Seifeddine Ayed's Reviews > روزينها زورقي الصغير

روزينها ، زورقي الصغير


رواية من ألطف ما يكون، شعرية، كتبت على ايقاع صوت المجاذيف في نهر من أنهار غابات الأمازون البرازيلية ، و على أصوات مختلف الطيور في هذه الجهة من الكرة الأرضية . رواية فيها من البساطة و الجمال ما يجعلك تسبح في بحيرة من الأحلام و الخيال، فتترك العنان لعقلك و لخيالك كي يطفو فوق نهر من السحر العجيب الذي سيجعلك تتعلق ببطلنا ، الرجل العجوز الطيب ، زي أوروكو.
زي أوروكو صاحب الروح النقية، يتسم بالهدوء و معروف بتواصله اللاطبيعي مع عناصر الغابة التي يسكنها، وذلك من خلال زورقه الذي لطالما رافقه في رحلاته المتعددة في أنهار الغابات، و الذي لطالما كان له مؤنسا و رفيقا.

روزينها، الزورق الخاص بزي أوروكو، هي معلمته التي جعلته يكتشف عوالم الطبيعة ، و كشفت له حجاب عالم النبات و الحيوان. هي مصدر شغفه و مصدر الهامه، هي ابنة و اخت و أم ، احتوته و حملته أياما و اسابيع و بنت بينهما علاقة خاصة تتجاوز الفهم الطبيعي للبشر.


الرواية جعلتني أطرح العديد من الأسئلة ومنها الاتية :

هل من نعتبرهم مجانين هم حقا مجانين ؟ هل ان كل من يتحدث مع عناصر الطبيعة يعتبر مجنونا ؟ افلعلها ملكة من الله وهبها عبادا اختارهم ؟

و اذا كان ما عاشه زي اوروكو جنونا، فما أجمله من جنون .. لكن الحياة القاسية ، والانسان "السويّ" لم يتركا بطلنا هادئا في عالمه الخاص، و جعلانا نكتشف مرة أخرى بشاعة البشر و التطور و المدينة و حتى بشاعة العلاج ..

قصة آسرة، تموج بنا بين الحقيقة و الخيال، فترحل بنا الى عالم النبات حينا فتجعلنا نعيش معها حياتها و الى عالم الحيوان حينا آخر فنكتشف كيفية تواصله مع الطبيعة. ثم ترمينا أمواج الحقيقة على شاطئ هذا العالم البائس كي تعرّينا من أحاسيسنا الخيالية و تعيد لنا رشدنا فنتفكر ما يمكن أن يقوم به للانسان من جرائم و ما يتميز به من انعدام الحس و الذوق و الجمال الروحي.