الحمله الصليبيه التالته
| |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
جزء من حملات صليبيه | |||||||
|
|||||||
|
|||||||
الحملة الصليبية التالتة ، حمله عسكريه ضخمه شاركت فيها جيوش من بلاد أوروبيه كتيره، شنها الصليبيين سنة 1189 عشان يسترجعوا بيت المقدس من صلاح الدين الأيوبى سلطان مصر و الشام. قدر الصليبيين يستردوا عكا، لكن ما قدروش ياخدوا بيت المقدس.
اشترك فى الحمله دى ريتشارد قلب الأسد (ريتشارد الاولانى ) - Richard I the Lionheart - ملك انجلترا ، و فيليب اوجست ( فيليب التانى ) - Philip II Augustus - ملك فرنسا ، و كان مفروض يشترك معاهم فردريك بارباروسا (فريدرك الاولانى ) - Frederick I Barbarossa - امبراطور الدوله الرومانيه ، لكن غرق فى نهر فى اسيا الصغرى و هو فى السكه ، فقاد جيشه ابنه فردريك الساتت دوق سوابيا - Frederick VI Duke of Swabia - . الملوك دول شاركو بدوافع سياسيه أكتر ما تكون دينيه .[1]
الخلفيه
بعد ما صلاح الدين الأيوبى اتمكن بامكانيات مصر البشريه و العسكريه الهايله انه يغلب الصليبيين فى معركة حطين و يسترد القدس و امارات صليبيه على ساحل الشام (1187)، انقلبت الدنيا فى اوروبا ، و اتصاب ملوكها و اكابرها بصدمه كبيره لدرجة ان بابا الكاتوليك اوروبان التالت Urban III اللى كان عيان لما سمع الخبر مات من الصدمه.[2]
بعد سقوط بيت المقدس فى ايد صلاح الدين الصليبيين الهربانين منها و من الامارات الصليبيه اتجمعوا فى صور تحت قيادة " كونراد ماركيز دو مونتفيرات " Conrad Marquis de Montferrat ، (مؤرخين الشرق سموه " المركيس " )، و بعتوا لبابا الكاتوليك و ملوك اوروبا يقولوا لهم انهم من غير مساعدتهم مش حايقدروا يصمدوا. فرصة التجمع فى صور كانت غلطه من غلطات صلاح الدين الكبيره اللى عملها بعد ما كسب فى حطين و أخد عكا فى يوليه 1187. فلو كان طلع على طول على صور و أخدها ما كانش ادى الصليبيين فرصة انهم يتجمعوا فيها.[3] غلطات صلاح الدين اللى اتكررت بعد حطين اتسببت فى منح الصليبيين انتصارات ، و فى قتل أعداد كبيره من عساكر جيشه من غير داعى. و دى غلطات اتجنبها قواد كبار محنكين زى الظاهر بيبرس و الأشرف خليل و هما بيصارعوا الصليبيين فى فتره لاحقه. المؤرخ الكبير ابن الأثير انتقد غلطات و تصرفات صلاح الدين كذا مره و قال ان غلطاته و تصرفاته دى اتسببت فى خساير كبيره .[4]
تجميع الجيوش الصليبيه
فى صيف 1187 طلع جوسياس Josias اسقف صور على صقليه و طلب من ملكها وليام التانى William II المساعده ، فاستدعى الادميرال الصقلى مارجاريتوس اوف برينديسى Margaritus of Brindisi من قبرص و قاله يروح بالاسطول على طرابلس. بعد ما خلص جوسياس مأموريته فى صقليه راح على روما ، و هناك قابل بابا الكاتوليك الجديد جريجورى التامن Gregory VIII ، اللى بعت طوالى جوابات لملوك اوروبا يشرح لهم فيها اللى حصل فى بيت المقدس ، و وقوع صليب الصلبوت المقدس فى ايد الكفار ، و طلب منهم سرعة تحركهم ، و وعدهم ان كل اللى حايساهم و يضحى حا يتمتع بالحياه الأبديه فى الفردوس ، و امرهم يوصوا كل المؤمنين فى الغرب بصيام ايام الجمعه لمدة خمس سنين و ما ياكلوش لحمه ايام الأربع و الحد ، و قالهم ان أهله و قرايبه و الكاردينالات بتوعه حايصوموا كمان أيام الاتنين. و فى نفس الوقت بعت جوابات لأمرا اوروبا اللى فى حروب ضد بعض يقولهم انه عمل هدنة فى اوروبا مدتها سبع سنين ، و ان كاردينالاته اقسموا على تحمل المسئوليه و انهم حا يقودوا الجيوش اللى رايحه ع الشرق روحانيأ.[2]
جريجورى التامن ما شافش النتايج لانه مات فى 17 ديسمبر ، بعد ما قعد بابا للكاتوليك شهرين ، و خلفه كليمينت التالت Clement III ، اللى على طول بعت جواب للامبراطور فردريك بربروسا.
كمل جوسياس اسقف صور رحلته و راح يقابل فيليب أوجست ملك فرنسا و هنرى التانى ملك انجلترا. فيليب و هنرى كانو فى حرب ضد بعض و قدر جوسياس يقابلهم فى يناير 1188 فى جيسورس Gisors على جبهة القتال فى المنطقه اللى بين نورماندى و الأراضى اللى تحت السيطره الفرنسيه ، و كانو مجتمعين مع بعض عشان يعملوا هدنه. قدر جوسياس يقنعهم بالصلح و بتجهيز جيوش تطلع ع الشرق. و لما سمع النبلا من الطرفين بالموضوع ايدوهم و اقسموا انهم حا يروحوا معاهم. اتفققوا ان الجيشين يطلعوا مع بعض و ان الفرنساويه يحطوا على هدومهم صلبان حمرا و الانجليز صلبان زرقا و الفلمنكيين صلبان بيضا. تمويل الجيوش اتقرر انه يكون من ضريبه قيمتها 10% من دخول الناس فى فرنسا و انجلترا و سموها " عشور صلاح الدين " (Saladin Tithe ). ولما اتجمعت عشور صلاح الدين دى حاول مكاس من فرسان المعبد اسمه جليبرت اوف هوكستون Gilbert of Hoxton انه يسرق اللى جمعه من الناس.
فيليب أوجست
فيليب اوجست ملك فرنسا ( سماه مؤرخين الشرق " الفرنسيس " ) كان بينحدر من عيله " هيوكابيه " Hugh Capet الفرنسويه اللى قامت على انقاض دولة ولاد شارلمان. الأسره دى حققت انتصارات فى الصراعات اللى خاضتها ضد الأمرا الاقطاعيين ، و نفوذ ملوكها و حكومتها المركزيه زادت. انتصار فيليب على الأمرا الاقطاعين و الانجليز خلاه يبقى ملك كبير فى اوروبا، و لما شاف ان فيه حمله صليبيه طالعه على الأراضى المقدسه و انضم ليها ريتشارد قلب الأسد و فردريك بربروسا قرر انه هو كمان لازم ينضم ليها بصفته ملك كبير مش معقول تطلع الحمله من غيره و فيها الملوك دول ، فكانت دوافعه مش دينيه خالصه.[5]
رجع الأسقف جوسياس على صور بعد ما قلبه اطمن و حس ان مهمته نجحت. لكن بعد ما مشى اشتبك الانجليز بالفرنسويين تانى ، و قامت حرب بين هنرى التانى من جهه و ابنه ريتشارد قلب الأسد و فيليب أوجست من جهه تانيه ، و انتهت الحرب دى بتوقيع هنرى التانى هدنه مذله ليه ، مات بعدها بيومين فى 6 يوليه. موت هنرى حل المشكله ، و ريتشارد ، وريث عرشه و ابنه اللى حاربه ، أكد انه رايح بالجيش على الشرق مع فيليب أوجست ، و اتعملت بسرعه معاهده بينهم و راح ريتشارد على انجلترا عشان يتنصب ملك عليها ، و اتنصب فى ويستمنيستر westminster يوم 3 سبتمبر .[6]
ريتشارد قلب الأسد
ريتشارد قلب الأسد ( سماه مؤرخين الشرق "الانكتير" أو "الانكتار" أو "الانكلتير" ) قضى الخريف فى انجلترا و نظم اموره و جمع " عشور صلاح الدين " و تبرعات عشان يمول حربه، و فى نوفمبر وصل روثرود كونت بيرشى من فرنسا و قال لريتشارد ان فيليب خلاص جهز نفسه و انه عايز يقابله عشان يناقشوا طلوع جيوشهم على الشرق مع بعض. فى نفس الوقت وصل فرنسا جواب من قسطنطينيه بيقول ان فيه نبوءه من دانيال الناسك Daniel the Hermit بتقول ان الفرانسويه حا يستولوا على بيت المقدس فى اليوم اللى عيد البشاره حا يوافق فيه حد الفصح ، و ده كان فعلا حايحصل سنة 1190. الجواب ده كان فيه كمان اشاره بان صلاح الدين جوه فى خناقات و مشاكل مع أهله و حلفائه و انه انهزم قرب انطاكيه و حالته كرب .[7]
ريتشارد قلب الأسد كان من سلالة النورمان ولاد وليام الفاتح William the Conqueror ، و من سلالة أمرا أنجر Angers الفرنسويين. أياميها كان فيه صراع شرس بين ملوك انجلترا و ملوك فرنسا على دويلات فى فرنسا. كفة الفرنسوين كانت بدات ترجح و انجلترا بدات تنكمش فى حدود جزيرتها. ريتشارد كان شجاع لكن ما كانش قديس أو بتاع دين ، و لما فكر فى انضمامه للحمله ما كانش متأثر بحماسه دينيه و لا عايز يحقق هدف دينى لكن هدف بتحقيق انتصارات فى الشرق يديه مكانه مرموقه فى اوروبا.[5]
فردريك بربروسا
[[ملف:Federico Barbarossa.png|thumb|right |150px|فردريك بارباروسا فى الوقت نفسه كانت فيه اساطيل دنماركيه و فلمنكيه وصلت سواحل سوريا. و طلعت من لندن مراكب لناس مستعجلين و ما قدروش يستنوا ملكهم ريتشارد ، و راحوا بيها على پورتوجال عشان يساعدوا الملك سانشو Sancho اللى كان بيحارب المسلمين فى كيب سانت فينسينت Cape Saint Vincent و بعد ما ساعدوه عدوا جبل طارق و اتجهوا للشرق .[8]
لكن أهم من أساطيل الدنمارك و فلاندرز و لندن كان جيش الامبراطور فردريك بربروسا ( سماه مؤرخين الشرق " ملك الألمان " ) اللى طلع للشرق عن طريق البر. فردريك بربروسا كان امبراطور دوله واسعه بتضم المانيا و بلاد الراين و ايطاليا، و كان مشغول فى صراعين ، صراع ضد الأمرا الاقطاعيين ، و صراع ضد أوربان التالت بابا الكاتوليك. قدر بربروسا يحد من قوة الأمرا و اجبرهم على انهم يبقوا موالين ليه. الصراع مع البابا كان سجال لغاية ما أوربان مات ، و اتصالح بربروسا مع البابوات اللى جم بعده و عمل معاهم حلف دفاعى ضد اى حد يعادى واحد منهم. ده كان من اسباب انضمام بربروسا للحمله التالته، لان وقوفه جنب البابا ، و مساهمته فى حرب دينيه حا يعلى مراتبه بين ملوك اوروبا. و من جهه تانيه ، بربروسا كان عايز يعزز الوجود الألمانى فى الأراضى المقدسه لان الألمان هناك كانو قله. البابا من جهته كان يهمه ان الامبراطور ينشغل فى حرب دينيه هو زعيمها ، فيبقى بكده اعتراف ضمنى من بربروسا انه خاضع للبابا و تابع ليه ، و ده يبين ان الدافع الدينى ما كانش هو الدافع الوحيد لانضمام بربروسا للحمله الصليبيه التالته لكن كان فيه دافع سياسى واضح .[9][10]
فردريك وضب شغله فى مملكته و بعت مراسيل للملوك اللى جيشه حا يعدى فى أراضيهم ، امبراطور بيزنطه ايزاك انجيلوس Isac Angelus ، و سلطان السلاجقه كلچ ارسلان. و بعت جواب لصلاح الدين الأيوبى يطالبه بتسليم كل فلسطين للصليبيين ، و اتحداه انه يروح يواجهه فى معركه فى زوان فى نوفمبر 1189. ارسلان وافق و ايزاك بعت وفد يناقش الموضوع. صلاح الدين رد انه ممكن يسيب الاسرى الصليبيين اللى عنده ، و يرجع الاديره لصحابها ، لكن زياده عن كده ما يتحسمش الا بالحرب .[11]
بربروسا ابتدا رحلته على راس جيشه فى مايو 1189 ، و معاه ابنه فردريك دوق سوابيا. جيش بربروسا كان اكبر جيش صليبى منفرد فى تاريخ الحملات الصليبيه.و بعد وصول الجيش للأراضى البيزنطيه بدات المشاكل. الصليبيين ما كانوش راضيين على المعاهده اللى عملها ايزاك انجيلوس مع صلاح الدين واللى ايزاك كان عايز يقوى بيها موقفه العسكرى ضد السلاجقه. و من جهه تانيه كانو - و هما كاتوليك - متغاظين منه لانه حط الاماكن المقدسه فى القدس تحت رعاية المسيحيين الارتودوكس.[12]
موت فردريك بربروسا
لما دخل جيش بربروسا الالمانى الأراضى البيزنطيه اتعرض لهجوم من الصرب و البلغار ، فأتهم الالمان البيزنطيين انهم ورا الموضوع ، و حصلت مواجهات بين الطرفين انتهت بالسماح لفردريك بالتعدية لاسيا عن طريق الدردنيل بدل البوسفور ، و بعد ما عدى الاراضى البيزنطيه دخل اراضى السلاجقه ، و فى قونيا حارب قوات بيقودها قطب الدين ابن السلطان ارسلان ، و بعد كده وصل كيليكيا بتاعة الأرمن. الأرمن على طول بعتوا جواب لصلاح الدين يحذروه من الجيش اللى جى له. و جنب كليكيا ، و هو بيجهز لتعدية نهر كاليكادنوس ، مات فردريك بربروسا فجاءه فى النهر ، و مش معروف ايه اللى حصل بالظبط ، وقع من على حصانه و هو بيعدى و لا خد له غطسه و غرق .[13] ، وفيه قصه بتقول ان التيار فى النهر جرفه بقوه على جزع شجره فشق دماغه [14]
موت بربروسا اللى كان بيقود اكبر جيش كان صدمه كبيره للصليبيين فى اوروبا ، و للصليبيين اللى كانو بيحاربوا فى ساحل سوريا. صلاح الدين اللى كان خايف من جيش بربروسا ، و جمع جيش فى شمال سوريا عشان يتصدى له لما يوصل ، حس براحه من خبر موت بربروسا ، و رجع جزء من القوات اللى كان حطها فى شمال سوريا لساحل فلسطين .[15]
اتسلم فردريك دوق سوابيا ، ابن بربروسا ، قيادة الجيش الألمانى اللى اتصاب باحباط من موت قائده الكبير لدرجة ان فيه أمرا قرروا يرجعوا اوروبا بقواتهم و معاهم جثة فردريك بربروسا محفوظه فى برميل خل لكن اضطروا يرجعوا الجثه اللى اتحللت فى السكه.
فى 21 يونيه الجيش الألمانى اللى انكمش وصل انطاكيه ، و رحب بيه بوهيموند التالت امير انطاكيه Bohemond III of Antioch ، و جه كونارد دى مونتفيرات من صور عشان يرحب بابن عمه و صاحبه فردريك دوق سوابيا. اتدفن فردريك بربروسا فى كتدرائية انطاكيا و خدوا منه عضم عشان جزء منه يكون معاهم و بكده يكون شارك فى الحمله و نال ثواب استرداد القدس .[16]
سقوط عكا فى ايد الصليبيين
صلاح الدين ، فى غلطه قال عنها المؤرخين انها كانت كبيره و خطيره ، بعد ما خد عكا فى يوليه 1187 ادى فرصه للصليبيين انهم يتجمعوا فى صور، و على ما وصل صلاح الدين صور كان كونارد دى مونتفيرات وصلها قبله و عمل فيها تحصينات قويه ، و بالتالى رفض يسلمها له.[3] رجع صلاح الدين لصور تانى فى اكتوبر عشان يهاجمها بجيش كبير و مجانيق ، لكن كونارد كان قوى الأسوار فماقدرش صلاح الدين انه يخترقها و اتدمرت سفنه فى معركه قامت قدام مدخل المينا، فانسحب ، و لما رجع المره التالته كانت التعزيزات اللى بعتها وليام التانى ملك صقليه تحت قيادة الادميرال مارجاريتوس وصلت صور. فى مواجهة الموقف اللى سببه صلاح الدين لنفسه و لجيشه اضطر انه يرفع الحصار اللى كان عامله على حصن الأكراد Krak des Chevaliers ، و اتراجع عن مهاجمة طرابلس ، و ابتدى يفكر فى التفاوض السلمى. حاول صلاح الدين انه يخلى فارس كان وصل صور من اسبانيا اتعرف باسم " الفارس الاخضر " يتوسط فى عقد هدنه ، لكن الرد كان انه لازم الاولانى يسلم الصليبيين كل فلسطين و بعد كده حايبقوا يسالموه و يصاحبوه ، فرد صلاح الدين باطلاق سراح شوية أسرى صليبيين عشان يبين حسن نيته ، و عمل شوية حاجات تانيه فيها كرم زايد ضايقت قواده و أمراءه و خلتهم يقلقوا. من الحاجات دى انه سمح لكل اللى فى المدن اللى بتستسلم له انهم يروحوا صور و طرابلس . لكن صلاح الدين قصد بكده انه يجمع النبلا و الأمرا الصليبيين المتخانقين مع بعض قبل و بعد معركة حطين فى صور عشان يكملوا خناقاتهم فيها .[17] لكن لسؤ حظ صلاح الدين الوعود و الحلفانات اللى كان بياخدها من النبلا اللى بيسيبهم كانت بتسقطها لهم الكنيسه بحجة انها حلفانات اتعملت لراجل كافر.[18] من الناس اللى صلاح الدين سابهم كان الملك جاى دى لوزينان " Guy de Lusignan اللى سيبانه كلف صلاح الدين الكتير بعد كده [19]
بداية الهجوم على عكا
فضل الوضع على كده ، الصليبيين بتوصلهم امدادات لكن مستنيين وصول جيوش كبيره من اوروبا ، و صلاح الدين مستنى و عايز يريح عساكره. لكن فى أواخر اغسطس ، الملك جاى دى لوزينان ، و كان واحد من اللى سابهم صلاح الدين و حلفوا له ، طلع من معسكره عشان يهاجم عكا و طلعت معاه مراكب صقليه و بيزا عشان تساعده من البحر. لما سمع صلاح الدين بالموضوع ، و كان وقتها محاصر حصن شقيف أرنون ( بوفورت Beaufort ) على نهر الليطانى [20] ، افتكر ان حركة الملك جاى الغرض منها مش أكتر من تخفيف الحصار على حصن شقيف أرنون ، لكن لما اتضح له ان الموضوع اكبر من كده ، اقترح انه يروح على صور و يهاجم الطالعين منها وهما رايحين على عكا ، لكن قوداه ما وافقوش ، و قالوا احسن يروحوا على عكا و يقضوا عليهم هناك و هما متحاصرين بينهم و بين حامية عكا ، و وافق صلاح الدين [21] ، و دى كانت غلطه جديده.
الملك جاى وصل قدام عكا يوم 28 اغسطس و عسكر على ربوه اسمها دلوقتى " تل الطفله " جنب نهر بيلوس. و ��عد ما عمل هجوم فاشل ع المدينه بعدها بتلت تيام رجع معسكره عشان يستنى امدادات .[22]
ابتدت الامدادات توصل من اوروبا فى بداية سبتمبر. و صلت شوانى دنماركيه و فريزيه كتيره و سدت مخارج عكا البحريه، و بعدها وصلت مراكب من ايطاليا عليها محاربين فلمنك و فرانسويه ، و قبل الشهر ما يخلص وصلت مراكب عليها قوات المانيه و طليانيه .[23]
معركة مرج عكا
اتخض صلاح الدين لما شاف الامدادات اللى بتوصل من اوروبا ، فجمع قواده و عمل هجوم فاشل على معسكر الملك جاى يوم 15 سبتمبر ، لكن ابن اخوه الملك المظفر تقى الدين قدر يعدى خطوط الفرنج و يتصل بباب عكا الشمالى. و فى يوم 4 اكتوبر شن الصليبيين هجوم ضخم على خطوط صلاح الدين و قامت معركه كبيره ، و اضطر عساكر الميمنة و الوسط فى جيش صلاح الدين انهم يهربوا بخساير كبيره ، بسبب مناوره تراجع تضليلى عملها تقى الدين قدام قوات فرسان المعبد مافهمش صلاح الدين مغزاها فبعت له قوات من الوسط لمساعدته ، فهجم الصليبيين على الوسط و حصلت فركشه. و قدر كونت برينه Count of Brienne انه يدخل خيمة صلاح الدين نفسه ، لكن صلاح الدين تماسك و قاد الميسره اللى فضلت من جيشه ، و هاجم بيها الصليبيين و قدر يضغط عليهم لغاية ما تراجعوا لمعسكرهم بخساير فادحه. بيقول المؤرخ ابن واصل ان الصليبيين اتقتل منهم فى المعركه دى ( الوقعه العظمى بمرج عكا ) 7000 نفر .[24]
طلع صلاح الدين من المعركه دى منتصر ، لكن نصر مش حاسم ، لان معسكر الصليبيين فضل موجود ، و فضلت الامدادات تتدفق من اوروبا. اسطول لندن اللى كان راح ع البرتغال وصل فى نوفمبر ، و وصلت قوات و مراكب من فرنسا و فلاندرز و ايطاليا و لحد كمان من المجر و الدنمارك ، و ده قوى حصار الصليبيين لعكا من البر .[25]
حصار عكا
بعد المعركه ، بدل ما صلاح الدين يقعد معسكر قدام عكا طلب من سكانها يقفلوا الأبواب ، و راح هو بالجيش على الخروبه للراحه [26] ، و دى حاجه أجمع كل المؤرخين على انها كانت غلطه كبيره من غلطاته بعد معركة حطين. و استغل الصليبيين الفرصه الدهبيه اللى منحها لهم صلاح الدين ، فحفروا براحتهم خندق حوالين عكا من البحر للبحر و حاصروها بالكامل من البر و نزلوا الات الحصار و المجانيق من المراكب و نصبوها و بنوا حواليهم سور و أبراج ، و بكده اتعزلت عكا بالكامل ، و ده كان صعب انه يحصل لو صلاح الدين قعد قدام عكا .[27][28][29][30]
استمر تدفق القوات من اوروبا و بعت صلاح الدين جوابات مطوله لحكام المنطقه يطلب منهم يبعتوا قوات زى الأوروبيين ما بيعملوا فردوا عليه بكلام معسول ، لكن ما بعتوش حاجه أكتر من الكلام و العنجهه الفارغه ، و رفض ملك المغرب يعقوب بن يوسف انه يساهم بمراكب لان صلاح الدين ما خاطبهوش فى جوابه ليه بـ " أمير المؤمنين " .[31] و بكده بقى كل اعتماد صلاح الدين على مصر بس . و وصل الملك العادل بقوات من مصر ، و وصل الاسطول المصرى عشان يعترض المراكب الأوروبية و اشتبك معاهم و قدر الاسطول المصرى انه يلحق خساير بمراكب الصليبيين و ينزل قوات فى عكا.[32] لكن مشكلة صلاح الدين ان الصليبيين كانو بيعوضوا خسايرهم بالتدفقات و الامدادات المتواصله من اوروبا و هو يا دوبك معاه جيش مصر على شوية عربان و أكراد و عسكر من المدن اللى بيحكمها قرايبه الأيوبيين. فى جواب لعز الدين مسعود أمير الموصل كتب صلاح الدين : " و من العجب أن العدة تفنى و ما تفنى العداة ، و تنمو على الحصاد و كأنها النبات، فالبحر يمدهم " [33]
الأوروبيين ما كانوش بيبعتوا رجاله بس لكن كانو بيبعتوا ستات محاربات كمان و كانو بيقاتلوا و بيشتركوا فى المعارك ، و عساكر صلاح الدين ما كانوش بيعرفوا انهم ستات الا لما يشيلوا الخوذات من روسهم .[34] ، و كانو كمان بيبعتوا ستات للترويح عن عساكرهم ، و فيه عساكر من جيش صلاح الدين انضموا للصليبيين عشان الموضوع ده [35]
لما عرف صلاح الدين ان فيه جيش ألمانى ( جيش بربروسا ) جاى فى السكه عن طريق البر اتخض و شاور قواده يعملوا ايه فاتفقوا انهم يبعتوا عساكر يعسكروا فى شمال سوريا ، و بكده اتقلص جيش صلاح الدين فى منطقة عكا. و استغل الصليبيين المحاصرين عكا الفرصة دى و بق�� يشنوا غارات على جيش صلاح الدين. الصليبيين المحاصرين عكا كانو عارفين ان لسه فيه جيوش كبيره حاتوصل قريب من اوروبا فكانوا بيحاولوا يضيعوا وقت بشن غارات و الضحك على صلاح الدين بهدنات و مصالحات. الوضع اتحول لمعارك صغيره من وقت للتانى ، و وقت الهدنات كانت بتسود حالة صحابيه و تآخى ، و كان عساكر الطرفين بيتبادلوا الزيارات و بيشاركو فى حفلات بعض و بيعملوا مسابقات ، و كان صلاح الدين بيبعت للصليبيين هدايا و جوابات ودوده و مش مخليهم ناقصين حاجه ، لدرجة ان فيه ناس فى جيش صلاح الدين ، و الصليبيين الواصلين جداد ، بقم مستغربين من اللى بيحصل و مش فاهمين حاجه.[36]
فى الظروف دى اتصالح الملك جاى مع كونراد و اتفقوا على ان بعد ما ينتصروا تبقى صور و صيدا و بيروت من نصيب كونراد ، و انه يعترف بان جاى ملك.[36]
الموقف جوه عكا بقى خطير و الناس ابتدت تعانى المجاعه و فضلت المراكب المصريه تحاول تشق طريقها بالأكل و الامدادات بصعوبه و سط المراكب الصليبيه اللى محاصره المدينه من البحر .[37] فى 19 مايو شن صلاح الدين هجوم على الصليبيين و بعد تمن تيام قدروا يجبروه على التراجع. و فى 25 يوليه هجم الصليبيين على معسكر الملك المعظم تقى الدين فى ميمنة الجيش لكن اتلقوا هزيمه تقيله و اتقتلت منهم اعداد كبيره. و لما دخل الصيف بدات طلايع جيش فيليب أوجست الفرنساوى توصل و معاهم أمرا كبار و بيقودهم " هنرى دى ترويى كونت دى شامبين " Henry de Troyes, Count de Champagne ، اللى سماه المؤرخين فى الشرق " الكندهرى ". هنرى على طول بقى مسئول عن المجانيق و ألات الحصار ، و قامت معارك و مناوشات متفرقه فى الصيف حاول فيها الصليبيين اختراق اسوار عكا لكن فشلوا. و فى اكتوبر وصل فردريك اوف سوابيا ببقايا جيش بربروسا، و على طول شن هجوم شرس و لكن فشل. فى نوفمبر قدر الصليبيين يخلوا صلاح الدين يعزل من موقعه فى تل كيسان و يروح يعسكر أبعد فى تل الخروبه. موقف الصليبيين بقى وحش بسبب محاصرة صلاح الدين ليهم و هما محاصرين عكا و عانوا نقص فى الأكل و انتشرت الأمراض فى معسكرهم و مات منهم كذا أمير ، و فى 20 يناير 1191 مات فردريك اوف سوابيا ابن بربروسا و خد مكانه ليوبولد بتاع النمسا Leopold of Austria. ابتدا العساكر الصليبيين يهربوا و ينضموا لصلاح الدين و يدوله معلومات و فى 13 فبراير قدر يستغل المعلومات دى و معلومات من جواسيسه ، و يخترق صفوف الصليبيين و يدخل قوات فى عكا، بس برضه ما عملش هجوم على الصليبيين و فضل يريح قواته و يبدلها و دى غلطه بتتضاف لغلطاته لان الصليبيين كانت حالتهم كرب من العيا و قلة الأكل لدرجة انهم كانو بياكلوا حشيش الأرض و حصنتهم اللى بيحاربوا عليها و ماكانوش حا يستحملوا هجوم كبير [38] لكن صلاح الدين فضل مستنى لغاية ما فى مارس وصلت مركب غله من اوروبا نزلت حمولتها ، و وصلت أخبار مفرحه للصليبيين بان مراكب ملوك فرنسا و انجلترا خلاص دخلت ميه جنوب البحر المتوسط.
وصول فيليب و ريتشارد
وصل الملك فيليب أوجست يوم 20 ابريل 1191 و فى 8 يونيه وصل ريتشارد قلب الأسد و معاه 25 مركب. ريتشارد كان طلع اسطوله من انجلترا و لف بيه حوالين ساحل اسبانيا و راح استناه فى مرسيليا مع معظم قواته البريه. و هو فى السكه اتوقف فى قبرص و استولى عليها و اتجوز برينجاريا Berengaria بنت سانشو الساتت ملك نافارا Sancho VI of Navarre ، وده و احداث تانيه هما اللى أخروه فى السكه. جيش فيليب كان أصغر من جيش ريتشارد لان جزء منه كان راح على الشرق قبل كده .[39]
لما وصل ريت��ارد لقى فيليب جهز الات حصار كتيره و مجانيق ، من ضمنها منجنيق ضخم سماه العساكر " جار السؤ ". و كان عامل سلالم حديد بكلابات اسمها "القطه ". الات الحصار كانت عماله تهاجم اسوار عكا و تنقب فيها. ريتشارد أول ما وصل بعت لصلاح الدين وفد معاه راجل مغربى عشان يقوله انه عايز يقابله. لكن صلاح الدين رد عليه انه مش من الحكمه ان ملكين متصارعين يقابلوا بعض قبل ما يعملوا معاهدة هدنه، لكن سمح لأخوه الملك العادل انه يروح يقابله .[40]
استمرت محاولات الصليبيين اختراق أسوار عكا. و فى البحر قدروا، بوصول مراكب فيليب و ريتشارد ، انهم يشددوا الحصار و يتحكموا فى المنافذ ، و ما بقتش مراكب صلاح الدين قادره توصل امدادات لعكا، وابتدا الناس المتحاصرين يفكروا فى الاستسلام. لكن علاقات فيليب و ريتشارد ، ماكانتش على مايرام بسبب المنافسه و مشاكلهم فى اوروبا ، و الصليبيين كانو منقسمين لفريقين ، فريق ريتشارد اللى كان بيضم الملك جاى و امرا بيزا ، و فريق فيليب اللى كان بيضم كونارد و الجنويين. الانقسام كان جامد لدرجة ان ريتشارد رفض يشارك فيليب فى هجوم شنه على الأسوار فى أواخر شهر يونيه .[41]
فى 3 يوليه، بعد ما فشل الملك المعظم تقى الدين فى اختراق صفوف الصليبيين عشان يوصل عكا ، قدر الفرانسويه يعملوا فتحه فى جزء من السور ، و بعدها بتمن تيام نجح الانجليز فى عمل فتحه هما كمان. لكن فى الغضون دى حامية عكا قررت الاستسلام و بعتوا وفد لمعسكر الصليبيين يوم 4 يوليه يطلبوا الامان، لكن ريتشارد رفض و بعت لصلاح الدين فى نفس اليوم يطلب فاكهه و تلج و اداله اشاره انه ممكن يتناقش معاه فى موضوع عقد سلام.
صلاح الدين اترج لما عرف ان حامية عكا عايزه تطلب الأمان و تسلم ، و بعت يطمنهم انه حايساعدهم طوالى ، و يوم 7 يوليه و صله عن طريق عويم من عكا نداء منهم بانه يا اما يعمل حاجه يا حايسلموا. صلاح الدين ما قدرش يعمل حاجه و كل محاولاته فشلت ، فطلبت الحاميه الاستسلام يوم 12 يوليه 1991، و وافق الصليبيين على ان عكا تسلم بكل اللى فيها ، بمراكبها و مخازن سلاحها ، و انهم لازم يدفعوا 200.000 حتة دهب للفرانسويه ، و عليهم 400 حته زياده تتدفع لكونارد شخصى. و فوق كده لازم يطلق سراح 1500 أسير صليبى ، و عليهم 100 واحد من علية القوم اللى حاتتعمل لسته بأساميهم ، و ترجيع صليب الصلبوت اللى خده صلاح الدين لما دخل القدس ، و لو عملوا كل ده حا يدوهم الامان و مش حا يقتلوهم.[42]
اتفزع صلاح الدين لما جاله عويم من عكا و بلغه باللى حصل ، و قعد قدام خيمته يكتب جواب للحاميه يشجعها و يطلب منها انها ما تسلمش ، لكن و هو بيناقش المستشارين بتوعه و بيحضر الجواب لمح علم صليبى بيرفرف على برج عكا ، و عرف انه اتأخر جداً و ان عكا ماقدرتش تستناه أكتر من كده فطلبت الأمان و سلمت [42]..
صلاح الدين بعت مندوبين يمضوا على اتفاقية التسليم ، و اتحجز الأسرى ، و دخل المنتصرين عكا بأعلامهم ، ريتشارد قلب الاسد ، و فيليب أوجست ، و كونراد اوف مونتفيرات ، و فردريك دوق سوابيا ملك الألمان. و يوميها عيط صلاح الدين عياط جامد ، وقال و هو مخنوق : " ازاى أخلص المأسورين " .[43] كان من ضمن المأسورين الأمير بهاء الدين قراقوش ، اللى بنى سور القاهره ، لكن صلاح الدين فداه بـ 10.000 أو 60.000 دينار ففلت من الأسر [44] لكن غلابة عكا و مستضعفيها كان لازم يستنوا و يشوفوا ازاى حا يتفك أسرهم.
فيليب و كونراد راحوا على صور و من هناك رجع فيليب على فرنسا بعد ما وعد ريتشارد انه مش حا يمس ممتلكاته فى فرنسا لغاية ما يرجع. ريتشارد و الانجليز اعتبروا رجوع فيليب فرنسا نداله و خيانه. فيليب من ناحيته كان بيشك فى نوايا ريتشارد و حاسس انه ناوى يقتله و بعد ما مشى فيليب بقى ريتشارد هو قائد الحمله و المسئول عن المفاوضات مع صلاح الدين .[45]
صلاح الدين ما وافقش على تسليم فلوس الفديه من غير ما الصليبيين يسيبوا الأسرى لانه خاف الصليبيين يطلقوا سراح الفقرا و الغلابه و ما يسيبوش الامرا و الأغنيا ، لكن ريتشارد و فرسان المعبد مارضوش يسلموا الاسرى من غير ما يستلموا الفلوس الأول. و اتعقد الموضوع و كانت النتيجه ان ريتشارد قلب الأسد أمر بقتل الأسرى الغلابه بحجة ان صلاح الدين مش عايز يدفع ، فادبحوا يوم 20 اغسطس فى مجزره رهيبه عند تل العياضية ، و كان عددهم بتاع 3000 أسير ، و دبحوا معاهم ستاتهم و عيالهم، لكن الصليبيين ما قتلوش الأمرا و الأغنيا .[46][47][48]
فى الغضون دى ، و مصر مشغوله فى الحرب ، و سلطانها و الملك العادل فى ميدان المعركه ، اتلموا شوية مغاربه و جريوا فى شوارع القاهره ، و هما بيصرخوا " يا آل على " و هجموا عل الدكاكين و كسروها و نهبوا السيوف ، و كانو حايسببوا فتنه فى مصر ، لكن طلع لهم الأمير بدر الدين بن موسك - اللى اتسمى حى الموسكى فى القاهره على اسمه - بالعساكر و خلص عليهم و ما حصلتش الفتنه اللى قصدوها. لما سمع صلاح الدين باللى حصل اتضايق ، لكن القاضى الفاضل طمنه و قاله : " أيها الملك ينبغى أن تفرح و لا تحزن، لم يصغ الى دول الجهلة واحد من من رعيتك " .[49][50][51]
يوم 22 اغسطس ، طلع ريتشارد بجيش من عكا و مشى على جهة عسقلان ، و قوات صلاح الدين و راهم بترميهم بالنبال و بتهجم عليهم بالسيوف. و أمر صلاح الدين بقتل أى صليبى يتاسر كانتقام لمدبحة عكا. و دخل الصليبيين حيفا و قعدوا فيها ، وقعد صلاح الدين فى القيمون لغاية ما عرف ان الصليبيين طلعوا من حيفا بفرسانهم و محاربينهم و ماشين بحذا الساحل و شوانيهم فى البحر بتحاذيهم ، فراح وراهم ، وحصلت شوية معارك صغيره. و لما وصل صلاح الدين قريه اسمها دير الراهب جنب أرسوف ، بعت ريتشارد يطلب مقابلة الملك العادل ، فلما راح له قاله اللى معناه : " احنا حاربنا بعض مده طويله ، و احنا جينا هنا عشان ننصر صحاب الساحل ، فلو اتصالحتوا انتوا معاهم يبقى خلاص مفيش عداوه بينا ". فلما سأله العادل يتصالحوا على أى أساس ، رد عليه ريتشارد اللى معناه : " على أساس انكوا تسلموا أهل الساحل المدن اللى أخدتوها منهم " ، فانتهت المقابله على كده و مشى العادل غضبان .[52]
يوم 30 اغسطس بقى جيش صلاح الدين جنب جيش ريتشارد جداً و حصلت شوية معارك كر و فر ، و اتعرض الفرانسويه لهجمات جامده كانت حا تقضى عليهم لانهم كانو فى مؤخرة الجيش الصليبى. و بدعها بكام يوم اختار صلاح الدين أرض المعركه فى شمال أرسوف فى منطقه مفتوحه تسمح بمناورات الفرسان. يوم 7 سبتمبر اصطف الصليبيين اللى كان من ضمنهم قوات هنرى اوف شامبين ، و قوات الملك جاى ، و فرسان المعبد ، و الاسبتاريه ، و الفلامنكيين و غيرهم .[53]
بدأ عساكر صلاح الدين الهجوم قبل الضهريه بموجات ورا موجات ، و قدروا يفركشوا خط الصليبيين القدمانى ، بس ما قدروش يضغطوا بما فيه الكفايه ، و بعدين ظهر الفرسان و هاجموا الاسباتريه و الفلامنكيين. كل ده و ريتشارد لسه ما اداش أمر بالهجوم ، وده خلا قائد الاسباتريه يبعتله و يطلب منه يدى أمر بالهجوم ، لان فرسانه تحت ضغط جامد ، بس ريتشارد فضل مستنى لغاية ما جزء من القوات ابتدا يهجم من غير أمر منه ، و اضطر ريتشارد يهاجم و ضغط بقوه على جيش صلاح الدين اللى ابتدى يتفركش و يهرب ، لكن صلاح الدين اتماسك و جمعه ، و أمر بحماية معسكره و عمل هجمه جديده على الصليبيين ، لكن فشل فى التحكم فى المعركه ، و على المسا كان جيش الصليبيين كسبان. انهزم جيش صلاح الدين هزيمه و لولا حماسة صلاح الدين الشخصيه و صلابته كان جيشه اتنكب بنكبة كبرى . مع كده ، نصر الصليبيين ما كانش حاسم ، ومن الجيشين ما اتقتلشى عساكر كتيره أو أمرا مهمين. صلاح الدين كان عايز يدخل معركه جديده ، لكن ريتشارد ما رضيش ، لانه كان عارف انه مش بالقوه اللى تسمح له بدخول معارك متتابعه ، فأكتفى بنصره المعنوى فى أرسوف. و دى كانت أول معركه مفتوحه بين جيش صلاح الدين و الصليبيين بعد معركة حطين.[47][54] فرق شاسع بين معركة أرسوف دى و معركة أرسوف بتاعة القائد المحنك الظاهر بيبرس اللى اباد فيها الصليبيين سنة 1256.
انتصار الصليبيين فى أرسوف اللى حصل بعد ما خدوا عكا خلاهم يحسوا بنشوه و يقتنعوا بامكانية أخد القدس. ده بعكس صلاح الدين اللى خسر عكا و ما قدرش يعمل حاجه تنقذها و شاف سكانها بيدبحوا قدامه بسبب غلطاته ، و بعدين اتلقى صفعه فى أرسوف خلته يحس بمراره و اهانه. طاقة صلاح الدين ابتدت تتبخر مع كبر سنه ، و فقدانه القدره على السيطره على قواته و قواده اللى كتير منهم كانو بيعتبروه حاجه ظهرت على مسرح الأحداث فجأه من ولا حاجه. صلاح الدين كانت صحته وحشه وعيان بالملاريا ، و كان واضح ان نجمه ابتدى يافل. أهم حاجه لصلاح الدين فى الفتره دى كانت انه ما يخسرش القدس اللى أخدها بيعتبر اكبر انتصاراته .[55] ،و من الناس اللى سابهم كان الملك جاى اللى سيبانه كلف صلاح الدين الكتير بعد كده [56]
صلاح الدين راح بجيشه على الرمله و استنى هناك عشان يشوف ريتشارد ناوى على ايه. الصليبيين راحوا على يافا و حصنوها ، و ابتدا ريتشارد يجهز للوصول للقدس. و هنا ، بيقول المؤرخين ان ريتشارد هو كمان عمل غلطه انه استنى مده فى يافا ، فلو كان طلع من أرسوف على القدس طوالى كان ممكن ياخدها ، لكن ريتشارد كان عارف ان صلاح الدين انهزم بس ، لكن جيشه لسه موجود ، و لو راح على القدس طوالى كان جيش صلاح الدين قدر يعزله عن الساحل ، و بالتالى عن الامدادات من البحر ، فكان لازم يعمل قاعده قويه فى يافا قبل مايغامر و يتوغل فى البر. لكن تأخيره فى يافا ادى فرصه لصلاح الدين انه يعمل تحصينات و دفاعات متينه حوالين القدس .[57]
صلاح الدين ، من ناحيه تانيه ، خاف ان ريتشارد يروح عسقلان و يبنى قاعده تانيه هناك ، فيقطع الطريق بينه و بين مصر مصدر قوته و عسكر جيشه و ترسانته ، فسبقه على هناك و دمرها و خلاها مش صالحه للاستعمال كقاعده عسكريه. ريتشارد ابتدا يواجه مصاعب ، عساكر من الجيش الصليبى ابتدوا يتسللوا و يهربوا على عكا، و فوق كده ابتدا يقلق من كونراد فى صور ، و من رجوع فيليب لفرنسا ، و من أخبار التمردات اللى بتحصل فى قبرص. عشان يخلص من قبرص باعها لفرسان المعبد ، و ابتدا يجهز للتفاوض مع صلاح الدين .[58]
مفاوضات ريتشارد و صلاح الدين
صلاح الدين وافق على التفاوض مع ريتشاد قلب الأسد و فوض أخوه الملك العادل. فى اكتوبر راح وفد من صور للعادل و قال له مطالب ريتشارد اللى كانت بتتلخص فى ان صلاح الدين لازم يرجع بيت المقدس ، و كل الأراضى غرب نهر الاردن ، و معاهم صليب الصلبوت. فرد عليه صلاح الدين بان القدس مهمه و مقدسه كمان للمسلمين زى ما هى مهمه و مقدسه للمسيحيين ، و انه مش حايرجع صليب الصلبوت الا لما يعمل الصليبيين تنازلات من ناحيتهم [59]..
ريتشارد و الصليبيين كانو معجبين بالملك العادل و بيرتاحوا ليه و كانو بيسموه " سفادين " Saphadin ، فعرضوا عليه انه يبقى حاكم على كل فلسطين بدل صلاح الدين ، و انه يتجوز أخت الملك ريتشارد جوانا ملكة صقليه Joanna of Sicily ، و انها تحكم مدن الساحل اللى أخدها ريتشارد و معاهم عسقلان ، و انهم يروحوا يعيشوا سوا فى بيت المقدس اللى تبقى مفتوحه لكل المسيحيين ، و صليب الصلبوت يتحط فى مكانه ، و يتم الافراج عن كل الأسرى من الجنبين ، و يرجع لفرسان المعبد و الاسبتاريه ممتلكاتهم فى فلسطين. لما سمع صلاح الدين بالاقتراح ده افتكره هزار و وافق عليه. لكن لما الملكه جوانا عرفت جالها فزع لان مطلوب منها تتجوز راجل كافر ، فطلب ريتشارد من العادل انه يدخل المسيحيه ، و مارضاش العادل ، لكن عمل لريتشارد حفله فى 8 نوفمبر ، استمتع فيها الاتنين و اتبادلوا الهدايا.[59]
ريتشارد بعت لصلاح الدين يقترح عليه ان العادل يبقى ملك فلسطين مقابل ان المسيحيين يشاركو فى القدس ، و قاله له ان فكرة جواز العادل من جوانا فكره كويسه رغم انها بتواجه معارضات ، و ان بابا الكاتوليك ممكن يتدخل و يقنع جوانا بالرفض. و لو ده حصل ممكن العادل يتجوز بنت عمه اليانور اوف بريتانى Eleanor of Brittany اللى تحت وصاية ريتشارد و بالتالى البابا مالهوش كلمه عليها.
و الكلام ده شغال وصل لصلاح الدين وفد من كونراد باقتراحات من نوع تانى. عرض كونراد انه فى مقابل صيدا و بيروت ممكن ينضم لصف صلاح الدين ضد الصليبيين و يساعده على استرداد عكا. لكن لما صلاح الدين سأل رئيس الوفد اذا ممكن كونراد يحارب ضد الصليبيين ما قدرش رئيس الوفد يرد رد شافى. بعد المقابله دى صلاح الدين عمل مجلس عشان يناقش مع الأمرا يختار عروض مين ، ريتشارد ولا كونراد. العادل و الأمرا اختاروا عرض ريتشارد لانهم ماكانوش بيثقوا قوى فى كونراد ، و كانو عارفين ان ريتشارد حا يرجع اوروبا لكن كونراد قاعد لهم .[60]
استمر العادل فى المفاوضات و فى نفس الوقت كانت فيه معارك عسكريه بتحصل من وقت للتانى. فى شهر نوفمبر و قع ريتشارد فى كمين عسكرى و كان حا يتاسر ، لكن عساكر صلاح الدين افتكروا وليام اوف بريو William of Preaux هو الملك فأسروه بدل ريتشارد اللى قدر ينفد بجلده. على نص نوفمبر لما الجو بدا يبرد صلاح الدين راح على القدس و وصلت قوات من مصر. فلما وصل ريتشار الرمله عشان يشن هجوم ملقاش حد يحاربه فقعد هناك ست أسابيع يدور على طريقه توصله القدس و لتانى مره كان حا يتاسر فى هجمه عملها عسكر صلاح الدين لكن نفد تانى بجلده .[61]
فى 28 ديسمبر و الجو وحش جداً و الطرق مطينه، ريتشارد طلع على التلال ، و فى 3 يناير وصل بيت نوبا على بعد 15 كم من القدس. فرسان المعبد و الاسبتاريه و البارونات المولودين فى المنطقه قالوا لريتشارد انه لحد لو وصل القدس فى الظروف دى و قضى على قوات صلاح الدين هناك الجيش المصرى المعسكر فى التلال مش حايسيبه ، و حا يلاقى نفسه محصور بين القوات اللى فى القدس و جيش مصر. و لحد لو قدر يستولى على القدس مش حا يقدر يقعد فيها لان الحجاج الأوروبيين حا يرجعوا اوروبا بعد ما يحجوا و مش حا يلاقى معاه الا جيش صغير مش حا يقدر على جيوش مصر. اقتنع ريتشارد باللى اتقاله و انسحب للرمله بعد خمس تيام. و فى الرمله ابتدا الفرنسويه يسيبوا الجيش و يرجعوا على يافا و عكا. فى الظروف المحبطه دى ريتشارد قرر يعمل حاجه تنشط عساكره فراح على عسقلان و قعد يصلح الحصون و القلاع اللى خربها صلاح الدين، و قدر يحولها لأقوى حصون على ساحل فلسطين. و اندهش تباع ريتشارد لما لقوا صلاح الدين سايبهم يصلحوا المينا و الحصون و ناس منهم اعتبروا الموضوع كرم و فروسيه من صلاح الدين. لكن صلاح الدين كان عايز يريح جيشه و يستنى وصول امدادات أكتر، و جايز كمان ما كانش عايز يدخل فى معارك فى فتره قواده ماكانوش فيها راضيين عن تصرفاته و اساليب مواجهته للصليبيين ، و فوق كده صلاح الدين كان عارف ان الصليبيين داخلين فى نزاعات مع بعض لدرجة ان الجنويين اللى فى صف الملك جاى دخلوا فى حرب مسلحه ضد بتوع بيزا اللى فى صف كونارد. فلوس الفرانسويه كانت فى الحضيض و ريتشارد كان بيساعدهم لكن فلوسه هو كمان ابتدت تقل فاتوقف عن مساعدتهم. و بكده ابتدا ريتشارد يقتنع ان مفيش حل الا انه يعمل اتفاقيه مع صلاح الدين . فى 20 مارس الملك العادل ركب حصانه و راح يقابل ريتشارد و معاه صفقه ملخصها ان الصليبيين يحتفظوا باللى استولوا عليه و يكون لهم الحق يروحوا القدس يحجوا و يعينوا هناك قسسه لاتين زى ماهم عايزين و صليب الصلبوت يتسلم ليهم. و فوق ده ممكن يضموا بيروت بشرط يخلوها من السلاح و الحصون. فرح ريتشارد بوصول الملك العادل و معاه العرض ، و عمل حفله انعم فيها بوسام الفروسيه لابن العادل. بعد كام يوم وصل من انجلترا و قال لريتشارد ان أخوه جون عمال يدى نفسه حقوق ملكيه و ان مستشاره وليام أسقف الاى بيترجاه انه يرجع انجلترا بأسرع ما يمكن. ريتشارد اجتمع بالفرسان و قالهم انه راجع اانجلترا قريب و ان البت فى موضوع تتويج ملك لبيت المقدس لازم يتم بسرعه و قالهم يختاروا ما بين الملك جاى و كونراد ، فاختاروا كونراد و ماكانش قدام ريتشارد الا انه يوافق .[62]
اغتيال كونراد دو منوتفيرات
[[ملف:Conrad-Picot.jpg|150px|thumb |كونراد دو منوتفيرات اغتاله الحشاشين تم التحضير لتتويج كونراد فى عكا و بيتقال ان كونراد لما سمع الخبر ركع على الأرض و طلب من ربنا انه يمنع تتوجيه لو ماكانش نافع للمهمه دى. فى 28 ابريل 1192 اغتيل كونراد و هو فى السكه مروح بيته بعد ما زار صاحبه أسقف بوفيه، و اعترف واحد من الاتنين اللى قتلوه ان شيخ الجبل سينان زعيم الحشاشين هو اللى بعتهم. كان فيه تار قديم بين كونراد و سينان ، لان كونراد كان مره استولى على مركب كانت جايبه للحشاشين بضايع اشتروها. و من ناحيه تانيه ممكن ان سينان كان خايف ان دولة الصليبيين على ساحل لبنان حا تسبب خطوره على الأراضى اللى بيسطر عليها الحشاشين. رغم كده انتشرت اشاعات ان صلاح الدين هو اللى ورا الموضوع و هو اللى كلف سينان بمهمة قتل كونراد و ريتشارد لكن سينان مارضاش يقتل ريتشارد عشان صلاح الدين ما يبقاش المهيمن ع المنطقه فيروح يدمر قلعتهم. و كان فيه اشاعه تانيه انتشرت أكتر ان ريتشارد هو اللى ورا الموضوع لانه كان بيكره كونراد و عايز يخلص منه.[63]
اغتيال كونراد كان ضربه لتكوين مملكه لاتينيه. لكن اللى حصل بعد كده هو ان بعد اسبوع من اغتيال كونراد ، أرملته الأميره ايزابيلا اتجوزت هنرى اوف شامبين ابن أخت ريتشارد ، بعد ما اضغط عليها ، و بكده بقى هنرى هو الملك .[64]
أخبار وصلت ريتشارد ان فيه تمرد على صلاح الدين فى أرض الجزيره ( العراق دلوقتى )، فقرر انه يعمل هجوم مفاجىء على الداروم ، و فى يوم 23 مايو ، بعد معارك دامت خمس تيام ، سلمت حامية الداروم و استولى ريتشارد عليها و خرب قلعتها، و ارتكب مدبحه جديده. و لما لقى ريتشارد انه استولى على الداروم بسهوله ، ابتدا يفكر فى أخد بيت المقدس من جديد. ريتشارد و هنرى قرروا انهم يهاجموا القدس بسرعه. فى 7 يونيه طلع الصليبيين من عسقلان و بعد ما عدوا الرمله و وصلو بيت نوبا اتوقفوا عشان يجهزوا للهجوم. و هما معسكرين جه اسقف ليدا و ادا ريتشارد جزء من صليب الصلبوت كان عنده ، و بعدها بكام يوم جه رئيس دير يونانى و قال لريتشارد انه مخبى حته كمان من صليب الصلبوت ، فحس ريتشارد ان ده تعويض ليه عن فشله فى أخد الجزء اللى كان مع صلاح الدين و رجعه لمكانه فى بيت المقدس .[65]
مصر حصن جنوب البحر المتوسط
فى اللحظه دى ابتدى ريتشارد و الصليبيين يفهموا ان مصدر القوه اللى بتواجههم ، و بتقضى على طموحاتهم هى مصر ، مش أى حته تانيه ، و ان مصر بامكانياتها البشريه و العسكريه هى ترسانة المنطقه و قلعتها الحصينه ، و ان لا صلاح الدين و لا غيره له قيمه ان ما كانش بيحكم مصر و امكانيتها فى ايده ، و انه طول ما مصر قويه و مستقره مش حا يقدروا يستولوا على بيت المقدس. و من اللحظه دى بقت مصر هى الهدف الرئيسى للحملات الصليبيه مش لانهم بيعادوها و عايزين يستولوا عليها فى حد ذاتها ، لكن لانها هى اللى بتتصدى ليهم لما بيحاولوا يستولوا على الشام اللى فيه أماكنهم المقدسه. ابتدا ريتشارد يفكر فى الهجوم على مصر [56] ، و فى 20 يونيه ناقش ريتشارد مع الصليبيين فكرة مهاجمة مصر بدل بيت المقدس ، و بعدها بتلت تيام هاجم قافله امدادات كبيره رايحه القدس من مصر فى أرض مفتوحه جنوب-غرب الخليل و قدر يستولى عليها و ينهب آلاف الحصنه و الجمال ، بعد ما العربان اتجسسوا على خط سيرها و قالوا له عن تحركاتها و قوتها .[66] اتخض صلاح الدين من أخبار مهاجمة القافله المصريه ، و فهم ان الصليبيين بعد ما أستولوا عليها ممكن يهاجموا بيت المقدس ، فعلى طول بعت ناس يسدوا أبار المايه و يخربوا الصهاريج و يقطعوا كل أشجار الفاكهه فى المنطقه اللى بين بيت نوبا و القدس ، و عمل مجلس للتشاور مع القواد عشان يناقش يطلع للصليبيين و لا يستناهم فى القدس. هو نفسه كان رأيه يستنى فى القدس و الامرا وافقوه على كده بس مش عن اقتناع ، لانهم ، زى ما قالوله ، خايفين يستنوا فيتحاصروا و يحصل لهم زى اللى حصل للناس فى عكا.[67] وبعدين الأكراد و الترك اللى فى قواته اتخانقوا مع بعض كمان ، فقعد يفكر ازاى حا يواجه الصليبيين بالناس دى. لكن لحسن حظه ، الصليبيين هما كمان كانو فى حوسه و مش متفقين مع بعض يعملوا ايه ، الفرنساويه عايزين يهجموا بسرعه ، و ريتشارد خايف من نقص المايه، و مش شايف ان الموضوع حايجيب نتيجه. يوم 4 يوليه وصلت صلاح الدين أخبار ان الصليبيين بينسحبوا من بيت نوبا ، و عشان يتأكد طلع بنفسه على ربوه عاليه يتفرج عليهم و هما بينسحبوا [68]
مأساة يافا
بعد ما رجع الصليبيين يافا بعت هنرى اوف شامبين جواب لصلاح الدين مليان كلام كله غرور و تكبر ، قاله فيه انه دلوقتى بقى ملك مملكة أورشليم و انه عشان كده لازم طوالى يسلمه القدس. لكن بعد تلت تيام وصل وفد من ريتشارد و طلب ريتشارد من صلاح الدين انه يعتبر هنرى زى ابنه ، و يوافق على دخول القساوسه اللاتين الأماكن المقدسه ، و يسلم ساحل فلسطين للصليبيين ، و وافق صلاح الدين بشرط اخلاء عسقلان و تخريبها ، و بدالها حا يديله ليدا. صلاح الدين كان مهتم بعسقلان لانها على طريق الامدادات من مصر اللى من غيرها مش ممكن حايقدر يصمد فى الشام. لكن ريتشارد رفض عرض صلاح الدين و قرر انه يروح يستولى على بيروت و من هناك يرجع على اوروبا بغض النظر عن توقيع اتفاقيه مع صلاح الدين أو لاء.[68]
صلاح الدين انتهز فرصة وجود ريتشارد فى عكا فطلع من القدس بجيشه ، و راح على يافا ، و حاصرها ، و بعد تلت تيام استسلمت الحاميه الصليبيه ، فدخلها، لكن ما قدرش يسيطر على الأكراد اللى جريوا فى شوارعها ، و قعدوا يقتلوا فى الناس و ينهبوا المدينه اللى لقوا فيها حاجات من منهوبات القافله المصريه .[69] ، فطلب صلاح الدين من الصليبيين انهم يستخبوا فى القلعه ، و يقفلوها عليهم ، و يستنوا لغاية ما يقدر يسيطر على الموقف [70]
لما ريتشارد عرف اللى عمله صلاح الدين بعت جيش طوالى على يافا ، و طلع هو بـ 50 مركب و شانى عن طريق البحر. يوم 31 يوليه ، و صلاح الدين شاغل نفسه فى ازاى ينجى الصليبيين اللى جوه القلعه ، و بيحاول يهربهم ، هجمت مراكب ريتشارد ، و على طول الحاميه المستخبيه فى القلعه هاجمت قوات صلاح الدين ، و عرف ريتشارد ان صلاح الدين حافظ له على حاميته و ان القلعه فى ايديهم فنزل هو و قواته من المراكب ، و هاجموا قوات صلاح الدين جوه يافا اللى جه لعساكرها ذهول من اللى بيحصل، و قدر ريتشارد بمساعدة الحاميه اللى خباها صلاح الدين انهم يقضوا على قوات صلاح الدين و اتقتل اللى اتقتل و هرب اللى هرب ، و صلاح الدين انسحب . قدر ريتشارد يستعيد يافا بـ 80 فارس ماعهومش الا 3 حصنه و 400 نشاب و حوالى 2000 بحاره طليانه [71].. ريتشارد نفسه استغرب من تصرف صلاح الدين ، و قال للأمرا اللى اسرهم ان ده سلطان كبير مفيش سلطان قده فى المنطقه فازاى يمشى بمجرد ما أنا وصلت ! .[72]
تانى يوم الصبح بعت صلاح الدين أخوه العادل لريتشارد عشان يكملوا المفاوضات ، و لما دخل العادل على ريتشارد لقاه قاعد يضحك مع أمرا مأسورين على موضوع ان صلاح الدين أخد يافا و ضاعت منه بسرعه.ريتشارد قالهم انه جرى على طول على يافا من غير سلاح و لحد من غير ما يغير جزمته. لكن ريتشارد قال للعادل ان الحرب دى لازم تتوقف ، و عرض عليه ان يافا و عسقلان يبقوا بتوعه و يعملهم اقطاع لصلاح الدين. صلاح الدين رد بان ريتشارد ممكن يحتفظ بيافا بس يسيب عسقلان. و بكده وصلت المفاوضات لطريق مسدود فاتوقفت.[71]
صلاح الدين عرف ان فيه قوات فرانسويه خرجت من عكا و راحت على قيسريه بدل ما تروح يافا ، فانتهز فرصة صغر حجم جيش ريتشارد فى يافا و هجم عليه يوم 5 اغسطس و لقى ريتشارد مستنيه هناك. و قدر ريتشارد انه يصمد بقواته القليله و لقى صلاح الدين عساكره متغاظين منه و شايلين منه من يوم مأساة يافا ، و مش عايزين يحاربوا ، و قالوا له " قل لغلمانك اللى ضربوا الناس يوم فتح يافا و أخدوا منهم الغنيمه يهجموا " .[73] حس صلاح الدين بغضب ، لكن فى نفس الوقت حس باعجاب بريتشارد ، لدرجة ان لما الحصان اللى قاعد عليه ريتشارد اتصاب بعتله تلت حصنه هدايا من عنده. و فى أخر النهار انسحب صلاح الدين و راح على القدس. و ده كان انتصار جديد لريتشارد ناله بتكتيك القائد المحنك [74]
اتفاقيةالسلام ( صلح الرمله )
رجع صلاح الدين للرمله مع عسكر جديد واصل من مصر و ابتدت المفاوضات تانى ، وبعت ريتشارد اللى كان عيان للعادل اللى كان هو كمان عيان يترجاه يخلى صلاح الدين يسيبله عسقلان. صلاح الدين بعت كمترى و تلج من الجبل لريتشارد العيان لكن ما اتنازلش عن موضوع عسقلان اللى لازم تتساب و تتخرب.[74]
يوم 2 سبتمبر 1192 اتوقعت معاهدة سلام ( اتعرفت باسم صلح الرملة ) مدتها خمس سنين بين صلاح الدين و ريتشارد. المعاهده اللى حلف عليها أمرا الطرفين ، و دخل فيها أمرا طرابلس و انطاكيه ، ادت المدن الساحليه من عكا ليافا للصليبيين و ادتهم حق زيارة الاماكن المقدسه مقابل ان عسقلان ، بعد تخريبها ، تكون فى ايد صلاح الدين مع كل المدن اللى فى جنوبها.[75]
طوالى راحت العساكر الصليبيه من غير سلاح على القدس عشان يصلوا ، و أكرمهم صلاح الدين كرم كبير. ريتشارد نفسه ما راحش و رفض انه يدى العساكر الفرانسويه باسبورتات عشان يدخلوا بيها القدس.[75]
صلاح الدين وافق على تعيين قسسه لاتين فى القدس و بيت لحم و الناصره ، و ده خلى البيزنطين فى قسطنطينيه يفتكروا ان ريتشارد بالمعاهده دى بيحاول يحول القدس لمدينه لاتينيه ، فبعت امبراطورهم ايزاك انجيلوس وفد قابل صلاح الدين ، و طلب منه انه يدى الكنايس الارتدوكسيه للمسيحيين الارتدوكس ، زى ما كان الحال أيام الفاطميين ، لكن صلاح الدين رفض و فهمهم انه مش حا يسمح لأى كنيسه بالسيطره على القدس ، و انه حايشرف على الكل. و رفض كمان طلب من ملكة جورجيا بشرا صليب الصلبوت بـ 200.000 دينار .[76]
بعد توقيع الاتفاقيه راح ريتشارد على عكا و وضب شوية حاجات ، و دفع الديون اللى كانت عليه ، و فى يوم 9 اكتوبر 1192 ركب المركب و طلع على اوروبا ، بعد ما قعد يحارب فى الشرق ستاشر شهر [77] ، و بكده انتهت الحمله الصليبيه التالته اللى اتجمعت فيها جيوش امم كتيره و اتقتل فيها الآلاف ، و اللى كان من نتايجها ان ساحل فلسطين من صور ليافا بقى فى ايد الصليبيين رسمى بمعاهده ، و ده كان ميلاد جديد للمملكة الصليبيين جنوب البحر المتوسط . و من ناحيه تانيه ، الحمله هزت صورة صلاح الدين الأيوبى كقائد عسكرى ، و وضحت ان مهاجمة الصليبيين فى الشرق شىء مش سهل و له عواقبه الوخيمه. لكن رغم كده ، مع ان مملكة الصليبيين دى كان اسمها مملكة أورشليم ، و ملكها لقبه ملك أرشليم ، الصليبيين ما قدروش يستولوا على أورشليم [78] ، لكن حلم أخدها فضل يروادهم مية سنه ، لغاية ما سلطان مصر الأشرف خليل كمل اللى بدأه أبوه قلاوون ، ومن قبله الظاهر بيبرس ، و فتح عكا (1291) ، و قضى على مملكة الصليبيين و معاها الحلم الصليبى بأخد القدس.
ريتشارد بعد ما راح اوروبا قبض عليه ليوبولد دوق النمسا جنب ڤيينا و اتهمه بقتل كونراد دو منوتفيرات ، و سلمه للأمبراطور هنرى الساتت ، فحبسه سنه و سابه بعد ما دفع فديه كبيره (مارس 1194). ولما رجع على فرنسا لقى أخوه جون و الملك فيليب اعتدوا على سلطاته و أملاكه ، فدخل فى حرب استمرت خمس سنين ، و انتهت فى 26 مارس 1199 بقتله بسهم صابه من قلعه متمرده فى ليموزين Limousin ، روان. صلاح الدين من جهته كان اتوفى قبله فى 4 مارس 1193 .[79]
فى مقدمة الجزء واحد وتلاتين من " الموسوعه الشاميه فى تاريخ الحروب الصليبية " بيقول المؤرخ السورى سهيل زكار ان الباحث فى تاريخ الحروب الصليبيه بيحس بأهميه كبيره لاحداث الحمله الصليبيه التالته و بيتعجب ازاى انتهت انتصارات صلاح الدين المدويه فى حطين و استرجاع القدس بفا بيره سقوط عكا و انتكاسة صلح الرمله وبتخليه يتساءل عن الاسباب ، ياترى كانت بسبب براعة ريتشارد قلب الاسد و تدفق النجدات من اوروبا ، او كان السبب فى خلل كبير فى النسق العسكرى و الادارى لدولة صلاح الدين ، ولا السبب كان فى داء فى عيلة صلاح الدين .[80] الاسباب دى كلها ممكنه منفرده و مجتمعه ، لكن يتضاف ليها سبب رئيسى و هو ان مصر اللى اعتمد صلاح الدين على مواردها العسكريه و الاقتصاديه كانت انهكت و استنزفت فى الحروب اللى خاضها صلاح الدين قبل الحمله الصليبيه التالته و ما كانتش ممكن تسعفه اكتر من كده. صلاح الدين بشوية العربان و التركمان من غير مصر و امكانيتها ما كانش ممكن يقدر يحقق اى انتصار على الصليبيين لا فى حطين و لا فى غيرها.
شوف كمان
الحمله الصليبيه التانيه | تاريخ الحمله: 1189 - 1192 | الحمله الصليبيه الرابعه |
فهرست وملحوظات
- ↑ الشيال، 2/65
- ↑ أ ب Runciman p.4/3
- ↑ أ ب Runciman p.18/3
- ↑ Maalouf, p.203
- ↑ أ ب الشيال، 2/66
- ↑ Runciman p.7/3
- ↑ Runciman p.8/3
- ↑ Runciman p.9/3
- ↑ الشيال، 2/66-65
- ↑ Runciman p.10/3
- ↑ Runciman p.10-11/3
- ↑ Runciman p.11-13/3
- ↑ Runciman p.13-15/3
- ↑ ابن كثير ، 12/3546
- ↑ Runciman p.15-16/3
- ↑ Runciman p.17/3
- ↑ Runciman p.20/3
- ↑ Runciman p.19-21/3
- ↑ Maalouf, p.205
- ↑ حصن شقيف أرنون حصن جنب بانياس.(ابن واصل، هامش، 2/282)
- ↑ ابن واصل، 2/291
- ↑ Runciman p.23/3
- ↑ Runciman p.25/3
- ↑ ابن واصل، 2/299
- ↑ Runciman p.26/3
- ↑ الخروبه ، حصن بسواحل بحر الشام مشرف على عكا. (القلقشندى ، 3/350)
- ↑ ابن كثير، 12/3543
- ↑ ابن واصل، 2/304-303
- ↑ ابن أيبك، 7/102
- ↑ المقريزى، 1/215
- ↑ ابن كثير، 12/3549
- ↑ ابن واصل، 2/307-305
- ↑ ابن واصل، 2/307
- ↑ ابن واصل، 2/308
- ↑ ابن كثير، 12/3545
- ↑ أ ب Runciman p.27/3
- ↑ Maalouf, p.207
- ↑ Runciman p.33/3
- ↑ Runciman p.34-47/3
- ↑ Runciman p.48/3
- ↑ Runciman p.49/3
- ↑ أ ب Runciman p.50/3
- ↑ ابن أيبك، 7/108-107
- ↑ ابن تغرى، 6/178
- ↑ Runciman p.52-53/3
- ↑ ابن أيبك، 7/109-108
- ↑ أ ب الشيال، 2/70
- ↑ Runciman p.53/3
- ↑ ابن كثير، 12/3542
- ↑ ابن أيبك، 7/110-109
- ↑ بعد ما قضى صلاح الدين على الخلافه الفاطميه فى مصر سنة 1171 ، حل المذهب السنى محل المذهب الشيعى. المصريين ماهمهومش التغيير ده وكل حاجه مشيت طبيعيه. - (Toynbee p.447) - (Maalouf, p.172)
- ↑ ابن واصل، 2/367
- ↑ Runciman p.55/3
- ↑ Runciman p.55-57/3
- ↑ Runciman p.57/3
- ↑ أ ب Maalouf, p.215
- ↑ Runciman p.57-58/3
- ↑ Runciman p.58/3
- ↑ أ ب Runciman p.59/3
- ↑ Runciman p.60/3
- ↑ Runciman p.61/3
- ↑ Runciman p.61-64/3
- ↑ Runciman p.64-65/3
- ↑ Runciman p.65/3
- ↑ Runciman p.67/3
- ↑ ابن واصل، 2/382
- ↑ ابن واصل، 2/387
- ↑ أ ب Runciman p.69/3
- ↑ ابن واصل، 2/395
- ↑ Runciman p.70/3
- ↑ أ ب Runciman p.71/3
- ↑ ابن واصل، 2/398
- ↑ ابن واصل، 2/401
- ↑ أ ب Runciman p.72/3
- ↑ أ ب Runciman p.73/3
- ↑ Runciman p.74/3
- ↑ Runciman p.74-75/3
- ↑ Runciman p.76/3
- ↑ Runciman p.74-76/3
- ↑ سهيل زكار، 4
المصادر والمراجع
- ابن اياس: بدائع الزهور فى وقائع الدهور (6 أجزاء), تحقيق محمد مصطفى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة
- أبو بكر بن عبد الله بن أيبك الدوادارى : كنز الدرر وجامع الغرر ( 9 اجزاء)، مصادر تأريخ مصر الاسلامية ،المعهد الألمانى للآثار الاسلامية، القاهرة 1971.
- ابن تغرى: النجوم الزاهرة فى ملوك مصر و القاهرة، دار الكتب و الوثائق القومية، مركز تحقيق التراث، القاهرة 2005
- ابن كثير : البداية و النهاية (14 جزء)، دار صادر، بيروت 2005
- ابن واصل مفرج القلوب فى أخبار بنى أيوب (5 أجزاء)، دار الفكر العربي، القاهرة.
- جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الاسلامي): تاريخ مصر الاسلامية (جزئين)، دار المعارف، القاهرة 1966.
- القلقشندى : صبح الأعشى|صبح الأعشى فى صناعة الانشا (15 جزء)، دار الفكر، بيروت.
- المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك ( 8 أجزاء) ، دار الكتب، القاهرة 1996.
- سهيل زكار : الموسوعة الشامية فى تاريخ الحروب الصليبية، جزء 31 ، دمشق 1998.
- Amin Maalouf, The Crusades Through Arab Eyes, Schocken books Inc, new York 1984
- (ستيفين رونسيمان)Runciman, Steven, A history of the Crusades (3 parts). Penguin Books, 1987
- ( ارنولد توينبى) Toynbee, Arnold J., Mankind and mother earth, Oxford university press 1976
لينكات خارجيه
- أحمد راسم النفيس: صلاح الدين الأيوبى دمر مصر ... Archived 2010-12-27 at the Wayback Machine