنوات التسع (1930 - 1939م).. وتلك هي السنوات التي عاشها صاحبنا هناك. هل يصلح هذا لتفسير ما يبدو كتناقضات لدى محمد البهي؟! هل يكون إيمانه بالإصلاح السلطوي، والتنفيذ الحرفي لتوجهات السلطة، هو الذي دفعه لما يُعاب عليه من العنف الشخصي والقسوة الإدارية والسعي نحو قانون تطوير الأزهر على هذا النحو؟ لقد كان مؤمنا أن الأزهريين لن يُصلحوا من أنفسهم أبدا، وكان مؤمنا أن الحل كامن في إجبار الأزهريين على تعلم اللغات الأجنبية والعلوم الحديثة. وهو في قسوته الإدارية وعنفه في موقع المسؤولية يُذَكِّر بما قيل عن ابن خلدون، الذي كان إذا تولى القضاء بدا عنيفا شديدا، فإذا عُزِل عنه بدا سهلا رقيقا رفيقا. إلا أنه في هذا يخالف محمد عبده، فمحمد عبده رغم قربه من السلطة الإنجليزية التي كانت تحتل مصر، ورغم تشوقه الكامل لإصلاح حال الأزهر بما قد يقترب من رؤية محمد البهي (بالمناسبة: محمد البهي يرى نفسه من مدرسة عبده) إلا أنه حين كان يقع الاختيار بين "إصلاح" يفرضه الإنجليز فرضا على شيوخ الأزهر لم يكن يسعى في هذا بل كان يتوقف عنه، كان عبده في نهاية الأمر يريد أن يحتفظ للأزهر بهيبته ومكانته وألا يكون شأنه في متناول السلطة، لقد كان عبده مدركا أن الأزهر لم ينحط إلا حين سيطرت السلطة على أوقافه وشيوخه منذ محمد علي، وكان متحسرا على هذه الأزمة: فلا أهل الأزهر يرغبون في تطوير حاله، ولا إصلاحه سيكون على يد العدو المحتل، وقد روى رشيد رضا عنه في هذا الأمر ما يُصَوِّر حجم حسرته. فارق محمد البهي محمدًا عبده في هذا النهج، وكان ذراعا للسلطة في ضرب الأزهر. على كل حال، إن هذيْن القرنيْن، هما عصر الهزيمة.. وهو عصر تلتبس فيه الحلول على أهل العقول، عصر يصير فيه الحليم حيرانا، لا يدري ماذا يفعل.. والقاعدة عندي أن من ثبت ولاؤه للإسلام وهمّه في العمل له يوسع له في الإعذار ويُغَلَّب في شأنه حسن الظن، ولا يمنع هذا من الإنكار عليه والإشارة لما وقع فيه. ونسأل الله أن يهدينا إلى أرشد الأمور، وأن يخرجنا من هذا الضعف والوهن. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Dec 27, 2020
|
Paperback
| |||||||||||||||||
6144450106
| 9786144450109
| 6144450106
| 4.00
| 880
| Nov 20, 2012
| 2014
|
it was amazing
|
منذ أن أنهيتُ كتاب "الدولة المستحيلة" لوائل حلاق، وأنا أهيئ نفسي لتدبيج مقال مطوّل عنه، ومع الأسف يمرُّ الوقت وتجتمع المشاغل مع ضعف الهمة فلا يلبث الم
منذ أن أنهيتُ كتاب "الدولة المستحيلة" لوائل حلاق، وأنا أهيئ نفسي لتدبيج مقال مطوّل عنه، ومع الأسف يمرُّ الوقت وتجتمع المشاغل مع ضعف الهمة فلا يلبث المرء إلا أن يكون بين خياريْن: إما أن يُدرك بعضَ ما نوى أو أن يتخلى عنه كله. ولهذا، فما هذه السطور إلا خواطر متناثرة، لا تزال تترسب في الذاكرة، قدَّرْتُ أن بثَّها خيرٌ من طيِّها. [1] بداية، ولكي نريح القارئ العجول، فأنا في صفّ المعجبين بالكتاب والمؤيدين لفكرته، والفكرة البسيطة للكتاب أن نموذج النظام الإسلامي مختلف جذريا ومتناقض تماما مع نموذج الدولة الحديثة، ولا يمكن التوفيق بين هذين النموذجيين، إذ أحدهما ديني أخلاقي أنتج بالفعل نظاما عاش 1300 سنة، فضلا عن تجذره في نفوس المسلمين وعالمهم بما يجعل انخلاعهم عنه وانخلاعه عنهم مستحيلا، مثلما يستحيل انخلاع الأوروبي من إرثه اليوناني والمسيحي والتنويري.. بينما النموذج الثاني علماني مادي وهو ابن تجربته الغربية، التي جعلت الدولة إلها حقيقيا متغولا وسائدا على المجتمع، مع أنه ليس لها لا رحمة الإله ولا حكمته، كما أنه ليست لها أخلاق، بل هي نظام عنيف مدمّر ولا إنساني. وبالتالي -يقول حلاق- فالمسلمون حين يتطلعون إلى "دولة حديثة" كالتي في العالم الغربي، فإنهم يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير! بل يجب على الغرب أن يحاول حل مشكلة الحداثة بالنظر إلى التراث الإسلامي وما فيه من هيمنة أخلاقية قوية. 2. هذه الفكرة في جوهرها ليست جديدة، بل طرحها آخرون من المستشرقين والمسلمين منذ مائة عام على الأقل، ولم تزل تتردد في أروقة البحث ذي الصلة بهذا الموضوع.. ولكن قيمة كتاب حلاق هذا في أمرين؛ الأول: أنه خدم هذه الفكرة وتعمق في إثباتها بنقولات غزيرة من حقول القانون والفلسفة والسياسة لأعلام الفكر الغربي، تدلّ على تمكنه من مادته، وقدته البارعة على المقارنة الموفقة بين النموذجين الإسلامي والغربي. والثاني: هو هذا العنوان التشويقي الإثاري في الزمن الملتبس. [2] سأفترض جدلا أن اختيار حلاق للعنوان كان بريئا، وهذا أمر مستبعد جدا، لكن الذي يهمنا الآن أكثر من التفتيش في نواياه أن العنوان غير معبِّر بدقة عن فكرته.. فالكتاب أصلا لم يؤلف ليقرأه المسلمون، بل غرض تأليفه وجمهوره هم الغربيون الذين يُحاول تبصيرهم بعيوب الحداثة وكيف أنه يمكن أن نجد لها حلا في التراث الإسلامي.. فالعنوان الفرعي أدق في التعبير عن غرض الكتاب "الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي"! ولكني أعرف تماما أنه لو كان هذا هو عنوان الكتاب، فلم يكن أحد ليتشجع لترجمته، ولم يكن مركز عزمي بشارة ليتحمس لنشره، ولكن عزمي بشارة يحمل مشروعا فكريا من أركانه إقناع المسلمين باستحالة عودة الدولة الإسلامية، حتى لو اعترفنا -حقا أو تخديرا- بأنها كانت دولة عظيمة في زمانها وضمن ظرفها التاريخي! لقد كان عنوان الكتاب واقعا بقوة ضمن مشروع عزمي بشارة.. ولعله لهذا كان هو الكتاب هو الوحيد الذي ترجمه ونشره هذا المركز من تراث حلاق كله. ولا يمكن أن ننسى الزمن الذي صدر فيه الكتاب، لقد كان زمن الاحتدام الضخم حول المستقبل، في إبان الربيع العربي ووصول الإخوان إلى السلطة في مصر وتونس، واحتمال وصولهما إليها في غيرها.. لقد شهدت هذه الفترة سعارا علمانيا محموما لنقض فكرة الدولة الإسلامية، يستوي في ذلك من اعتمد لغة هادئة أو من اعتمد لغة هائجة. لقد زادَ هذا كلٌّه -العنوانُ والتوقيتُ- من رواج الكتاب وانتشاره، ولكنه شوَّه فكرته أيضا. أتصور أن الكاتب إذا خُيِّر بين رواج مع تشوه مثير للنقاش والجدل، وبين خفوت وانطماس فسيختار الأول. كلمة "الدولة" معناها ملتبس، فهي في التراث الإسلامي تساوي الزمن أو العصر أو الحقبة، يقال: دولة بني أمية أو دولة بني العباس ويُقصد به زمانهم، فهي مشتقة من التداول (وتلك الأيام نداولها بين الناس).. ولكنها في المعجم السياسي المعاصر تشير إلى "جهاز الحُكْم" وإلى النظام السياسي.. ولهذا يفهمها المعاصرون العرب باعتبارها مردافا للحكم والسلطة والنظام.. إلخ! بينما وائل حلاق يرفض استعمال هذا اللفظ "الدولة" إلا بمعنى "الدولة الحديثة" التي هي النسخة الغربية المعاصرة من شكل الحكم.. فالدولة عنده هي هذا المعنى، ويرفض بإصرار أن يُطلق لفظ الدولة على أي معنى آخر، حتى أنه اشتبك في أكثر من حاشية مع مستشرقين آخرين عبَّروا عن نظام الحكم الإسلامي بكلمة "دولة"، واشتبك مع نوح فيلدمان لاستعماله لفظ "دولة" لوصف نظام الحكم الإسلامي في كتابه "سقوط الدولة الإسلامية ونهوضها" مع أن طرحهما متقارب جدا إن لم يكن متطابقا. برأيي أن هذا الإصرار على هذا المعنى الوحيد للفظ "الدولة" لا ضرورة له، ففي النهاية فإن المنادين بالدولة الإسلامية -مهما كان إيمانهم بإمكانية تلاقي نظام الحكم الإسلامي مع شكل الدولة الحديثة- يعرفون أنهم في سعيهم هذا يُعدِّلون تعديلا جوهريا في شكل النسخة الغربية المعاصرة من الحكم "الدولة الحديثة".. وبالتالي فليس الاشتباك حول اللفظ أمرا شديد الأهمية طالما نستطيع تمييز الفحوى والمضمون. كذلك فإن استعماله لفظ "المستحيلة"، بدا لمن لم يقرأ الكتاب، وكأنه يُصدر بهذا حُكْما نهائيا على استحالة عودة نظام الحكم الإسلامي، وهذا المعنى جديرٌ بأن يثير حساسية كل مسلم، مع أنه أوضح صراحة في أكثر من موضع أنه لم يقصد هذا، ولكنه قصد إلى أن شكل نظام الحكم الإسلامي إن عاد للواقع ذات يوم فسيكون مغايرا ومخالفا لشكل الدولة الحديثة. كما أنه طرح فكرة الصعوبات الواقعية، إذ النظام العالمي بتركيبته الرأسمالية المعولمة القائمة على شبكة من الدول القومية القُطرية لن يسمح بقيام حكم إسلامي، وسينفق في هذا كل ما لديه من عنف هائل في سبيل تحطيم أي حركة تسعى إليه. [3] ذكرتُ أن الكتاب لم يُكتب لنا، وإنما كتب للجمهور الغربي أو لصناع القرار في الغرب، ومن أبرز الأدلة على هذا أنه أنفق وقتا طويلا في شرح أركان الإسلام -في الباب قبل الأخير إن لم تخني الذاكرة- ليشرح آثارها الأخلاقية على مجتمع المسلمين. ولهذا فإن الكتاب ليس مفيدا للحركيين ولا لعموم المسلمين، هو مفيد لمساحة المثقفين والباحثين الذين يخوضون هذا السجال الفكري مع العلمانيين أو مع الغربيين، والذين يهتمون بجمع الأدلة في بيان عيوب الدولة الحديثة وتفوق النموذج الإسلامي. بينما المسلم يتشرب المعاني المطروحة فيه بشكل طبيعي من خلال الكتاب والسنة وتراث المسلمين ومواعظ العلماء والدعاة.. بل يتشربها بطريقة أكثر عمقا وبساطة، بل -وهذا هو الأهم- يتشربها بالطريقة التي تحثه على العمل. أنا شخصيا قبل عشر سنوات كتبتُ كتابا عن "منهج الإسلام في بناء المجتمع"، أشعر أحيانا حين أقرؤه بأنه تافه لا يطرح جديدا على المجتمع المسلم، وأحيانا أشعر أنه جيد جدا وأتعجب كيف كتبته قبل عشر سنوات، لم أكن قد اطلعت فيها على آلاف الأدلة الإضافية على فكرته الرئيسية، وأشعر بإلحاح أني في حاجة إلى إنتاج نسخة أخرى منه مشروحة ومزيدة تحتوي ما وقعتُ عليه في هذه السنين من الأدلة والإضافات. ضربتُ المثل بنفسي هنا لكي أقول، وبدون أي محاولة تواضع، أن الشاب المسلم يستطيع ببضاعة قليلة مزجاة من الثقافة العامة أن يعتنق نفس الفكرة الرئيسية التي تبدو وكأنها مفاجئة للبيئة الثقافية يوما ما! وذلك لشدة وضوحها.. والقصد أن أقول: إن هذا الكتاب -كتاب حلاق- ليس مؤثرا أبدا في مسيرة أي حركة إسلامية، لأنها تعتنق فكرته بطبيعتها.. هو ربما كان مفاجئا لقومه ومفاجئا للبيئة الثقافية المرتبطة بالإنتاج الغربي. حتى الحركات الإسلامية التي تبدو مؤمنة بالحداثة والدولة الحديثة، هي في حقيقة الأمر ليست كذلك، ولو أتيحت لها الفرصة الحقيقية لتطبيق نموذجها، فسينتج عنها بشكل تلقائي تغييرات جوهرية على نموذج الدولة الحديثة يُفرِّغها عمليا من محتواها العلماني، ويتدرج في التطبيق والتنفيذ إلى إنتاج صيغة معاصرة من نظام الحكم الإسلامي. حتى الغنوشي والعثماني -مع عميق بغضي لأفعالهما ورفضي التام لسياساتهما وأفكارهما- إذا أتيحت لهما فرصة تامة وارتفعت عنهما الإكراهات العلمانية والدولية لكانت النتيجة نسخة توفق بين الإسلام والحداثة، وستنتهي حتما إلى الإسلام لا الحداثة!.. على الأقل هذه قناعتي، ولست مستعدا الآن للجدال حولها. [4] يعد كتاب وائل حلاق هذا واحدا من الكتب التي أتعجب أن صاحبها لم يعتنق الإسلام.. إن الكتاب يمكن ببساطة أن نجعل عنوانه "الإسلام هو الحل" وسيكون هذا العنوان أكثر تعبيرا عن محتواه من هذا العنوان الحالي. يصلح الكتاب أن يكون مرافعة ممتازة لصالح نظام الحكم الإسلامي في مقابل نموذج الدولة الحديثة، ولا أكاد أشك أن نشأة وائل حلاق القديمة في الشام وما بقي في ذهنه من ذكراها جعلته يقارن بوضوح بين المجتمع الأخلاقي الذي نشأ فيه وبين الحداثة القاتلة التي يحياها الآن. إن الذين يقيمون في الغرب يذوقون بالفعل روعة المجتمع الإسلامي الأخلاقي المتكافل، بشرط أن يتخلصوا من عقدة النقص.. وهذا الأمر بدا كثيرا في إنتاج كثيرين من المستشرقين بل وفي إنتاج المسلمين الذين ذهبوا إلى الغرب إذا لم يفقدوا أنفسهم.. ولا يزال تعبير سيد قطب العبقري يرنّ في رأسي منذ قرأته، "أمريكا: تلك الورشة الضخمة الغبية"! ويمكن في هذا السياق أن نطالع كتابات جوستاف لوبون وآنا ماري شيميل وزيجريد هونكه وعلي عزت بيجوفيتش وعبد الوهاب المسيري.. حتى إن بعض المستشرقين المتعصبين يندّ عنهم شيء كهذا أحيانا مثل جولدزيهر الذي كان يتنكر ليصلي مع المسلمين ورينان الذي كان منظر الصلاة يثير فيه الندم أنه لم يكن مسلما. قرأت كثيرا من كتب المستشرقين عن سيرة النبي أو فصولا كتبوها عنه وتعجبتُ إلى درجة الحيرة: لماذا لم يُسلم هؤلاء؟!.. إن بعضهم كتب أمورا يعجز عن كتابتها بعض الدعاة والعلماء المسلمين، وما ذلك إلا لأن خبرتهم بـ "الجاهلية" الغربية سمحت لهم بالتقاط جوانب من عظمة الإسلام لا ينتبه لها المسلم. أحسب أني بعد هذه السنين وصلتُ إلى بعض الجواب: إن منهج الوضعية العلمية السائد في الغرب منذ دخوله عصر العلمانية جعل كثيرا من الباحثين يرى أن مهمته تتوقف عند إتمام البحث بصورة عملية ممتازة، ولا يرى نفسه بعد ذلك مكلفا باتباع ما وصل إليه من الحق أو الخضوع له! هذه النزعة الوصفية التفسيرية التي لا يتبعها عمل تسربت بقوة إلى مجتمعاتنا العلمية، صار كثير من الباحثون والأساتذة العرب رؤوسا كبيرة متضخمة ممتلئة بالأفكار، لكن لا نصيب لها من سلوكهم وعملهم! صار الباحث يرى عمله واقفا عند جمع المعلومات وتركيب الصورة وتقديم التفسير وربما تقديم بعض التوصيات، دون أن يرى نفسه مُطالبًا بالحركة في سبيل ما آمن به من هذه القناعات! وهذا أمر مُدَمِّر.. وهو خلاف ما كان عليه حال العلماء في حضارتنا الإسلامية، حيث العلم يُطلب للعمل، وحيث لا يقبل من العالِم أن يخالف ما يقوله.. الآن بإمكان الطبيب أن يحاضر عن خطورة التدخين أو الخمر ثم هو يدخن أو يشرب الخمر، وبإمكان أستاذ الجامعة أن يحاضر عن الحقوق والحريات ثم هو نفسه ترسٌ في آلة استبداد بشعة، بل حتى الحقوقي يحاضرنا عن المرأة والتحرش ثم هو نفسه يزني ويغتصب ويتحرش!! هذا الحال الذي ينفصل فيه العلم عن العمل، والعلم عن الأخلاق، مقبول في الزمن الغربي حيث المنهجية الوضعية (التي هي بنت العلمانية)، ولكنه مرفوض أشدَّ الرفض في ديننا ومنهجنا. كتاب حلاق هذا هو واحد من طابور طويل من الكتب التي عرف أصحابها الإسلام ثم لم يعتنقوه.. فكيف يفعل هؤلاء أمام ضمائرهم؟ وكيف يكون حالهم أمام الله يوم القيامة؟! [5] كشف هذا الكتاب، عند صدوره، مأساة في حالتنا الثقافية العربية.. فلو امتدت يد إلى كتاب حلاق هذا فغيَّرت أسلوبه الأكاديمي الجاف، واستبدلت بعض صياغاته بأخرى فيها آيات وأحاديث وبعض العاطفة، ومدَّت بعض الأفكار على استقامتها، لتحول هذا الكتاب إلى تنظير جها دي ممتاز، ولصار طبعة جديدة موسعة من "معالم في الطريق" لسيد قطب، أو طبعة جديدة من كتاب تأسيسي حركي لجماعة جها دية! هذا يخبرك كيف أن الفكرة حين يكتبها غربي باللغة الإنجليزية وبالأسلوب البارد تصير موضع حفاوة وتقدير، أو على الأقل مناقشة وتفكير، ثم كيف أن نفس هذه الفكرة حين يكتبها مسلم غيور تُجابَه بالإنكار والرفض والتنديد والتشنيع!! إن نخبتنا الثقافية تشربت من أصول التفكير الغربي ما لم تتشرب عشر معشاره من القرآن والسنة، حتى صار ما يعجبنا لا يزيد عن أن يكون "بضاعتنا رُدَّت إلينا"!! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ...more |
Notes are private!
|
1
|
not set
|
not set
|
Dec 21, 2020
|
Paperback
|
|
|
|
|
|
my rating |
|
|
||
---|---|---|---|---|---|---|---|---|---|
4.37
|
it was amazing
|
not set
|
Sep 08, 2024
|
||||||
4.13
|
it was amazing
|
not set
|
Aug 26, 2024
|
||||||
3.96
|
liked it
|
not set
|
Aug 26, 2024
|
||||||
4.05
|
really liked it
|
not set
|
Nov 28, 2023
|
||||||
4.53
|
it was amazing
|
not set
|
Oct 25, 2023
|
||||||
4.10
|
really liked it
|
not set
|
Aug 25, 2023
|
||||||
3.77
|
it was ok
|
not set
|
Aug 21, 2023
|
||||||
3.82
|
really liked it
|
not set
not set
|
Jan 14, 2023
|
||||||
3.89
|
really liked it
|
not set
|
Nov 01, 2022
|
||||||
3.99
|
really liked it
|
not set
|
Oct 31, 2022
|
||||||
4.00
|
really liked it
|
not set
|
Oct 27, 2022
|
||||||
3.76
|
it was ok
|
not set
|
Jul 25, 2022
|
||||||
4.43
|
liked it
|
not set
|
Feb 13, 2022
|
||||||
3.86
|
really liked it
|
not set
|
Jan 06, 2022
|
||||||
4.27
|
really liked it
|
not set
|
Jan 06, 2022
|
||||||
3.88
|
really liked it
|
not set
|
Jan 04, 2022
|
||||||
3.87
|
it was ok
|
not set
|
Jan 04, 2022
|
||||||
4.74
|
it was amazing
|
not set
|
Jan 31, 2021
|
||||||
3.40
|
liked it
|
not set
|
Dec 27, 2020
|
||||||
4.00
|
it was amazing
|
not set
|
Dec 21, 2020
|