نظرت من النافذة فإذا كل شيء أراه نائم، هذه النخلة التي تقوم حيال شباكي، وقبة الأعظمية التي تبدو من ورائها في عظمة وجلال ودجلة التي تجري صامتة مهيبة، والقمر الذي يغسل ماءها بشعاعه... وإذا على الطريق شيخ يسير منهوكاً! على الطريق الذي يمتد في سهل ولا وعر، ولا يسير على سفح جبل، ولا شاطئ ولا بحر، ولا يسلك صحراء، ولا يخترق البساتين.. ولكنه يلف السهل والوعر، والجبل والبحر، والصحراء والبساتين وكل ما تحتويه، ومن يكون فيها.. على الطريق الطويل الذي يلوح كخط أبيض، يغيب أوله في ظلام الأزل، ويختفي آخره في ضباب الأبد... رأيت شبحاً يسير على.. طريق الزمان! وسمعت صائحاً بالدنيا النائمة: تيقظي أن العالم يرحل الآن! ففتحت النخلة عينيها ونظرت، فلما رأته قالت: قد رأيت عشرات مثله تأتي وتذهب، فلم تبدل شيئاً... الفأس لا تزال باقية، وهذا الوحش البشري لا يزال ينتظر تمري ليسلبنيه، ثم إذا قنط مني كافأني بلذع النار... فمالي وللعالم الراحل؟ وأغمضت عينيها فنامت، ولم تكترث! ونظرت القبة، فلما أبصرته قالت: قد رأيت مئات مثله تجيء، وتروح ولم تبدل شيئاًفهذا النخيل قائم حولي كما كان، والشمس تطلع عليَّ كل يوم وتغيب، والنجوم تسطع فوقي كل ليلة، والأرض تنتظرني، تريد أن أهرم فتجذب أحجاري إليها وتأكلني... وكل شيء على حاله، لم يتبدل إلا الإنسان: كان الخليفة يمشي تحت، ويخطر بين أساطين في حلل المجد وأردية الجلال، إن أمر أطاعت الدنيا، وإن نادى لبَّى الدهر، وإن مال مالت الأرض، وكان الناس يطيفون بي أجلة أمجاداً، عباداً أذلاء لله، وملوكاً أعزه على الناس.. فأصبحت وحيدة بعزلة، لا أرى إلا هذه الفئات من العامة المساكين الذين تعرّوا من كل جاه إلا جاه العبادة، ومجد إلاّ مجد الآخرة... فمالي وللعام الراحل؟ وأغمضت عينيها، وعادت تحلم، ولم تكترث!... وأنصت القمر وأطلّ ينظر، فلما رأى العام الراحل قال: لقد رأيت ملايين مثله وقد مللت مرّ السنين وكرّ العصور، فمالي وله؟ وعاد يفيض نوره على الكون ولم يكترث! وبقيت وحدي! بقيت وحيداً... في هذا النص المقتبس من كتابه صور وخواطر والذي جاء تحت عنوان بيني وبين نفسي لمحات إنسانية فلسفية أودعها الكاتب هذا النص كما باقي نصوصه التي شكلت مادة هذه المجموعة من مؤلفات المبدع علي الطنطاوي. يأخذ الشيخ الدكتور الطنطاوي القارئ على حيث يجد ذاته أحياناً أو يجد آخرين شكلوا أحياناً شخصيات بعض قصصه أو بعض خواطره. تنوعت كتابات الطنطاوي في مجموعته هذه لتشكل عملاً أدبياً جرى في نفسه حكمة الكاتب فلسفته وشفافيته وإبداعه الأدبي بالإضافة إلى ناحية لا يجب إغفالها وهي أن الطنطاوي قدّم مادة عكس من خلالها صورة مجتمعة بكافة جوانبه الإنسانية والحياتية، من هنا كان لا بد من إيحاء أعمال الراحل الطنطاوي من خلال إعادة نشر هذه المجموعة صور وخواطر، قصص من الحياة، قصص من التاريخ، مع الناس.
ولد علي الطنطاوي في دمشق في 23 جمادى الأولى 1327 (12 حزيران (يونيو) 1909) لأسرة عُرف أبناؤها بالعلم، فقد كان أبوه، الشيخ مصطفى الطنطاوي، من العلماء المعدودين في الشام وانتهت إليه أمانة الفتوى في دمشق. وأسرة أمه أيضاً (الخطيب) من الأسر العلمية في الشام وكثير من أفرادها من العلماء المعدودين ولهم تراجم في كتب الرجال، وخاله، أخو أمه، هو محب الدين الخطيب الذي استوطن مصر وأنشأ فيها صحيفتَي "الفتح" و"الزهراء" وكان له أثر في الدعوة فيها في مطلع القرن العشرين.
كان علي الطنطاوي من أوائل الذين جمعوا في الدراسة بين طريقي التلقي على المشايخ والدراسة في المدارس النظامية؛ فقد تعلم في هذه المدارس إلى آخر مراحلها، وحين توفي أبوه -وعمره ست عشرة سنة- صار عليه أن ينهض بأعباء أسرة فيها أمٌّ وخمسة من الإخوة والأخوات هو أكبرهم، ومن أجل ذلك فكر في ترك الدراسة واتجه إلى التجارة، ولكن الله صرفه عن هذا الطريق فعاد إلى الدراسة ليكمل طريقه فيها، ودرس الثانوية في "مكتب عنبر" الذي كان الثانوية الكاملة الوحيدة في دمشق حينذاك، ومنه نال البكالوريا (الثانوية العامة) سنة 1928.
بعد ذلك ذهب إلى مصر ودخل دار العلوم العليا، وكان أولَ طالب من الشام يؤم مصر للدراسة العالية، ولكنه لم يتم السنة الأولى وعاد إلى دمشق في السنة التالية (1929) فدرس الحقوق في جامعتها حتى نال الليسانس (البكالوريوس) سنة 1933. وقد رأى -لمّا كان في مصر في زيارته تلك لها- لجاناً للطلبة لها مشاركة في العمل الشعبي والنضالي، فلما عاد إلى الشام دعا إلى تأليف لجان على تلك الصورة، فأُلفت لجنةٌ للطلبة سُميت "اللجنة العليا لطلاب سوريا" وانتُخب رئيساً لها وقادها نحواً من ثلاث سنين. وكانت لجنة الطلبة هذه بمثابة اللجنة التنفيذية للكتلة الوطنية التي كانت تقود النضال ضد الاستعمار الفرنسي للشام، وهي (أي اللجنة العليا للطلبة) ال��ي كانت ��نظم المظاهرات والإضرابات، وهي التي تولت إبطال الانتخابات المزورة سنة 1931.
في عام 1963 سافر علي الطنطاوي إلى الرياض مدرّساً في "الكليات والمعاهد" (وكان هذا هو الاسم الذي يُطلَق على كلّيتَي الشريعة واللغة العربية، وقد صارت من بعد جامعة الإمام محمد بن سعود). وفي نهاية السنة عاد إلى دمشق لإجراء عملية جراحية بسبب حصاة في الكلية عازماً على أن لا يعود إلى المملكة في السنة التالية، إلا أن عرضاً بالانتقال إلى مكة للتدريس فيها حمله على التراجع عن ذلك القرار.
وهكذا انتقل علي الطنطاوي إلى مكة ليمضي فيها (وفي جدّة) خمساً وثلاثين سنة، فأقام في أجياد مجاوراً للحرم إحدى وعشرين سنة (من عام 1964 إلى عام 1985)، ثم انتقل إلى العزيزية (في طرف مكة من جهة منى) فسكنها سب
لم أتردد أبداً أن أضع خمس نجوم لهذا الكتاب الذي ختمته قبل 16 عاماً ! صور وخواطر .. للشيخ الطنطاوي هو من أوائل الكتب التي قرأتها بحياتي له .. ويأتي مباشرة بعد الكتابين الشهيرين له قصص من الحياة وقصص من التاريخ .. في هذا الكتاب بالذات .. تقرأ الطنطاوي بحق الذي ستحبه بعد ذلك .. الشيخ الذي سيكون له أثر كبير في شخصيتك وتكون أقرب ما يمكن لمعرفة تفكيره وأسلوبه في الكتابة بل وأهدافه بكل سمو ورقي ..
الشيخ علي رحمه الله استطاع أن يعمل في الأعاجيب بحب القراءة .. حالي كحال الكثير ممن أعرف حولي ..
رحمه الله رحمة واسعة .. من لم يقرأ للشيخ علي الطنطاوي فأنصحه أن يبدأ بهذا الكتاب ..
إن كل ماسيطر على روحي عقب الانتهاء.. " بالله ماهذا الجمال وتلك الحِكمة واللين في ماقرأت؟"
تأثرت كثيرًا بهذه المقالالت التي تلمس النفس، وتكشف في خبايا الروح، وتنصح بمزيج من الحِكمة والرحمة.
وأنا اقرأ لم أتخيل الكاتب إلا أنّه جدي الحكيم فتارةً أشعر أنه أديب عظيم، ومرة حكّاء متمكن، وفي الغمرات أراهُ واعظًا يلمس قلبي بحكمه وآرائه التي ساعدتني.
المقالات تلتهمك أو تلتهمها ولولا ضيق الوقت ومشاغل الحياة التي تسرق أرواحنا لقضيتُ عليها في ليلةٍ واحدة .
جميل ذلك الكتاب، وجميل ما قرأت فيه، وعندي اقتباسات لايكفيها المجال هنا ولكنها تكفيني أنا حين أتحيّر في أمرٍ فتذكرني وتنفعني.
رَحِم الله الشيخ رحمةً واسعةً وسيكون ذلك أول اللقاء لكتاباته ولن يكون الأخير أبدًا إن شاء الله. :)
إني كل ما أفكر بتصنيف هذا الكتاب أقف حائراً مرتاباً، أبي علة ؟ ، أما أنا عاجز في أن أحدد ماهية كتاب !! ، كلما أرى شيخي يبحر في بحر الوعظ والدعوة والدين ومكارم الأخلاق قلت هااا أنذا في حضرة كتاب ديني .. وكلما رأيته يتكلم عن الأدب والأدباء والشعر والقصص قلت لا .. بل إنه كتاب أدب ! ، فأتقدم وأتقدم وتختلف المواضيع من فلسفة ومن ذكريات ومن نقد ومن رسائل ومن تأملات .. فأدركت أخيراً عجزي وأن ما عُنون به الكتاب هو أنسب وأوجز عنوان " صور وخواطر "
** يا لجمال وعذوبة أسلوب الشيخ ووصوله لقلب القارئ .. فكيف وصف الدنيا بأنها مثل السراب تراه من بعيد غديراً ، فإذا جئته لم تجد إلا الصحراء .. فهو ماء لكن من بعيد وكيف يذكرك دائما بالنعم التي حواليك ولا تحسها .. ولا تحس بالنعمة حتى تفقدها .. كالرجل الذي ظل في صحراء لا ماء فيها ولا شجر , فلما وجد كيسا فرح وذهب صوبها لعله يجد فيها طعاماً أو ماء .. فإذا هو وياااا للحزن : كيس ملئ بالذهب !!
**
" سمعت قائلا يقول لي لا تعجب فأنت أبدا في انتقال ، في دورة موت وحياة ، كل يوم يموت فيك شخص ويولد شخص آخر كالشجر تطرح أبداً من قشورها وتصنع لنفسها غيرها، أو كالنهر . تأمل النهر ترَ في كل لحظة قطرة تذهب وقطرة تجئ ، والنهر هو النهر، ولولا هذا الجريان المستمر لكان بركة مستطيلة فيها ماء آسن. ما كان النهر نهراً إلا لأنه يجري ويتبدل وماكان الإنسان إنساناً حياً إلا لأنه يتغير ويتحول
لم استمتع بقراءة كتاب هكذا منذ ان كنت طفلة اسلوب رائع ممتع و افكار عميقة وكما قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله ذلك ليعلم طلاب الادب ان الذي يخرج من القلب هو الذي يقع في القلب ، ��أن من يمتلكه المعنى الذي يكتب فيه ، هو الذي يملك به الذين يقرأونه ، أما الذي ينحت الألفاظ من أعماق القاموس بالمعول ، ليكومها على الورق بالمجرفة ، فهو (عامل) في إصلاح الطرق وليس صائغاً لجواهر الكلام وهذا ما احسست به اثناء قراءتي لهذا الكتاب فهو كتاب لرجل طيب و صادق كلامه يخرج من القلب و يقع في القلب.
انكم سعداء ولكن لا تدرون. سعداء إن عرفتم قدر النعم التي تستمتعون بها، سعداء إن عرفتم نفوسكم وانتفعتم بالمخزون من قواها، سعداء إن سددتم آذانكم عن صوت الديك ولم تطلبوا المستحيل فتحاولوا سد فمه عنكم، سعداء إن طلبتم السعادة من أنفسكم لا مما حولكما
كتاب من افضل الكتب الأدبية لكن قبل الحديث عن هذا الكتاب اريد التشرف بالحديث عن مؤلفه الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله ياله من أديب مفوه فما اجمل حديثه عندما يتحدث وما اروع كتاباته ... في اعتقادي انه المؤلف العربي الذي يقرأ كتبه المثقف والعامي والجميع يستفيد على حد سواء فلغته جزلة سهله!!! لا اعلم كيف يصيغها إن كتب في الوعظ قلت خير من يكتب وإن كتب في الادب قلت أديب الزمان وهذا كله حسب رأيي المتواضع والذي لا يقاس عليه
ثم لا استطيع ان أتحدث عن الشيخ بدون الاشارة الى حفيده مجاهد مأمون والذي قام بتصحيح ومراجعة كتب الشيخ وابدع في التعليق وتوضيح المقالات وما قد يتعارض
أعود الى الكتاب فهو من روائع ان لم يكن اروع كتب الشيخ الأدبية فقد جال بين القصة والذكريات والرواية والفلسفة انه حقل فيه ما لذ وطاب من ثمار التألق والإبداع تجاوز رحمه الله في هذا الكتاب ما قد نعتبره خطوط حمراء حينما وجه رسالة للشباب ورسالة اخرى للفتيات، كما استمتعت بتوجيهاته في رسالته لأخيه النازح الى باريس لدراسة الرياضيات لا استطيع التوقف عن هذا الكتاب لأن مؤلفه رحمه الله لم يترك إشارة الى شيء الا كتب عنها فلما دق جرس كتب عنه موضوع ولما رأى دمية كتب موضوع وكلما هبة ريح أتت بفكرة للتأليف فرحم الله الشيخ على ما ابدع وبما ورثنا من كنز عظيم
أترككم مع بعض الاقتباسات من الكتاب بطيعته العاشرة ##
# ينقضي عام فتظن أنك عشته، وأنت في الحقيقة قد مته ! ص 8
# لمستقبل في الدنيا شيء لاوجود له، إنه يوم لن يأتي أبداً، لأنه إذا جاء صار حاضراً وطفق صاحبه يفتش عن مستقبل آخر يركض وراءه. ص 10
# لكن الطفل لايكفيه الخبز ولايرضيه، وهو يرى أطفال الناس يمرون به كل ساعة وعليهم أبهى الثياب ومعهم أغلى الألعاب. ص 33
# في الحب: فإن تكلمت لم انطق بغيركم *** وإن سكت فشغلي عنكم بكم. ص35
# الحياة حب والحب حياة. ص41
# فصل إلى أخي النازح إلى باريس .. ص51 كلها جديرة بالقراءة.
# لا تقل لحالة أنت فيها: "لا استطيع تركها" فإنك في سفر دائم، وكل حالة لك محطة على الطريق، لاتنزل فيها حتى ترحل عنها. ص65
# نحن مع القدر بشر، لا آلهة ولا حجر، والدنيا ليست مسرة كلها ولا مصائب، ولكنها مسرة وكدر. ص168
# الايمان بالقدر حياة لأنه يفتح لك في كل ظلمة شعاع ضياء، وفي كل عسرة باب رجاء. ص 171
# كل يوم يموت فيك شخص ويولد شخص. ص 191
# الأصحاب خمسة: فصاحب كالهواء لا يستغني عنه، وصديق كالغذاء لاعيش إلا به، ولكن ربما ساء طعمه أو صعب هضمه، وصاحب كالدواء، مر كريه ولكن لابد من احياناً، وصاحب كالصهباء، تلذ شاربها ولكنها تؤدي بصحته وشرفه، وصاحب كالبلاء. ص 236 تفاصيل اكثر بالصفحة.
# ولعالم "عامل" أشد على الشيطان من سبعين عابداً "جاهلاً". ص 269
# الحب عالم من العواطف، ودنيا من الشعور فيها كل عجيب وغريب، وليس لنا إليه إلا هذه الكوة الضيقة، الكلمة القصيرة ذات الحرفين: الحاء والباء. الحاء التي تمثل الحنان، والباء التي تجعل الفم وهو ينطق بها كأنه متهيئ لقبلة! ص 296
# ليعلم طلاب الأدب أن الذي يخرج من القلب هو الذي يقع في القلب. ص 365
# أدعو إلى امتلاء النفس بالفكرة قبل تحريك القلم على القرطاس. ص 366
# لو كان في بطن الحامل توأمان اثنان يعيشان فيه معاً وأمكن أن يفكرا لاعتقدا أن البطن هو الدنيا، ولو جاءت ساعة الولادة وسبق واحد منهما، ورآه الثاني يفارقه ويغوص في الاعماق، لظن أنه مات ودفن في باطن الأحشاء، ولبكى عليه ورثاه! ولو ترك مشيمته وراءه لحزن الباقي لمرآها كما نحزن نحن إذ نرى جسد الميت. ص 369
كتاب صور وخواطر...38 مقالة نشرت على مدة ثلاثة عقود...جمعت بين الطرافة (كما في أعرابي في الحمام،ديوان الأصمعي، مجانين) والأدب المحض كما في( مرثية غراي والقبر التائه و كتاب تعزية) والفلسفة كما في (السعادة، بيني وبين نفسي، بين البهائم والوحوش،لا أؤمن بالإنسان،رقم مكسور، اعرف نفسك) ،ومعالجة القضايا الاجتماعية بقالب من الفكاهة والسخرية كما في (تسعة قروش ،في ��لترام،في الحب، وأكثرها انتشارا ...يا ابني،و يا ابنتي)، وعالم الطفولة وصوره العالقة في الذهن، وأحاديث نفسٍ وتأملات في الحياة، ورصد لواقع الحياة بكل ما فيها من مظاهر وتناقضات. وقد ��اغها بلغة السهل الممتنع الممتع...القريب من النفس..الخالي من التعقيد...الملئ بالتصوير...وبأسلوب تناسب مع حجم لغته...سهل لذيذ...مفعم بالخيال دون إفراط أو تفريط...وساخر دون إخلال. وخاطب فيها العقل مرتكزا على الحجة والبرهان...ولم يهمل العاطفة الحارّة الصادقة...عاطفة أديب يشغل همّ الأمة همّه... وتحدث عن الحب فأبدع...وظهرت وجهات نظره المتباينة تباين السنين.. "أما قمت مرة في السحر ، فأحسست نسيم الليل الناعس ، وسكونه الناطق ، وجماله الفاتن ، فشعرت بعاطفة لا عهد لك بمثلها ، ولا طاقة لك على وصفها ؟ ! أما سمعت مرة في صفاء الليل نغمة عذبة من مغن حاذق قد خرجت من قلبه ، فهزت منك وتر القلب ، ومست حبة الفؤاد ؟ ! أما قرأت قصة من قصص الحب أو خبرا من أخبار البطولة ، فأحسست بمثل النار تمشي في أعصابك ، وبمثل جناح الطير يخفق في صدرك ؟ ! أما رأيت في الحياة مشاهد البؤس ؟ ! أما أبصرت في الكون روائع الجمال ؟"
"لولا الحب ما التف الغصن على الغصن في الغابة النائية ، ولا عطفت الظبية على الطلا في الكناس البعيد ، ولا حنا الجبل على الجبل في الوادي المنعزل ، ولا أمد الينبوع الجدول الساعي نحو البحر ، ولولا الحب ما بكى الغمام لجدب الأرض ، ولا ضحكت الأرض بزهر الربيع .. ولا كانت الحياة"
"الحب أضعف مخلوق وأقواه !! يختبئ في النظرة الخاطفة من العين الفاتنة ، وفي الرجفة الخفيفة من الأغنية الشجية ، وفي البسمة المومضة من الثغر الجميل ، ثم يظهر للوجود عظيما جبارا ، فيبني الحياة ويهدمها ، ويقيم العروش ويثلها ، ويفعل في الدنيا الأفاعيل"
والذي استحال في كهولته إلى سراب زائل ووهم فان... " إن الحب العذري الشريف حديث خرافة ، لا يروج سوقه إلا على المجانين والشباب " "لقد كنت إذا كتبت عن الحب أغرف من معين في نفسي يتدفق ، فجف النبع حتى ما يبض بقطرة ، وخلا الفؤاد من ألم الهجر ، وأمل الوصال ، وبطل سحر الغيد ، وطمست شمس الحقيقة سُرُجَ الأباطيل!!"
أتعبت الأدباء من بعدك يا شيخ طنطاوي وأتعبت من تذوق حرفك...كيف يروق له آخر وأتعبت حروفنا الركيكة في الحديث عنك
القراءة الأولى للشيخ علي الطنطاوي وأدرك الآن كم تأخرت! للشيخ لغة فخمة جزلة فصيحة وسرد عذب لا يُمل منه وأسلوب مميز لا يشبه غيره، موضوعاته وقصصه متنوعة وعميقة الأثر ومليئة بالحكم والمواعظ التي يرافقها بلطف بالغ وسلاسة جميلة، القراءة الأولى ولن تكون الأخيرة إن شاء الله
بعد زخم الامتحانات و الانشغال قررت ان ارتاح قليلا و أقرا شئ لطيفً و لا يحتاج تركيز فوقع اختيار عليه بصدفة .
حين بدأت كانت غايةِ التسلية الفكرية لكن كلما كنت أتقدم في الصفحات وجدت الإفادة و جمال الاسلوب. فكان نِعم الجليس لي سواء زمن الإفطار مع جلسة الشاي المسائية او جلسة الراحة الفكرية في رمضان فمرة اجد خاطرة تضحكني و مرة موقف يجعلني أُفكر و تارة اخرى أجد أفكار استنتجتها بعد فترة من الزمن و بعد ذهاب حماسة الشباب الاولى . و تلاقت أفكاري و أفكاره ثم تارة أخرى أجد خاطرة وعظية و تربوية . الكتاب جميل و الذي شد انتباهي ان اوضاع في عصر كتابته هي نفس اوضاعنا،طبعا مع زيادة اكثر لأسف لكن الحال هي نفس الحال. لذلك وجدتني الوم نفسي على تقصيري في قراءة لادباءنا و المشايخ الاجلاء رحمهم الله.
ليست قرائتي الأولى للشيخ علي الطنطاوي ولن تكون الأخيرة بالطبع.. لطالما قلت أن لعلي الطنطاوي أسلوب رائع ليس كأي كاتب وكأنه يطوع الكلمات ويسخرها لتعبر عن مكنونه ف��أتي له طوعاً تصف الجمال في تأملاته .. إنه ابداع الحروف عندما تنبع من القلب والعقل معاً .. تدعو للتفكر التأمل وتسمو بالقلب والفكر.. يجمع بين المتعة والفائدة، كما أنه أديب لا يُعلى عليه متمكن من اللغة العربية أيما تمكن، ماهر في الوصف لا تمل القراءة له، وهو قادر على تغيير مزاجي، وإني أندمج معه وأكاد أشعر بشعوره، وأتخيل ما كتب، وقد جمع رحمه الله بين الدين والدنيا، فأجاد فيما كتب وأبدع.. فبعد كل موقف وإن كان عابراً نجد الشيخ ينسجه في خياله فيقلبه على أكثر من وجه لينشأ لنا مقال ليس كأي مقال، ويفاجأني في كل مرة فشكراً لشيخنا ..
أظن أنه على كل قارئ أن يقرأ ولو كتاباً واحدا لعلي الطنطاوي .. لينهل منه اللغة الصحيحة فأراه منبع لجمال اللغة .. وأكاد أجزم أنه من لم يقرأ للشيخ علي الطنطاوي فقد خسر الكثير.
مقالاته رائعة وجميلة ولكني تخيرت بعض منها -أضعها حسب ترتيبها في الكتاب- هي ما كان التعليق عليها حاضراً في ذهني أثناء قرائتي لها فدونتها.. ولا يعني هذا أنها الأفضل! فالكتاب مليء مليء بالجمال، ولا يسعني ذكر كل ما فيه وإلا وضعت الكتاب كاملاً..
في قصة الأعرابي عجبت منه وضحكت ضحكاً حتى خشيت أن يسمعني أهل داري وهم نيام.. فيظنوني قد جننت، أو أصابني مس في عقلي في هذا الليل، حتى كنت بالكاد احبسها لأنفجر ضاحكة مرة أخرى، والحقيقة أن الاعرابي واسمه "صلبي" الذي صوّره لنا علي الطنطاوي هذا خفيف الدم، وهي شخصية حقيقية قد صادفها الشيخ في إحدى رحلاته قد ذكر رحلته ووصفه أنه "فصيح اللسان أبي النفس كريم وفيه شيء من جفاء الأعراب وله شجاعة نادرة ونكتة حاضرة وخفة روح وسرعة جواب"، ثم كتب ثلاث قصص متخيلة استوحاها من شخصية الأعرابي وجعله بطلها، وقد كانت في زيارته للمدينة وتعجبه من أحوالها وجعل القصة يرويها على لسان البطل. الأولى بعنوان (أعرابي في حمام) كانت فكاهية ربما لسذاجة أو ردة فعله الغير متوقعة فتأتي غريبة على غير العادة، يكون فيها على سجيته وطبيعته، هي سذاجة كمن يرى شيء لأول مرة لم يألفه فقد عاش طول عمره في الصحراء وما زار مدينة قط.. فما ألف المدينة وما علم بطباع أهلها، وما استجد عندهم.. أما الثانية فكانت بعنوان (أعرابي في سينما) لم تكن مغايرة لسابقتها إلا أنه صح فيها ما يقال "إن شر البلية ما يضحك" .. أما الثالثة بعنوان (الأعرابي والشعر) فما كان دور الأعرابي إلا أنه دل الشيخ على أحد رجال البلاغة وقد جائت القصة على شكل حوار بين علي الطنطاوي والأعرابي الشاعر وضع فيها أفكاره وانتقاداته في الأدب..
هيكل عظمي مؤلمة تخيلا الشيخ.. ما كان عليه الانسان ومصير كل واحد ،، المصير الذي لطالما تناسيناه،، على اختلاف البشر وتنوعهم فذاك غني وآخر فقير، ذاك ملك الجمال كله وملك القلوب وآخر ما لاقى شيء من ذلك، جميعم تساوو،، وقد رأى الشيخ فوضع الإفتراضات ترى من تكون أيها الإنسان،، فكل الهياكل تتشابه!! أكنت وكنت وكنت ،، أم ما كنت من هذا ولا ذاك!!
في الترام (المترو أو ما يشبه الحافلة) يجتمع فيه البشر لتجتمع القصص، فيصف حال البشر، وواقعهم، فنعرف به كل مجتمع ونعلم أصناف البشر.. من هذا المكان العابر، يكتب فيه الشيخ مقالاً رائعاً في اختلاف البشر!!
بين البهائم والوحوش يفاجأني علي الطنطاوي في تأملاته في كل مرة أمّا هنا فالوضع مختلف تأملات في حديقة الحيوان،،!! وقد صدق في وصف كل منها ومقارنته في صفات الإنسان أنهاها بقوله: "يا سيدات ويا سادة: العفو إذا لم أجد ما أحدثكم به إلا حديث الوحوش والحمير، فالحديث عنها أكثر فائدة وأسلم عاقبة من أحاديث الناس"
وحي الصورة وكان عندما رأى صورة صبي صغير فاستهل بحديثه عندما رأها.. وراح علي الطنطاوي يسرح في خيالة وما أبدعه إذ يسرح فيه فيتأمل ويستوحي قصة، فيمزج بين الماضي والحاضر ويوغل، ثم يصيغه على شكل حوار لا تمل منه وإن فيه لحكمة وتفكر وتأمل وهو خير من يتحدث في ذلك. وقد أعجبت بذاك المقال كثيراً..
يوم مع الشيطان وصف فيه مداخل الشيطان عليه، ولا أظن مسلماً سلم منها أو من إحداها.. وحدثت معي غير واحدة، أعاننا الله على أنفسنا.
الحق أنه قال ما وددت قوله في بعض الكُتّاب في مقالتي .. (نداء إلى أدباء مصر) ، ( نحن المذنبون) وإني لأتفق معه، كتب عن هؤلاء الذين ابتعدوا عن الفضيلة وذكروا ما يستحى المرء أن يقرأه من الرذيلة والفحش باسم الفن، وهي مدمرة للقيم والأخلاق.. وليس بوسعي وضع اقتباسات منها فهي كثيرة، أتمنى من كل كاتب وقاريء أن يقرأ هذين المقالين.
ديوان الأصمعي: هي من تأليف الشيخ علي الطنطاوي منسوبة للأصمعي كتبها على الطريقة القديمة وقد نوه إلى أنها من تأليفه، لم أفهم منها إلا القليل!! وكان يكتب أسماء أشخاص من عصره -علي الطنطلوي- ويخوض في تسمياتهم وأعمالهم، وضع بعض من حقائقهم ورأيه بها وقد كتبها بالأسلوب القديم.
زورق الأحلام: تحدث فيه عما شاء أن يكون وما أراده الله وما قدره له.. واقتباس من هذا المقال: "وكذلك الإنسان؛ إن له حرية واختياراً، ولكنه لا يستطيع أن يسلك إلا الطريق الذي تشقه له الأقدار، وله مقدرة ولكنها في حدود المقدرة التي أعطاها الله للإنسان. إنه كراكب الزورق في البحر؛ يوجّهه حيث يشاء، ولكن قد تضربه موجةٌ عاتية فتحوّل وجهته من اليمين إلى الشمال، وكذلك تصنع الأيام بزوارق الأحلام" فالحمد لله أن علي الطنطاوي صار شيخاً وقد صرفه الله عما أراد.. وإلا ما قرأنا هذا الأدب. ...
كثيراً ما يحن الشيخ علي الطنطاوي للماضي وذكرياته، كيف لا وقد عاش في التاريخ وخَبِره كما قال، ورأى تقلب البلاد والعباد، وتغير البشر وعاداتهم، فما ترى الفضيلة إلا في القليل والكثير يجري خلف الغرب، بعيداً عن الدين .. وإن كثير من مقالاته غلب عليها طابع التحسر، وانتقاد الحاضر وألا أنه لصادق في ذلك، ولكن ما عساه يقول اليوم!! وقد زادت تلك الآفات وما كاد يسلم منها أحد، إلا من رحم ربي.. فأراه يتوق إلى الماضي الجميل حيث البساطة والصدق والإيمان العميق، ألا أنه لكل زمن آفاته ومشكلاته، وهي في تزايد، ولكن يبقى الخير موجود وإن قل، وهذ�� عزائنا، عسى الله أن يصلحنا جميعاً.
شكراً للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، والشكر موصول لحفيده مجاهد فقد بذل مجهوداً يُشكر عليه في كتابة الحواشي والتوضيحات..
الحب .. ثوب براق تحمله المرأة وتمشي حتى تلقى رجلاً فتخلعه عليه فتراه به أجمل الناس ، وتحسب أنه هو الذي كانت تبصر صورته من فرج الأحلام وتراها من ثنايا ا��أماني .... مصباح في يد الرجل ، يوجهه إلى أول امرأة يلقاها فيراها مشرقة الوجه بين نساء لا تشرق بالنور وجوههن ، فيحسبها خلقت من النور وخلقن من طين فلا يطلب غيرها ولا يهيم بسواها ، لا يدري أنه هو الذي أضاء محياها بمصباح حبه .. خدعة ضخمة من خدع الحياة ، خفيت عن المحبين كلهم من عهد آدم إلى هذا اليوم .. هذه هي حقيقة الحب .. فلا تسمع ما يهذي به المحبون!..
من اجمل ما قرأت في حياتي كتاب رائع ومفيد لحديث الروح يستحق ان يقرأ مرة ومرتين وثلاثه
اعجبني منو عدة فصول : فصل الحب وفصل المجانين وفصل الاعرابي في السينما وفصل فن الكلام
جميل، تأملات العظيم الطنطاوي تدل على نفسٍ زكية و روح طاهره.. اقتبست الكثير، و هذا بعض ما أعجبني:
المستقبل في الدنيا شيءٌ لا وجود له، إنه يومٌ لا يأتي أبدًا لأنه إن جاء صار (حاضرًا ).. و طفق صاحبه يبحث عن مستقبلٍ آخر.
••
نتناسى الموت و هو أمامنا نظنه أبعد شيءٍ عنّا، و هو أقرب الأشياءِ منا، نصلي على الأموات و نشيع الجنائز، و نحن نفكر في أمورِ الدنيا، كأنا مخلدون فيها، و كأن الموت كُتب على الناس كلهم إلاّ علينا؟.
••
الحب الشريف، كالليلِ المشمس ؛ شيءٌ كالمستحيل.
••
كلٌ يغني على ليلاه متخذًا.. ليلى من الناسِ أو ليلى من الخشبِ..
••
إنك تعيش الآن.. لتعد العدة للحياه.. حين تنطلق من قيودِ الجسم. .
••
أنت أبدًا في إنتقال، في دورةِ حياةٍ و موت، كل يوم يموتُ فيك شخص، و يولد شخص.
••
لولا جريَان النهر المستمر، لكان بركةً مستطيلة فيها ماءٌ آسن، ما كان نهرًا إلا لأنه يجري و يتبدّل، و ماكان الإنسان إنسانًا إلا لأنه يتغيّر و يتحوّل.
••
الصيام بلا إخلاصٍ جوعٌ و عطش، و الحج بلا إخلاصٍ تعبٌ و نَصَب، و العالِـمُ بلا إخلاصٍ إبليسٌ آخر.
هنالك كتب عبارة عن حروف وقفت على سطور فأخرجت كلمات ، تمتعنا لحظيا ، وننساها بعد ذلك .
وثمة كتب نعجز عن التعليق عليها . عبارة عن رحلات ، تأخذنا بمحتواها إلى عالم آخر ، لا نخرج بعدها كما دخلناها أول مرة . وهذا الكتاب واحد من هذه الرحلات ، وأي رحلة ؟! تلك التي تأخذك إلى دواخل نفسك ، فتشاهد عبرها الحياة . تنتقل من مفهوم السعادة ، إلى الحب ، إلى الموت ، إلى الكلام . وفي كل مرة تترك في نفسك الأثر !
وكل ذلك بقلم قوي سليم ، بمرجعية دينية عاقلة
هذا من الكتب التي زينن عقلي وأثرت روحي وسعدت بصفحاته
عموماً كتب الشيخ علي الطنطاوي من أجمل الكتب التي قرأتها وأكثرها ترسخا في ذاكرتي .. أجمل ما فيها أنه يخاطب من هم في أعمارنا بلغتنا لا بلغة من هم في سنه ... وأسلوبه يمتزج فيه الجد والهزل مع الحكمة والموعظة الحسنة ..
عليه رحمه الله وجزاه عنا وعن أجيال المسلمين خير الجزاء ،،،
قراءتك للشيخ علي الطنطاوي بمثابة جلوسك بين يدي شيخ جليل فاضل مربي واسع الاطلاع والثقافة ،، جميع ما كتب عظيم ويستحق القراءة دون مشورة او توصية 👌🏼 ،، في هذا الكتاب صور وخواطر مقالات في عدة مجالات في النفس والمجتمع والاخلاق والدين بأسلوب ادبي عذب وتوجيه ووعظ أبوي تربوي ناصح.
ليس هناك الكثير ليقال عن هذا الكتاب، بشكل عام احتوى على مقالات متفرقة في مواضيع مختلفة منها ماكان ممتعا ومنها ماكان جيدا ... مقالات منشورة في مجلات عدة وفي نشرات اذاعية تم جمعها وتنقيحها في هذا الكتاب :) .. القراءة الثانية : نحن نحب ماكتبه الطنطاوي لأننا نحبه نحب روح الجد والأب والأديب والمعلم والمربي وكل هذه الصفات التي تتجلى في كلماته رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى .. صور وخواطر
قرأتُ هذا الكتاب .. بعد أن شوّقني إليهِ مدرسي في مرحلة (الثاني المتوسط) الأستاذ/ فهد المقحم أخو الداعية المعروف .. وحدثنا أستاذي عن قصص الأعرابي فاشتقتُ إليها وذهبتُ إلى إحدى المكتباتِ العامّة وصورتُ قصص الأعرابي الذي في السينما ، والذي في حمّام وقرأتهُ مراراً .. ثم يسّر اللهُ لي هذا العام أن قرأت الكتابَ كاملاً مع مجموعتي نادي مع الطنطاويّ ، وهو أول كتب الشيخ الذي قرأتهُ وهي مميزة بكلّ فصولها ؛
الكتاب عبارة عن مجموعة جميلة من المقالات المتنوعة، تحدث فيها الطنطاوي رحمه الله عن مواضيع مختلفة كالثقافة، السياسة، الأدب، والدين .
الجميل فيها أنك ستتعرف على زمن مختلف لأنها كتبت في زمن قديم، فقد عرض الطنطاوي ذكرياته في صباه وشيخوخته، لذلك ستقرأ مقالات تعرض لك الحياة قبل السيارات وكيف تبدل الحال بعدها، والتغيرات التي طرأت على مجتمعة وغيرها من المواقف والطرائف الممتعة.
التجربة الأولى للقراءة للقدير علي الطنطاوي، ولا أعتقد بأنها ستكون الأخيرة أبدا. الكتاب هو عبارة عن مجموعة من الخواطر قد كتبها الشيخ في سنون متفرقة من حياته، نُشر بعض منها في جرائد، وجزء في أحاديث إذاعية، وهي تجارب مختلفة مر بها في حياته. كلمات الشيخ جميلة جدًا، تستمتع وأنت تقرأ هذه الكلمات البليغة المنسقة بفن راقي، يليق بكاتبها بالفعل أن يطلق عليه لقب "أديب"، فهو من القلائل الذين قرأت لهم واستطاعت كلماتهم بسهولة أن تصل إليَّ، فهو بجانب "أدبه" فيلسوف له نظرة خاصة في بعض أمور الحياة، وهي نظرة عميقة تُفتِح ذهنك إلى إعادة التفكير فيها من هذه الزاوية، على الرغُم من عدم موافقتي له في بع��ها. الكتاب ككل ماتع في قصصه، ولكن من أكثر ما أستمتعت بقرائته فيه من قصص: * شهيد العيد. * أعرابي في حمام. * أعرابي في سينما. * بين الطبيعة والله. * أنا والإذاعة. * في الحب. * فن الكلام ينصح به لكل من يريد أن يقرأ عربية راقية، ولغة سليمة ماتعة.
كتب الشيخ علي الطنطاوي من النوع الذي لا يمكن أن أقرأه بسرعة.. ليس لصعوبة اللغة بل لكثرة ما أتوقف لأفكر في عباراته وأطبق كلامه على نفسي وأسرح بخيالي قليلا..وهذا ليس أول كتاب أقرأه للشيخ.. بل إنني قرأت بعض فصول هذا الكتاب منذ زمن... لكن هذه أول مراجعة أكتبها في كتاب له ولذلك ستبدو المراجعة بمجملها نقدا لأسلوب الشيخ رحمه الله.. الشيخ علي الطنطاوي واحد من أكبر الأدباء المسلمين المعاصرين – وهم قلة قليلة – الذين برعوا في الأدب كما برع غيرهم من التيارات الكتابية الأخرى بل وتفوقوا عليهم بحسن العبارة وبالموعظة الحسنة والكلام الطيب الطاهر النظيف.. عندما تقرأ للطنطاوي كتابا أو تسمع له حديثا فإن أول ما يجذبك سلاسة الأسلوب وقربه من القلب... فأنت تحبه "من أول كتاب"... ثم تراه يضرب لك أمثالا قريبة من واقعك تستشعر دلالاتها بسهولة..ويصلك المعنى دون أدنى جهد.. وهو لا يجبر القارئ على فكرة معينة بل يعرضها عليه عرضا فيأخذها أو يتركها..
الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله .. له قلب شاب عاشق... وقلم شاعر أديب....وعقل مفكر حكيم... عاش الشيخ تسعين سنة رأى فيها أحداث عظيمة وتطورات عديدة وعاش شبابه بطول وعرض وخاض تجارب الحب والعشق.... وله عين ناقد بصير القلب.. يلحظ أدق التفاصيل وتستوقفه أبسط المواقف.....ثم هاهو يختزل لنا جميع تجاربه وخلاصة سنين عمره في كتبه وأحاديثه.. ولا يزال قلبه النابض بالحب يخاطبك كأنك ابن له أو ابنة... فتستشعر الحب الأبوي والصدق في النصيحة والإخلاص في القصد..
صور وخواطر... كتاب جمع فيه الشيخ مقالات وخواطر كان قد نشرها بين 1938 و1988 تناول فيها مواضيع مختلفة ومواقف كثيرة.... منها ما هو جاد وهادف ومنها ما هو للتسلية ومنها ما ه�� فضفضة عن مكنون النفس وعواطف جاشت في صدره فخرجت نثرا أدبيا تصف الجمال والشباب والحب .. ويتحسر فيها على أيام الصبا....
تمنيت لو أنني قرأت هذا الكتاب في وقت نشره.. لكان حبها أبلغ عبارة... فهو يتحدث عن زمن مضى عليه اليوم أكثر من ثلاثة أرباع قرن... وتمنيت لو عاش الشيخ ليرى المزيد من الأحداث والتقدم والتكنولوجيا فيتحفنا بخواطرة وانتقاداته لأدوات هذا العصر الحديث العجيب وأحداثه الأعجب...
أعجبني جدا الفصل الذي قسم فيه الأصدقاء إلى خمسة أصناف.. وأعجبني جدا ذلك الفصل الذي توجه فيه إلى أدباء مصر بأن يرعوا حق الله في شباب وبنات هذه الأمة وأن يهب كتاب المسلمين الملتزمين للدفاع عن الحق والأخلاق والشرف والفضيلة... كما أعجبني –ومن لم يعجبه؟؟!!- الفصل الذي تحدث فيه عن الحب.. بكل مراحله وتفصيلاته وقصصه ومعانيه السطحية والعميقة...وأحس تحليلات الشيخ علي الطنطاوي بهذا الشأن هي الأقرب حتى الآن للواقع الذي نعيشه والأمثلة التي نراها...
الكتاب رائع بالمجمل وإن كنت لم تقرأ من قبل لعلي الطنطاوي فهو كتاب جيد لتبدأ به....
" الحق هو الذى لا يكون باطلاً، وليس الحق ما كان قائله أوروبياً، فانظر أبداً إلى ما قد قيل، و دع من قال! "
الكتاب مقالات منوعة تتناول العديد من الموضوعات منها: فن الكلام، الصبر عند فقد الولد، دمشق سنة ١٩١٨م وما آلت إلية سنة ١٩٦٨م ، البلاد العربية، الغرب وتأثيره علينا، الشعر، عن ذكرياته و بعض مقتطفات من حياته، الحب والمحبين، الفضيلة، الدين ، الإنسان والرأفة باليتيم ... والعديد من المواقف العديدة التى شهدها على مر السنين.
سأكتفى هنا بذكر موقف أثر في نفسى أشد الأثر عند قرأته..
( يحكى الكاتب قائلاً: أنه لما جاء مصر سنة ١٩٤٥م، أقام له المصريون حفلات كثيرة، قام في واحدة منها الشاب العالم الصالح عبد الرحمن الباني، وكان طالباً في الأزهر، فألقى خطبة عاب فيها على الأدباء المسلمين سكوتهم عن إنكار منكرات النشر - يقصد الكتب والروايات التى تدعو للتعرى و الرذيلة والتحرر من الأخلاق بدعوى الحرية وغيرها - و كان في يده أحد هذه الكتب، وبلغت به الحماسة أن طوح به فألقاه عليَّ من فوق المنبر، وقال: خذ انظر ماذا يكتبون وأنتم نائمون. ويقول الكاتب " وأصابني الكتاب بضربة على وجهي، ولكني لم أغضب، ولم أرد عليه مثلها، بل احتملتها صابراً، لأن الحق كان معه! لأننا نحن المذنبون، ونستحق هذه الضربة، وأشد منها".
وعلى مدار المقالة يعترف الكاتب بتقصيره هو وغيره من الكُتاب والعلماء، مصدقاً على ما قاله الطالب، خاتماً إياها بقوله: "فاذا بقينا على هذا الصمت، وهذا الضعف، وهذه العبودية، كنا مستحقين أن نُصفع على وجوهنا كل يوم لا بالكتب بل بالنعال!" )
》كلمات الكاتب على قدر كبير من السلاسة والجمال، وتصل للقلب بسهولة، ولا يخلو من بعض البسمات التى يجعلها ترتسم على شفتيك.. سعيدة بقرائتى الأولى له.
أدركت الآن كم من الصعب كتابة ريفيو . قد تقولون هذا كتاب مؤلف من مجموعة مقالات فكيف ستكون الريفيو التي ستكتبيها ؟ ولكن أليس لي وجهة نظر وانطباع أو فكرة أو فائدة حققناها فلم لا نذكرها ؟ وجدت أن السفر مفيد جداً للإنسان ، يفتح عقله لأبعد الحدود يجعله ربما يتقبل أموراً لم يكن ليتقبلها في بلده ، يجعله مرناً متفهمّاً ولا يتوقف هنيهة عن التفكر والتدبر بكل شيء يلقاه و ربما يجعله أديباً ويساعده على تحسين أدبه الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله كان قد سافر لعدة بلدان في فترة شبابه وتم تعيينه أستاذاً مرة وهذا ما أهدته إياه الحياة من خبرات وهنا تشكلت أفكاره ونرى كتاباته ممتعة ككتابات الرحالة الذين لا يخرجون من بلد إلا ليضعوا قدمهم في آخر .
أما عن المقالات فوجدتها أسلوبها رائعاً ولكنك ستنشدّ لها حسب الموضوع أعجبت كثيراً ب "بين البهائم والوحوش" بدّع بها في تشبيه بعض الحيوانات ببعض البشر وبالسخرية على طبيعتنا المشابهة لهم !
. . لم يسبق أن قرأت للشيخ الطنطاوي - رحمه الله - إلا رسالة "يا بنتي" وبضع اقتبا��ات من كلامه.. فلمّا قرأتُ هذا استطبتُه واستعذبتُه.! استطبتُ تأملاته، واستعذبتُ كلماته.. رحمه الله رحمةً واسعة. وقد بدى بوضوح أن الشيخ خفيف الدم، لطيف الحديث، فلا أجد مهربًا من الضحك والتبسم من توصيفاته وتشبيهاته وخيالاته.. فههنا نموذج المقالات الطيبة، ذات الموضوع الحسن واللغة الأخّاذة، والمتعة اللطيفة. . .
خلاب لدرجة عالية هو خبرات أب، ومعلم، ورجل دين، ومواطن، وأخ، وأديب، وخطيب... سكبها في قالب صور وخواطر بديعة أعجبتني الأفكار الإسلامية المطروحة بأسلوب المقالات الأدبية فيه معالجات كثيرة لمشاكل المجتمعات المزمنة مثل الفقر والتعليم والفساد..الخ