نبذة الناشر: هذه "المختارات" شعراً ونثراً شعرياً، صدرت عام 1984 في الذكرى الأولى لغياب ناديا تويني، وضع لها أنسي الحاج توطئة قصيرة هي بمثابة الشهادة في مسار الشاعرة، وشارك في الترجمات أنسي الحاج، أدونيس، وهنري فريد صعب.
قيمة هذه الطبعة الجديدة أنها بمثابة انتولوجيا شاملة، تأتي في إطار مجموعة كاملة بالعربية لشعر ناديا تويني في ثمانية كتب، منها ما كان قد نشر جزئياً، ومنها ما أعيدت ترجمته بحيث تضم المجموعة ترجمتين مختلفتين، واحدة كاملة وفق الديوان الفرنسي الأصلي، وواحدة مجتزأة في "المختارات" فضلاً عما لم يكن نُشر بالعربية قط.
هكذا يصير في وسع جيل جديد من القراء، ممن لم يعاصر الشاعرة أو تعرّف إليها لماماً، عبر منشورات ومقالات متناثرة، أن يتمتع بمطالعة شاملة متناسقة النشر إنما متنوعة في مناهج الترجمة والتقديم. الأمر الذي نرجو أن يوفّق بين المقارنة الدراسية والمتعة الجمالية.
مقدمة الطبعة الأولى، وقد وضعها بول شاوول، نعيد نشرها كوثيقة، مع مقدمة جديدة بقلم زهيدة درويش جبور، الأستاذة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، من منظار ناديا تويني بعد عشرين سنة.
سيرة ناديا تويني هي حكاية قصائدها، إلهامها وصراعها مع الأيام التي عاشتها إبداعا لافتا ولدت 8 تموز 1935م، من المدينة الشوفية، بعقلين، حملت ناديا إيمانها بالأرض والعشيرة والتراث، وعشقها للأشجار والأزهار، وشغفها برموز الجبل وما منه وما عليه. كذلك تعلقها اللامتناهي بامرأة الجبل الممثلة بجدتها (ستي هند)، والدة محمد علي.
أما والدتها مارغريت مالاكان، فاقتبست منها جماليات اللغة الفرنسية التي أتقنتها قدر العربية، بل قليلاً أكثر، كأداة تعبير شعرية ظلت دفينة في (لا وعيها) إلى أن فجّرت ذلك فاجعة وفاة ابنتها الطفلة نايلة، فكان ديوانها الأول: (النصوص الشقراء)... نشرته في بيروت 1963م مزيّناً برسومٍ منها، ثم ندمت على (التسرع)!
تزوّجت من غسّان تويني وهي بعد صبية، في أثينا حيث كان والدها سفيراً وكانت هي في صميم تحصيلها الجامعي بالفرنسية واليونانية. وكانت قد تتلمذت في بعقلين أولاً ثم في مدرسة راهبات البيزنسون فمدرسة (اللاييك)، الكلية العلمانية الفرنسية. ولم يتسنّ لها بسبب زواجها 1954م أن تكمل شهادة الحقوق.
منذ 1963م، عاشت صراعها مع المرض الهاجس: هل كان قابعاً فيها فأورثته إلى ابنتها؟ أم هو (مقدر) وحّد الاثنتين؟ وكانت دواوينها الخمسة تُنشر تباعاً، تسجّل تفاعل مأساتها الشخصية ومأساة أرضها: (عصر الزبد) 1965م، (حزيران والكافرات) 1968م، (قصائد من أجل قصة) 1972م الديوان الذي نال جائزة الأكاديمية الفرنسية، (حالم الأرض) 1975م، (لبنان: عشرون قصيدة من أجل حب) 1979م، (محفوظات لحرب في لبنان) 1982م.
ولم يمنعها تقدّم المرض من وضع سيناريو مسرحية غنائية لمهرجانات بعلبك عام 1970م، كتبت نصوصها وقصائدها مع أنسي الحاج وطلال حيدر. كما لم تصرفها صحتها عن إلقاء عدد كبير من المحاضرات والأحاديث بالعربية والفرنسية، وبالإنكليزية خلال وجودها في نيويورك زمن كان غسان سفيراً لدى الأمم المتحدة، فساهمت بكل النشاطات السياسية والثقافية والإعلامية، منها سيناريو و(كلام) فيلم لمارون بغدادي عن الجنوب والاجتياح الإسرائيلي، عُرض في مجلس الأمن بعنوان (حكاية قرية وحرب) 1980م.
بعد وفاتها في حزيران 1983م في بيت مري، صدر لها في باريس ديوان نصوص غير منشورة بعنوان (الأرض الموقوفة) ومنها آخر مجموعة من ست قصائد وضعتنها في الفرنسية والإنكليزية: (تموز من ذاكرتي). ونشرت أكثر من دار فرنسية مختارات من شعرها، منها واحدة (لدى (هاشيت)) مزيّنة بصور من لبنان المدمّر بعد الحرب بعنوان (من نافذتي اللابيت لها).
كما صدر لها وعنها، في (دار النهار) عدد من النصوص (بينها مذكرات ومحاضرات ومقالات متفرقة) والكتب والترجمات والدراسات... ولا يزال!