"إن الخيانة الصغيرة مثل الخيانة الكبيرة فإن الاسم وحده عارٌ لا يُغْسل ، لا يقوّم العود الأعوج إلا بالكسر . لالعتوم في اليوم المشهود على مقربة من مشهور
"إن الخيانة الصغيرة مثل الخيانة الكبيرة فإن الاسم وحده عارٌ لا يُغْسل ، لا يقوّم العود الأعوج إلا بالكسر . لا تهاجم لتختبر ، بل هاجم لتقتل . للمعاهدات بين الطرفين زمنٌ ، نحن لسنا من زمنها ، هذا زمن احراق كل السفن من خلفك . قاتل لتنتصر ، فإذا متّ فقد أعذرتَ ؛ ما يضير الشاة سلخها بعد ذبحها. " هل شعرتَ مرةً ان هنالك فكرة تدور في مخيالك ولكنك لا تقدر على وصفها ؟؟ هل شعرت مرةً أن هنالك قلقاً يحثك نحو شيء لا تعرف كنهه ؟؟ هل مرّ بك يوماً سيرة رجلٍ كنتَ تتمنى لو أنك قابلته أو كنتُ رفيقه أو خليله أو صديقه أو تلميذه أو في حياتك ؟؟ هل رأيتَ يوماً وأنت تقلّب صفحة كتاب يفرُ عميقاً لك سيرة أحد الكبار فوددت لو انك كنتَ أنت هذا الكبير ؟؟ هل جاء في طريقك وأنت تُصغي يوماً إلى إذاعة خبر وفاة شخص لا تعرفه فلما أتمّ المذيع الحديث عنه قلت : ليتني كنتُ أعرفه قبل وفاته ؟؟ هنا في هذه الصّفحات يرسمُ العتوم أيمن الرّوائي الأردني سيرةً مَلحميةً صوفيةً ن��اليةً مَوقفيةً لِرجلٍّ أجمع على بطولته اليمين واليسار والبسطاء والحكماء والسّاسة ؟؟ هنا في هذه الصّفحات استنطق الكاتب رُوحاً عربية أردنية منذ أن كان نطفة في سديم الغيب حتى ارتفق على بطولات فردية وجماعية كانت قد ألمت بكل الفضائل وقد أدارها الكاتب على سنان قلمه مُشيراً إلى روابطَ تجد فيها العجب وإن تعجب فعجبٌ قلمه إذ نَهَدَ نحو صحراء الجنوب هنالك حيث الله والبطولة والكرم ، كانت ثلاثية جده لمشهور التي جعل الحفيد يمشّيها كما تتمشّى في الصّعيد الأراقم . . . فلقّن مشهوراً روحاً من أمره مِلاكُها أن يا مشهور إنما أنت مِسحة من الله عندما نفخ فيك من روحه ، ويا مشهور إنما أنت موقف فلا تتعجل قرارك حتى تعد للحدثان سابغة ، ويا مشهور لا شيء كالوطن فهو الاسم الذي لا يعرّف بالحروف وإنما بالمواقف ، ويا مشهور لا تخف من الليل فهو أنيس الجباه السّمر ولا تنظر إلى الخيل بكونها غير ناطقة إنما هي التي تُنصت للجرس الخفي في أنفاسك وتقرأ ما تريد قبل أن تقوم من مقامك ، ويا مشهور ويا مشهور ويا مشهور
قصة مشهور حديثة الجازي الأردني البدوي العربي أحد المقاتلين على مقربة من القدس وأحد الذائدين عن حياض الوطن والدّافعين للفتنة السّبعينية حتى لا تحدث بين الأخوين عندما كانا في غار الوطن وكان الواحد منهم يقول للآخر لا تحزن إن الله معنا ، هذه قصة الكبير الذي الذي تعلّم على يد كلوب باشا ولكنه انقلب عليه لأنه رأى فيه أبا رغال جديد ، إنه الجنديّ الذي كان الوعي عنده منكوزاً بالسّؤال والتّأمل لأنه تعلم من جده أن التّأمل والسّؤال هما بقية من نبوةٍ وما النّبوة سوى سؤال وتأمل فخرج على عسكره في غير زينته ذات يوم قائلاً لهم : يا رفاق السّلاح والوطن إن الواجب وكل الواجب ينادي علينا ان اعتصموا بحب الوطن ولا تفرقوا . . . من الذي فعله أيمن بمشهور ؟ الجواب : لم يكن الأمر بسيطاً ولا سهلاً ولا ميسوراً ولا في متناول اليد فإن أيمن أوّل همز أنامله فمرّ على كلّ ما وقعت عليه عينه مما يتعلق بسنوات قضاها مشهور في حياته فقرأ الأدب في السيرة الذاتية والغيرية ومرر رأس قلمه على كلّ الأحداث والمواقف التي شكلت شخصية مشهور بل وكل الشخصيات التي وردت في الرواية ثمّ كثّف الأفكار حتى تركها تأخذ مواقعها في رأسه وأشار برأس قلمه كما يشير المايستر لفرقته فينقل النغم من آلة لأخرى ومن محترف لآخر حتى استقام له الفريق والفرقة والفيلق من الحروف والكلمات والجمل حاملةً الأفكار لترقد بين الدفتين مشكلةً يوماً مشهوداً قطع فيه أيمن قول كلّ روائيّ يحاول حرف الحرف عن الحقيقة.
هذه تحفة فنية بلغة فصيحة عالية مرر العتوم يده على فانوسها فخرج المارد ملبياً ما يطلب ؟؟ فقال أيمن له :
أريد من زمني ذا أن يبلغني ما ليس يبلغه من نفسه الزمن ...more
أنهيته وأنا أشعر "كم أن الله عظيم" . . . أنهيته وأنا أرى أن الكون "لم يكن جزافاً" . . أنهيته "وقد رتّب كلّ تساؤلاتي ومخا"ليطمئن عقلي" حتى "يطمئن قلبي"
أنهيته وأنا أشعر "كم أن الله عظيم" . . . أنهيته وأنا أرى أن الكون "لم يكن جزافاً" . . أنهيته "وقد رتّب كلّ تساؤلاتي ومخاوفي وجعلني أكثر ثقة بأسئلتي وأكثر جرأة".
كم وقفتَ مع عقلك وأنت تطرد التساؤلات التي تلحُّ عليه غير مرةٍ . . . ؟؟ كم مرة نهضتْ التساؤلات الى عقلك وأنت تتابع خطبة جمعة لكي تصرخ في الخطيب "كلامك غير منطقي" ؟؟ اسكت بالله عليك ؟؟ يا رجل هل أنت مقتنع بما تقول ؟؟ كم مرة كانت لديك الرغبة لكي تحطم شاشة التلفاز لكي تخبر الشيخ أن كلامه هراااااااااااء في نفسيره للقضاء والقدر ؟؟ كم مرة وقفتَ أمام أستاذك الجامعيّ الذي سخّف نظرية دارون لتخبره أن الأمر لا يعالج بهذه الطريقة ؟؟ كم مرة نهدَ التساؤل إلى مضمار روحك بأن الله قد أودع الإجابات في طي كتابه فلم لا أجدها ؟؟ كم مرة شعرت باستاءٍ شديدٍ من كون أن الله الذي ترغب بمعرفته يتقدم لك عبر نماذج تفسيرية على خلاف ما هو في ذاته ؟؟ كم مرة شعرت وأنت تصلي بتساؤل صادم بين الركوع والسّجود وقبل التّسليم يقول لك "ما هذه الحركات التي تقوم بها "؟؟ كم مرة رأيتَ شخصاً غير مسلم تتلألأ وجناته بالسّعادة الحقيقية وهو يجعل رب المسلمين خلف ظهره ؟؟ كم مرة تصاحبتَ مع إنسان لا تمرّ به أي أعراض للمشكلات النفسية وهو لا يكاد يؤدي شعيرة من الشعار التي تواظب أنت على نوافلها بقدر فرائضها ؟؟ كم مرة قرأت عن رحمة الله في قرآنه فيقطع عليك القراءة منظرُ طفلٍ لم يبلغ الرّابعة من عمره قد هشّم البرميل رأسه ؟؟ كم مرة شعرتَ أن صرف التفكير عن تساؤلاتك الملحّة حول الخالق والكون والمعاد هي محض محاولات للهروب منها لا قناعة بأن هذا الهروب هو الحل الأمثل ؟؟ كم مرة قرأت عن تقلّب نظر إبراهيم عليه السلام في السماء متسائلاً عن الرب؟! إنما هي محاولة منه لجذب إنتباه قومه لا شكوكاً حقيقيةً يحاول إبراهيم معالجتها ؟؟ كم مرة كنت ترغب أن تصرخ في الكوكب أنني أتساءل راغباً أن أصل الى الرب الذي أحبه لا الذي تخوفوني منه ؟؟ كم مرة كادت الأرض أن تكون فراشك من شدة الضّحك على بعض التّأويلات العلمية للآيات القرآنية وأنت تريد أن تخبر هذا السّيد أن كتاب الصّف الخامس الإببتدائي في العلوم يرد عليك ؟؟ كم مرة . . . ؟ٍ وكم مرة. . . ؟ وكم مرة . . . ؟ وكم مرةٍ قرأت في حوارات مع الملحدين وشعرت أن الإجابات لا تعنيك بل إن هذه الإجات قد تكون ذات لياقة عالية في مخيال السّائل ولكنها لا تصلح لك ولا لتساؤلاتك ؟؟ بوصلة ذهنية شديدة الوضوح . . . وقلمٍ يسير متئداً مخاطباً العمليات العقلية العليا لكل واقفٍ على شفير السّؤال فهو لم ينسجم مع تقليده في التّدين ولم يركن الى إنكاره لكل ما يتعلق بالرب ووعوده . . .
ينادي عليك العمري بقوله : ما معنى أن تكون الأسئلة سهلةً جداً في الامتحان بحيث يحوز الجميع علامة كاملة..ويتساوى فيها المتفوق بمن لا يعرف شيئا عن المادة؟
ويهمس بين الفترة والأخرى في تضاعيف الكتاب مشراً الى دعاة التناقض في النصوص الإسلامية : " ما من تناقض يدعونه...أو تناقض مررنا في شك بوجوده، ...إلا وكان ثمة شيء عجزنا عن رؤيته يزيح شبهة التناقض.. سيقولون: لكنكم تقصون وتلصقون وترقعون من أجل إزالة التناقض.. في الحقيقة عندما ندقق فيما يفعلون بعدساتهم المكبرة سنجد أن القص واللصق هو ما يفعلونه هم... في الفصول القادمة سنتعرض لأهم ما يدعونه من تناقضات ومشكلات،.. لن نحل كل شيء.. لكن سنرى آليات وطرق في بيان عدم التناقض..."
من كتابٍ جديدٍ للدكتور العمري يحاول أن يربّت على عقولكم بأن القلق حالة صحية فلا تجعلوها طيّ مخاوفكم بل واجهوها بما واجهها إبراهيم عليه السلام . . .
يحاول الكتاب أن يطلب من الجميع "علينا أن نعترف أن الأسئلة منطقية، وأن الكثير من الأجوبة الشائعة قدمت على نحو ضبابي قاد إلى المزيد من التشويش، خاصة بالنسبة لمن لديهم " شكوك" مسبقة."
طول الكتاب وعرضه وأنت تثور لديك تساؤلات تعطيك من طرف التساؤل حلاوة ولكنها تأخذك الى طبقات العقل العميقة تلك المناطق التي نريد من خلالها أن لا نحصل على إجابات معلّبة . . . ولا على إجابات بلاغية تفكّ الإشكالات الوجودية من خلال اللعب على الوعظ البارد والخطاب التخويفي الذي يهمس في أذن التساؤلات أن "عليك ليلاً طويلاً فارقدي" بل يحاول الكتاب أن يقول لنا جميعاً "وأما السائل فلا تنهر" بالضبط يا أتباع محمد عليه السلام . . . اجعلوا تساؤلات النّاس تخرج من طي خلواتهم الى طاولة البحث والنقاش بل حتى تلك التساؤلات التي في منظوركم فيها وقاحة مع الله ومع نبيه ومع دينه لا تحاكموها ولا تصادروها فقط اجعلوها تحت الضّوء فالذي يمحلها بين جنبيه إنما يحاول أن يصل الى الله ولكن بقناعته وتذكروا أن الصّفحة الأولى من سورة "ق" بدأت بنفي البعث جملةً وتفصيلاً فلم يكن الرد بالعذاب ولا العقاب بل بايراد دلائل كونية ملموسة متوافرة في المحيط للسائلين ثم كان الجواب لهم "كذلك الخروج" . . .
طريقتك في التفكير ؟؟ وطريقتك في النّظر إلى الأمور والنّصوص والحقائق . . . هي التي تحدد تعاملك وأحكامك معها فتعال في البداية لكي نتعرف على مجموعة من الطرائق التي يفكر بها أولئك المرتابون من خلال تساؤلاتهم حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الحقيقة . . ....more
إنه من أيمن . . . وإنها رواية يوسف . . . فلا تتعالو عليها وأتوها قارئين . . .
قال روبيل : "دعونا نمر بال"الحب إذا تمكن من الفؤاد بدا في العينين . . ."
إنه من أيمن . . . وإنها رواية يوسف . . . فلا تتعالو عليها وأتوها قارئين . . .
قال روبيل : "دعونا نمر بالبئر" فردّ يهوذا : "لا والله لا يكون" . . . "البئر يوسف" "البئر غيابه" "البئر ذكراه" "البئر حتفه" "البئر اخوانا" "البئر خطيئتنا" ينفخ الروح في اللغة لكي تقف مشرئبةً بعنقها نحو العير ، تلك التي أقبلت من بعيد فتقبض الحروف على قلبها خشية أن تتصدعا . . . يمسكُ بتلابيب الكلمات مخاطِباً إياها استقيمي لأنّك في هذه المرة سوف تحملين على عاتقك تجربةً قدسيةً إلهيةً يوسفيةً . . . يُنادي من على ناصيةِ الكبرياءِ اللغوي مخاطباً المشاعر "وهيت لكِ" . . . ولا تتمنعي فإنني أسيل لك المداد حتى تتأجج الرّغبةُ في كل الشّرايين ويتهيجُ الشّغف في كلّ الجسد . . . فما كانت اللغة إلا أن انقادت إليه بكلّ فنونها وأفنانها مقبلةً إليه غير مدبرةٍ عنه قائلةً له : يا أيمن إن الموقف عسير وإن البضاعةَ مزجاة فما الصّنيعةُ الآن . . . فيخبرها الأيمنُ أنّ في الْجب حياةً لمن أغمض بصره وفتّح بصيرته . . وإنّ في القميصِ عَبَقُ الذّكريات التي تبكيك حُزناً على الغصن الرّطيب وتضحكك فرحاً بالنهايات . . . يا يعقوب . . . إن قلق السّؤال هو الجواب . . . وإن في صحراء الأبناء واحة خضراء أنيقة اسمها يوسف . . . تعال يا يعقوب لكي تنظر بتلك العين التي ابيضت بعد حمرة قانية . . . وتعال فاقبض قبضة من أثر يوسف . . . يا تلك الشهية زُليخة التي نهضت بجسدها نحو يوسف ولم يكن الأمر من صنع يديها بل من فعل صفحة وجهه ومن جمال هيئته بل من لمعان عنقه بل من انسياب قدرة الخالق على شكل المخلوق فما نطقت بأنها هي التي راودته عن نفسه إلا لأنها تعلم أن تلك السّكاكين التي حزّت براجم أنامل المترفات في المدينة إنما لسطوع نور جسده على ظلام أرواحهنّ فنطقن بالحال والمقال "ما هذا بشرا" نعم لأن للبشر إقبالاً وإدباراً في الجمال . . . ولكن هذا الجمال يشفُّ عن قصة فريدةٍ بالخلق لأنه صنيعة يد الرّب الذي يريد بها النّبي أن يكون سَلوةً لخاتم الأنبياء . . . إني أنا يوسف . . . ياااااااااااااااااه . . . بعد أن أنهكه ذِكرُ يوسف محموولاً على "تاء" التّعب تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضاً او تكون من الهالكين . . . ؟؟ استنكارٌ من أبناء شاهدوا في أبيهم وفاةً قبل وفاته . . . حزناً على روحه التي انسربت من جسده . . . إنه أيمن وإنه يوسف وإنها الرواية . . . من تلك اللحظة التي قال فيها الأب للابن يا بني إياك أن تنبس ببنت شفة لاخوتك فإني بمكرهم أعلم وبقلبك أدرى . . . مروراً بتلك اللحظة التي طلب الأب من أبنائه أن يدخلوا من أبوابٍ متفرقةٍ حتى يتسنى لهم البحث عن يوسف إلى تلك اللحظة التي خرّ الجميعُ له سجداً طلباً للمغفرة لأنهم اتبعوا خطوات الشيطان فما كان من الكبير والكريم إلا أن ربّت على أكتافهم بان لا تثريب عليكم بل وأقْبِلوا فأنتم الطلقاء . . . كالعادة الأنيقة لقلمه يفتش الأيمن بقلمه في تضاعيف النفس الإنسانية ويحفر في قاع أرواحنا لكي يهزّ جذوعها فينهض الوعي بالأرواح . . .
السّيرة مُستمرّة في تقويم السّلوك الإنساني . . . أن تدركَ إدراكاً واعياً أن النّبوة لم تكن نُزهةً على شاطىء البوسفور ؟ أن تعلمَ أنّ الوحي كان يتدخلُ فقالسّيرة مُستمرّة في تقويم السّلوك الإنساني . . . أن تدركَ إدراكاً واعياً أن النّبوة لم تكن نُزهةً على شاطىء البوسفور ؟ أن تعلمَ أنّ الوحي كان يتدخلُ فقط لِتوضيح موقفٍ أو لشدّ الأزر ولكنه لم يأخذ عن النّبي مَهمة تَجفيف الْعرق في رحلته إلى الطّائف ؟؟ ولم يكن الوحي هو الذي خفف عنه ليلة "اقرأ" ما به من رجفة للجسد وخفقة للقلب ؟؟ ولم يكن الوحي معه عندما سال "الجزور" على ظهره لكي يمنعهم ؟؟ ولَمْ يجيء الوحي لكي يُعاتِبه بأمنيته لأبي جهل ويخبره أن الأمر مَوقوفٌ على ابن الخطاب ؟؟ ولم يجيء إليه ويحذّرهُ من الذّهاب ودعوة النّاس لأن أبا لهب سوف يشتمه ؟؟ أن تدرك أنّ النّبوة جاءت لكي تُحطّم لك التّجارب الخارقة للعادة ومفاهيمَ الإتكاء على التّدخل الإلهي الذي يجيء لكل مُلتحف بكسله . . . بل جاءت النّبوة لكي تخبركَ أن السّنن الكونية والإجتماعية هي التي تبقت من النّبوة لكلّ راغبٍ في السّير على خطى النّبي عليه السّلام في رحلته نحو "أخ كريم وابن اخ كريم" . . . جاءت السّيرة المكية برفقة العمري لكي تُخبرك أنها لا تَصلح لِقصص ما قبل النوم ؟؟ بل جاءت لكي تقول : يا أيها المدثر بالفردوس المستعار قم فأنذر واجعل زيّك قريباً من نفوس قومك حتى تألف العين الجمال فتدخل الكلمة الى القلب . . . وجاءت السيرة المكية لكي تخبرك أن كثيراً من مفاهيمنا قد "شُبّهت علينا" أو أننا ننبسطُ بأن نجعلها تتشابه علينا . . . جاءت السّيرة المكية برفقة العمري لكي تُخبرك أن سورتي المدثر والمزمل لم تكونا خصيصة للنبي بل تنسحبان عليك أيها المسلم ؟؟ جاءت السّيرة المكية برفقة العمري لكي تُخبرنا أن الصّعوبات ليست شرطاً لصحة الطّريق بل قد تكون شرطاً لسوء استخدام السّنن وفهمها ؟؟ جاءت السّيرة المكية برفقة العمري لكي تنتقل بالمسلم من الفردي الى الجماعي الى الإجتماعي ؟؟ جاءت السّيرة المكية برفقة العمري لكي تنادي على المسلم وتحذّره من أن يحسب الشحم فيمن شحمه الورم ؟؟ جاءت السّيرة المكية برفقة العمري لكي تنبّه المسلم أن الولادة على الفطرة ليست منحةً في ذاتها بل مِنحةً في جوف مِحنةٍ إن لم تتقن فنّ التعامل معها فسوف تواجه بـ "لا تعلم ماذا احدثوا بعدك" جاءت السّيرة المكية برفقة العمري لكي تُنادي بالجموع أن الإسلام ليس حلاً جاهزاً يكون من خلال التّسابق نحو السّجون لأنها طريق يوسُف عليه ا��سّلام للسيادة ؟؟ جاءت السّيرة المستمرة محمولة على تساؤلات أكثر من الإجابات . . . كيف تكون المصاهرة توثيق للأنساب وتعميقاً للرسالة ؟؟ كيف يخوض النّبي عليه السّلام لعبة القوى وتحريكها بذكاء في هجرته إلى الطّائف ؟؟ كيف استطاع النّبي عليه السّلام أن يجعل من استجارته بالمطعم بن عدي معول بناء لا خيمة هروب ؟؟ لِمَ يأسف العمري على أن رواية حديث "اللهم اني اشكو اليك ضعف قوتي" ضعيفة ؟؟ كيف يلتقي الحس العقلي مع الرّواية الصحيحة في نقض رواية انشقاق القمر ؟؟ بم استحق عمرو بن هشام أن يتمنى النّبي عليه السّلام أن يعتز الإسلام به ؟؟ لم كان الأذى الذي تلقاه النّبي عليه السّلام في الطّائف أشد من أحد ؟ ما العلاقة بين "ن" ويونس وتجربة النّبي الأولى ؟؟ لِمَ كان الرّبط بين حوت يونس ذاته وتجربة النّبي عليه السّلام ؟؟ ما علاقة حرب الفجار والأحلاف من العشائر فيها بتجربة النّبي المكية ؟
من جديد لا يأسف العمري على الإزعاج . . . ومن جديد يقوم بالحفر وبدون "بنج" . . . ومن جديد يتناول السّيرة المكية بزاوية نظر من بعد جديد . . . وجاءت الإعتراضاتُ التي طافت بالكتاب قبل وصوله لأيدي بعض المعترضين وإذا بها شبيهة بتلك الإعتراضات التي نالت من الحبيب محمد عليه السّلام في رحلته حتى قبل أن يستمع بعض القوم له فكم من "مفسبكٍ" غمز في قناة العمري وصادر الأربعمائة صفحة لأن الحديث عن الطير الأبابيل لم ترق له الفكرة فأصبح الكتاب كلّه في عداد "الفزلكة" . . . وكم من "زميل قلم" للعمري ناصبه العداء فقط لأن النّبي محمد عليه السلام يجب أن يكون ضامر الصّحة حتى يستوي ما درسناه وإن نقض العقل وإن كان ابو طالب الكفيل لابن اخيه متخماً بالمال . . . وعلى مقربةٍ عِمامة تهيم حباً بالنّبي عليه السّلام نظرت إلى العمري من عَلٍ لأنّه لم يخبرهم أنه رأي الشّرفات تسقط بعينه وأنه رأى آثار نار المجوس وهي مطفأة بل ويستنكر ذاك المشبع بالروح البوصيرية أن العمري لم يُقْسِم أن هنالك روايةً تاريخية صحيحة تثبت أن المجوس باتوا ليلتهم فزعين من سوء ما بشروا به . . . . تلك هي السّيرة المكية المستمرة والتي كانت بوصلتها قرآنية لنفهم سيرة الخليفة القادم
أما تساؤلي الإستنكاري فهو : كيف يتحدث في السيرة النبوية من دراسته في الطب ولا مشايخ لديه ولم نشاهده في برنامج فتاوى ؟؟
أيمن العتوم في الحشر يقول الكاتب دانييل جرانيين في تقديمه لرائعة دوستوفيسكي "الجريمة والعقاب" : إن ليف تولستوي يساعدنا على إدراك الإنسان ، ويطلِعُنا عأيمن العتوم في الحشر يقول الكاتب دانييل جرانيين في تقديمه لرائعة دوستوفيسكي "الجريمة والعقاب" : إن ليف تولستوي يساعدنا على إدراك الإنسان ، ويطلِعُنا على تطوّر شخصيته ، وعلى منابع أفكاره ، ويقودنا الى أعماق روحه . . . ولكن دوستوفيسكي يُساعدنا على إدراك استحالة معرفة الإنسان ، ويطلعنا على لا محدوديته ، وعلى فوضى مشاعره . . . ولكنني أضيف أثفية ثالثةً على قول دانييل إن أيمن العتوم يغوص بنا لجج الإنسان ويقلّب أحواله حتى لكأنك تعرفه حقّ المعرفة ولكن ما إن تترك النّص العتوميّ وتدقق النظرَ في تفاصيلِكَ تلك التي نَصَبَ اشرعتها العتوم فيك فإن بصيرتك ترتد إليك خاسئةً مُتسائلةً أيّ مَفازةٍ تلكَ التي أوغل التفكير فيها العتوم بل كيف استطاعَ هذا الرّجل أن ينتقلَ بقلمهِ من أداة للكتابة على ظهر الورقة البيضاء إلى أن تصبحَ مِبضعاً لِجرّاحٍ ماهرٍ يُمررها في شريان الأمة لعل نبض وعيها يرجع إليها ولو بعد حين . . . ففي روايته الأخيرة تسعة عشر يذكر لنا أيمن كيف حذّره أستاذ التربية الاسلامية في الصف الاول ثانوي من الشعر ومن كتب المعري ويكأن الأستاذ قد فتح له أبوابَ المعرفةِ بتثبيته على الشّعر وينبشُ في المكتبةِ عن كتب الْمعري ويمرُّ بها قراءةً وقد حصل . . . حملةٌ تعريفيةٌ بمئات الكتاب والشّعراء والفلاسفة والمفكرين والأدباء وبأعمالهم بل والإنسراب إلى حياتهم وبعض خصوصيتها حيث يدير العتوم قَلَمهُ على موقف الحشر فينهضُ الرّاوي بعد أن غادره كثير من الأقارب وبعض الأصدقاء بآلاف السنين فتبدأ ملحمة اللقاءات والعقد التي لا حلّ لها إلا إذا أدار الرواي مفتاح الحل في ثقب القفل فمثلاً يدخل مكتبة مكونة من تسعة عشر طابقاً ولا يقدر على الخروج من أي طابق الى الآخر إلا بان يستوفي المكتبة كلّها قراءة وهذا الأمر عسير لأن الطّابق الواحد يحوي مئات الآلاف من الكتب فما العمل ؟؟ وأنت تقرأ تسأل وتتساءل أهي استعراضٌ للثقافة عند أيمن ؟؟ أم هي رغبة في رفقة الكبار الذين تعذر لقاؤهم في الدنيا فأسعفه الخيال بذلك ؟؟ . . . ام أنه رأى أن الجيلَ فيهِ خيرات كثيرات والحاجةُ ملحّة أن نقرّب الكتاب إلى نُفوسهم فما كان من طريقة ميسورةٍ سوى أن نجعلَ القلم سائِغاً لأذواقِهم فنجعلُ اللطف في الخطاب مَحمولاً على ما رقّ من حروف ؟؟ أم أنه يُعْمِلُ قَلَمَهُ في أغوار النّفس الإنسانيةِ لِيخْبُرَ أسرارها المخبوءةَ تحت سن القلم ؟؟ . . . وينبشُ في تضاعيف المعاجم فيكسو عِظامها لَحماً وينفخُ الرّوح في ما كان منها راقداً فهناكَ حشفُ التّمرِ وهنا المِغزل الذي دار على بِشر الحافي لحظة تصوّف عابرة . . . وهنالك اشتجرت دموع في خدود . . . والحكمة دارت دورتها على رايته فتجدهُ يُنبِهُنا الى أنّ الكبيرَ لا يَبكي عليهِ الصّغار . . . ومرةً يُخْبِرُنا أنّ اختلاطَ الجهات لا يُخرجنا سوى العقل منه . . . وغيرَ مرةٍ يخبرنا أنّه هَرَبَ من قسوةِ الإحتمال إلى طراوة الذّكريات . . . وهناك نُصغي وهو يردد صدى صوت ماري كوري عندما قالت : لا نخاف إلا مما نَجهل . . . أما التوطئة التي وطّأ بها الرّاوي للقائه بالمتنبي فكانت تَسْلِبُ الأنفاس كتلك الموسيقى الملحمية التي كانت في فيلم mad max فيمشي الرّاوي على مُكثٍ والرّيشة الموقظة للقبور تهتزّ في يده كأنّها جانٌ وخطواته تتهادى بين القبور ، فلما وَصَلَ الكاتب إلى أبي الطيب في رُقاده "كادت النّفس تزهق" فرحاً بمن سيقابل . . . وفي الرواية مساحة شاسعة لثقافة الراوي وتقلبه في فنون المعرفة ولكنه يبرز هنالك في تلك المنطقة الأنيقة "اللغة وآدابها" فلك أن تنظر من سودٍ صوادق في الدجى عندما تنقّل الراوي بالبيت العظيم : إذا اشتبكت دموع في خدود تبيّن من بكى ممن تباكى هزّ الرّاوي جذع المعجمِ فتساقَطَتْ عليه مِنْهُ مترادفات (اشتبكت ، اشتجرت ، اشتبهت ، اشتعلت ، اشتهرت ) ولكنها في ترادفها الظّاهر جعل الرّاوي كلّ واحدة منهنّ تدور في فلك مستقبلّ بالمعنى التي تحمِلُه أو بالمعاني التي تحمل البيت كلّه . . . رواية تسعة عشر تحمل في طياتها أرواح السادة من الكبار من عقول الإنسانية الجمعاء وتحاول أن تكون لبنة في مدماك التثاقف الإنساني لعل المهدي الذي يسكنُ في قلب كلّ واحدٍ منّا يجدُ طريقه لكي يخرج للأمة وينادي بها أن اقبلوا الى الكتاب . . . لأن المجد يحني الرأس للقرّاء