What do you think?
Rate this book
275 pages, Paperback
Published November 7, 2008
لا يمكن بدون وجود الشيطان ان تفسر سقوط الإنسان على الأرض!
علمني كيف أرضي الله، هل أتوقف عن السرقة مؤقتاً ام أسرق كثيراً ثم أقدم للكنيسة أكبر شمعة؟
لا يمكنك ان تسرق ولو دجاجة من غير تعب، هذا معروف!
ما أكثر ما رأيت من امثاله، يزحفون ليلاً امام وجه الله، وفي النهار يدوسون صدور الناس بلا رحمة. لقد هبطوا بالله حتى جعلوه يتستر على قذاراتهم يساومونه ويرشونه كمن يقول: - لا تنسى، يا إلهي،كم قدمت لك!
قد يخطئ العقل في أبحاثه، لكن من غير اللائق، وليس من التقوى ان يعيش الإنسان مثل أحمق.
الليل عابق بأنفاس الأزهار الدافئة، وتبدو أشجار التفاح مثل فتيات ذاهبات الى الكنيسة للمناولة، وهن يرتدين الأزرق في لجين القمر. يقرع الحارس الجرس إيذاناً بالصلاة، فيصرخ الفولاذ مقهوراً في السكون، فيما يجلس أمامي شخص ذو وجه جليدي، وبطمأنينة يرمي بكلام ميت، فتتداخل كلماته الباهتة مثل الرماد، وأشعر بالحزن والحسرة وأنا ارى امامي ورقاً لمّاعاً بدلاً من الذهب.
الأجراس ترتعش مثل طيور تتأهب لتنطلق وراء تغريدها، وفي كل مكان تحمرّ رؤوس الناس تحت أشعة الشمس، كأنها أزهار شقائق النعمان المخملية.
لا اله في العالم سواك، انت الإله القادر على صنع المعجزات!
"من يرشد الروح إلى طريقها؟ هل عليها أن تقترب من الدنيا، أم أن تبتعد عنها؟ ماذا علينا أن نقبل، وماذا علينا أن نرفض؟"
إنه لسان حالنا جميعاً... كم وددت لو انتهت هذه القصة على نحو مختلف، لاستحقت حينها النجوم الخمس. و لكن ليس كل ما يتمناه القارئ من الرواية يدركه، لأنها في النهاية نتاج رؤية و عقيدة كاتبها، و قد كان "غوركي" شيوعياً قُحاً يرى في كفاح البروليتاريا خلاص البشر من آلامهم و تخبطهم.
باختصار تنقسم حياة بطلنا "ماتفي" إلى ثلاث مراحل: في المرحلة الأولى عاش طفولته في كنف الشماس "لاريون" و تشرب أفكاره الروحانية الغضة عن الإله و الحياة و التي ليته لم ينسها فيما أتى؛ بعد وفاة "لاريون" بدأت المرحلة الثانية و الأصعب في حياة "ماتفي"، قضاها في الترحال ما بين الأديرة و الكنائس، فوجد كهنة و رهباناً يتظاهرون بالتقوى و يضمرون الفساد، و فلاحين غارقين في ديونهم منكبين على عملهم كالبهائم، و محاسبين مثل "تيتوف" ينصاعون لجشع أسيادهم، فيمتصون دماء هؤلاء الفلاحين حتى آخر قطرة؛ فيما يحاول "ماتفي" بين هذا كله الوصول إلى ماهية الإله و يفشل إلى أن يقابل يهوذييل (أو أيونا) فتبدأ المرحلة الثالثة من حياته، حيث تتبدل أفكاره بعد أن كان يبحث عن الله في نفسه ليجد الإله في جموع العمال المكافحين الشجعان، إذ ما فائدة الدين إذا جعلنا مشغولين بذواتنا لا نتخطاها إلى هموم البشر من حولنا و نشاركهم فيها. "و بدلاً من سؤالي أين الله، برز سؤال جديد هو: من أنا، و لماذا أنا موجود؟ ألكي أبحث عن الله" . أراد "غوركي" للبطل أن يجد ضالته في المصانع وسط طبقة البروليتاريا... لا بأس! و إن كنت أظن أن معظمنا لن يصل إلى كنه الإله و غاية الوجود من خلال الأيديولوجيات التي صنعها بشر مثلنا.
تحية واجبة إلى مترجمة هذا العمل د. فيروز نيوف لسلاسة ترجمتها و حفاظها على روح النص الصادق العذب كأنما نقرأه بلغته الأصلية... "اعتراف أين الله" من الروايات القليلة التي توقفت أثناء قراءتها كثيراً لأسجل منها الاقتباسات في أجندتي. إليكم بعض منها:
*إن أجمل الصلوات قداس الجناز، ففيه رأفة بالإنسان و شفقة عليه. ذلك أن الناس عندنا لم يعتادوا أن يشفقوا على ��حد إلا على الموتى!
*و لا يمكنك أن تدرك لماذا أفلس هذا الإنسان، و ما الذي حطمه؟ الجميع يبدون عميان، يسهل أن يتعثروا على الدرب، نادراً ما نسمع منهم كلمة حية آتية من الصميم..... يلتقطون أقوال الرهبان المجاذيب و، و مواعظ النساك و أصحاب النذور، و يتبادلونها فيما بينهم، كما يتبادل الأطفال شظايا الأواني المكسورة عندما يلعبون. و أخيراً، لا أرى بشراَ، بل حطام حياة مدمرة، غباراُ بشرياً قذراً يتطاير في الأرض، تجمعه رياح مختلفة لتلقي به أمام ساحات الكنائس.
* و في لجة طمعنا الحقير أضعنا قيمة المرأة، و جعلنا منها تسلية لنا، و حيواناً أليفاً ينجز الأعمال. و لهذا لم تعد المرأة تلد من ينقذ الحياة، و لا تبذر في الأرض إلا المشوهين، تنجب ضغفنا البشري.