ماذا لو علم الآباء المعارك التي يخوضها ابناؤهم من منظور أطفالهم وليس من منظورهم هم؟ ماذا لو استطاعت كل أم وكل أب أن تترجم صرخات ابنها للسبب الذي يزعجه، ماذا لو علم الآباء المعارك التي يخوضها ابناؤهم من منظور أطفالهم وليس من منظورهم هم؟ ماذا لو استطاعت كل أم وكل أب أن تترجم صرخات ابنها للسبب الذي يزعجه، وليس مجرد مصدر للإزعاج وأنه سوف يسكت متى ينتهي من هذا؟
الكتاب عبارة عن رحلة طويلة مليئة بالمعلومات القيمة والطرق المثلى للتعامل مع الطفل حتى من قبل ولادته إلى أن يصبحوا هم آباء وأمهات وتتبادل الأدوار..
"إذ إن الأمومة، أو الأبوّة، تعني أن تكون أمّاً/ أباً لأطفالك، ثم تصبحون راشدين جميعاً، وأخيراً ربما تصيرون أولاداً لهم. فإن كنا مَرِنينَ ومتساهلين مع هذه الأدوار فإن من شأن ذلك أن يُسَهّلَ الأمورَ على الجميع."
يظن البعض أن الأمومة بالنسبة للأطفال هي أن نُلبِسَهم، ونطعِمَهم، ونغسّلهم، ونُنَيّمهم، ولكن في الحقيقة هذا لا يمثل إلا جزء بسيط. فالأساس هو أن تبني علاقة قوية بأطفالك. أن تجعل بينكم لغة تواصل فعالة، إن لم تفعل ذلك فأنت تعرضهم للإحساس بعدم الأمان.
"يكمن جوهر التربية في العلاقة التي تبنيها مع أطفالك. فلو كان الناس نباتاتٍ لكانت العلاقة بمنزلة التربة. فالعلاقة تدعم وتغذي وتحض على النمو، أو تقف عائقاً في طريقه."
"الأم التي تهز السرير بيمينها، تهز العالم بيسارها حقا."
من أهم القضايا الغريبة بالنسبة لي التي تم مناقشتها في الكتاب هي:
"الماضي يعود للانتقام منك ومن أطفالك."
هل حقا يمكن لطفولتك أن تُشكل صعوبة في طفولة أولادك؟ هل يمكن لما تعرضت له في طفولتك أن تفعله بدون وعي في أطفالك؟
في الحقيقة نعم .. فالطفل لا ينتبه لما تقولوه ولكنه بالتأكيد يقلد ما يفعله أبواه. فإن كانت أمه قادرة على التعبير عن رأيها عندما تكون غاضبة فكذلك سيكون الابن. إن كانت الأم دائما ما تكون قلقة من مظهرها أمام الناس فكذلك سيكون الابن في أغلب الأحيان. هذا يعني أنه يجب أن نداوي جراحات الماضي حتى نستطيع أن نجلب إلي العالم طفلاً سوياً ناضجاً.
"أن تكون لطيفاً لا يعني أن تكون الضحية أو ضعيفاً. أن تكون لطيفاً لا يعني عدم التعبير عن مشاعرك عند الغضب. ما يعنيه هو أن تعبر عن مشاعرك وعن الأسباب التي ولدت تلك المشاعر فيك من دون إلقاء اللوم على الطرف الآخر أو إهانته."
كثيرا ما يكون مربكاً للأهل بكاء الطفل المستمر.. تأكد الكاتبة أنه شيئاً عادياً جداً. يختلف درجة البكاء من طفل لآخر ولكن الشيء الوحيد الثابت هو أنه إن كان الطفل يبكي، هذا يعني أنه بحاجة لشيء ما. اهتمام - أكل - أمان - نوم..... تتعدد الأشياء التي يحتاجها الطفل ولكنه يعبر عن جميعها بالبكاء. فإياك وتجاهل بكاء طفلك لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يعبر بها عن مشاعره واحتياجاته.. إن تجاهلت مشاعره فهذا بالضرورة سيؤذي صحته العقلية المستقبلية.
"فالسبب الأكثر شيوعا للاكتئاب عند الراشدين ليس ما يحدث لهم في الوقت الحاضر ولكن لأنهم في طفولتهم لم يتعلموا في علاقاتهم مع أهاليهم كيفية التخفيف من الألم"
الكتاب ملئ بالنصائح التي تخص التعامل مع الطفل حتى قبل ولادته. ذُكر أيضاً نصائح عن اكتئاب ما بعد الحمل وكيفية التعامل معه، كيفية خلق بيئة صحية للطفل وغيره من التفاصيل البسيطة والمهمة في حياة أطفالنا. ولكن في النهاية ... ماذا إن كنت أباً أو أماً ولم أفعل كل هذا؟ هل هذا يعني أن طفلي ضائع؟
من التأكيد أنه أن كان يوجد خلل فمن المهم أن نصلحه حتى وإن كان ذلك متأخراً. لن يفت الآوان أبداً لإصلاح أخطائنا، حتى وإن كان ذلك سيستهلك قوة أكثر وقت أكثر ولكن ستظل نتائجه مضمونة ومفرحة.
"ليس هناك أي ضمانات على أن طفولة محرومة مريعة ستؤدي بالضرورة إلى مشكلات عقلية لاحقا، أو أن طفولة مثالية كفيلة بحماية شخص من الجنون."
فإن كنت من الآباء المحظوظين الذين صادفهم هذا الكتاب قبل أن يرزق بأطفال فأعمل به ،وإن لم تكن من المحظوظين فلطفاً بنفسك لا يوجد تربية مثالية بأي حال من الأحوال. انت فعلت ما تعلمه، فإن كان هناك خطأ فأصلحه، إن لم يكن فلا تندم على شيء.
الكتاب ثري جداً واعتقد أنني سألجأ له لاحقاً حتى يكون مرشداً لي في تربية ابنائي المستقبليين. كتاب مهم جداً وضروري لكل أب وام أن يقرأه.