What do you think?
Rate this book
151 pages, Paperback
First published January 1, 1999
فى هذه الرسالة الجليلة، عَمد ابن تيمية لبيان معنى العبودية لله، الخضوع له والاستسلام لأمره ونهيه، عبادته حق العبادة، حباً وخوفاً.
قال شيخ الإسلام :
"وجِماع الدين أصلان : ألا نعبد إلا الله، ولا نعبده إلا بما شرع، لا نعبده بالبدع .
كما قال تعالى: <فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا> [الكهف] .
وذلك تحقيق الشهادتين : شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله .
ففي الأولى : ألا نعبد إلا إياه .
وفي الثانية : أن محمداً هو رسوله المبلغ عنه فعلينا أن نصدق خبره ونطيع أمره .وقد بين لنا ما نعبد الله به، ونهانا عن محدثات الأمور، وأخبر أنها ضلالة. قال تعالى:
﴿ بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[البقرة] ."
ينبه ابن تيمية الى قاعدة أصيلة، فهى أساس متين للعلاقة مع الله سبحانه وتعالى، وبها يعلو وينهض بناء عبوديتك لله؛ ان يكون قلبك متعلقا بالله لا يرى غيره فترضى ما يرضاه الله وتبغض ما يبغضه الله، وأن تنزع من هذا القلب الشره كل حب وعشق يتنافى مع ارادة الله تعالى.
" وأما اذا كان القلب- الذى هو مَلِكُ الجسم- رقيقاً مستعبداً، متيماً لغير الله؛ فهذا هو الذل، والأسر المحض، والغبودية الذليلة لما استعبد القلب"
نبَه ابن تيمية على أهمية ترك الذوق والوجد، فيما يتعلق بارادة الله ، بمعنى انه من قدم هواه او ذوقه فيما يتعارض صراحة مع أمر الله، فهذا عبدٌ لهواه، عبد مقدِس لعقله، ما رآه صحيحا أخذ به فهو يوالى ويعادى عليه، وما رآه بذوقه باطلاً ، استكبر وغالى ومضى كأن لم يسمع.
"فإن الذوق والوجد ونحو ذلك هو بحسب ما يحبه العبد ويهواه.فكل محبٌ له ذوق ووجد بحسب محبته وهواه."
وهناك من أطال فيهم ابن تيمية مقالات ورسالات سابقة ، فهم يتنطعون، ويرون انهم شهدوا الحقيقة، أنهم راغبون فى الفناء فى الله سبحانه عما يصفون، شهدوا الحقيقة كما يخرصون ويدعون، احتجوا بقدر الله ، فلا التزام بأمر ونهى من الله .
وكما قال فيهم العلماء: انت عند الطاعة قدرى، وعند المعصية جبرى، أى مذهب وافق هواك تمذهبت به.